يا ماء ... يا سيد الغرائز يا سما يتخثر في الحبر ويقتل كتابة طائشة يا روح اليأس ..
عقرت اللغة كناقة تدمدم في ثمود الوحش وثمار الإنجيل في جذاذة الوحم والوحي .. زعم إبريق الحانة ونادل فقير رث الروح أن كيمياء ستنقذ الغريب وزعم الفيزيائي أني سأحيا وان مت سأحيا وان نزوعي وعر كالتلال ..
يا ماء ... يا سيد الغرائز يا نبعا من النزيف يشق جمجمتي ويدرس الحواس يا صوت الجفاف ..
ضاقت الروح في أقفاصها والجسد تخمر في أمعاء ذهبت نسيجا وشباكا.. صار قلبي عنكبوت يترصد دورة دمي الميت .. يرسم تكرار الفاجعة كالخطر اليومي ويحدثني عن حب ألف امرأة في ذات اللحظة..
يا ماء .. هذا المساء غادرت الروح مستودعها ألف مراهقة أخبرت أني خطيئتها البكر وتنازعن عن حبهن لي وكنت على شفا الحلم مشاعا تتكدس من فوقي شفاه ونهود...
يا ماء قادني الحلم بينهن كطائر يخبط في أودية عمياء أزدرد صدورهن والليل يرتشف معهن خصوبتي...
يا ماء عطشت عظامي تشققت وهنت قدماي سقطت على الأرض خاشعا الا من صوت رعودك وبروقك وصواقعك ...
يا ماء ... حدثت أساطير الغابرين عن وحي الغريبة في غيمك ورأيتها أنا الميت المعمد بملح المتوسط تربط الصاعقة بالصاعقة وتخيط ببرق ثوب سحابك الممزق في مخالب الريح ...
يا ماء .. نزفت الغريبة على الأرض كل الأرض الا أرضي ..
يا ماء .. عانق الشوك خصري وأدمت أهدابي شموس القحط ورأيتك ربيع الغريبة يطوق العالم ..
يا ماء .. يا محدثا التواريخ الطائشة ويا سما ينزل على أجفاني الدارسة .. قل للغريبة أن تقرأ مواسم الروح ، أن تمدني بنجمة من سماء وهبتها الريم والغزال .. قل لفراشها النائم على صدر ملاك أن يأتي ليأخذ من كفي صورة انسان ..
يا ماء .. سقطت ذراعي بين الحقول ، تركت عند أول نبع رسالة كتبها الحلم ، كسرت الحصى وخبأت فيها عرق قلبي ، شربت من نزيف لغة بكر ، احتضنت ساقي المكسورة ورميتها طعاما للوحش ، وصنعت من أسمالي جناحين للنسر الهائم كي يهيم أكثر ..
يا ماء .. كم نزفت جراح الغريبة وكم ارتوت الأرض من غيمها ولم تنصفها الآلهة..
يا ماء .. هي الغريبة وان قست فشافعها أن وهبت العالم جراحها ووهبت الحزن طعم الأمنيات وزرعت بلسما يعيد الموتى أحياء وصوتا يخرس صوت البنادق ..
ياماء .. يا مثلي الشريد.. كنت تعرف أنها مولودة من رصاص وأرض ومن أجراس الكنائس ومن قصيدة غابرة كتبتها أصابع التمرد الأولى..