عواصم - (وكالات): أدلى الإيرانيون بأصواتهم في انتخابات الرئاسة أمس على وقع أزمات سياسية واقتصادية تعيشها البلاد، فيما يطمح الإصلاحيون الملتفون حول المرشح الأوحد حسن روحاني إلى الفوز فيها على 4 محافظين منقسمين، بعد 4 سنوات على إعادة انتخاب محمود أحمدي نجاد وما واكب ذلك من احتجاجات وجدل.
من جهته، كان المرشد آية الله علي خامنئي الذي دعا إلى مشاركة كثيفة بدون أن يبدي دعمه علناً لأي من المرشحين، من أوائل الذين أدلوا بأصواتهم بعيد فتح مراكز الاقتراع، بحسب مشاهد عرضها التلفزيون.
وقال خامنئي بعدما أدلى بصوته «ليشارك الشعب لأن الأمر يتعلق بمستقبل البلاد» مضيفاً «أنصح الجميع بالتصويت وبالتصويت منذ ساعات النهار الأولى».
وأوضح خامنئي أن «ازدهار البلاد وسعادتها يتوقفان على اختياركم الشخص الصالح ومشاركتكم في الانتخابات» مؤكداً أن «الأعداء يحاولون ردع الناخبين عن التصويت وإحباط عزيمتهم». لكن المقرر الخاص للأمم المتحدة لحقوق الإنسان في إيران أحمد شهيد رأى أن المناخ السياسي لا يسمح بوصف الاقتراع «بالحر والعادل» بينما دانت واشنطن «غياب الشفافية» واستبعدت «تغييراً» في البلاد. ودعي أكثر من 50.5 مليون ناخب إلى صناديق الاقتراع لاختيار رئيس لأربع سنوات خلفاً لمحمود أحمدي نجاد.
وفتحت مراكز الاقتراع أبوابها في الساعة الثامنة صباحاً، لكن وزير الداخلية مصطفى محمد نجار أعلن أن الاقتراع سيمدد نظراً للإقبال الكبير للناخبين.
وقال صحافيون في طهران إن المشاركة تبدو مرتفعة نسبياً في العاصمة.
وعبر الرئيس الأسبق أكبر هاشمي رفسنجاني المؤيد للمرشح الإصلاحي حسن روحاني عن الأمل أن تؤدي الانتخابات الرئاسية إلى مزيد من «التلاحم» الوطني لمواجهة «المخاطر الداخلية والخارجية». وقال بعد الإدلاء بصوته في مسجد جمران شمال طهران «ينبغي تجنب الخلافات وهي سموم»، بحسب ما نقلت عنه وسائل الإعلام المحلية.
وكان رفسنجاني دعا إلى التصويت لحسن روحاني، رجل الدين المعتدل الذي يتنافس بشكل أساسي مع 3 مرشحين محافظين هم وزير الخارجية السابق علي أكبر ولايتي ورئيس بلدية طهران محمد باقر قاليباف وكبير المفاوضين في الملف النووي سعيد جليلي. ودعا روحاني الذي اقترع في جنوب طهران إلى تعبئة الناخبين. وقال «لا تفكروا أنكم إن امتنعتم عن الانتخاب فستحلون أي مشكلة. إنه مستقبل الأمة. من بين المرشحين، اختاروا من يستطيع على الأقل تلبية الحد الأدنى من مطالب الشعب».
من جهته، طلب قاليباف من جميع المرشحين «احترام أصوات الناخبين» مؤكداً أنه يريد «إجراء تغييرات مهمة» في حال انتخابه.
أما أكبر ولايتي فطلب «من جميع الإيرانيين التصويت لأن أصواتهم تجديد لدعمهم لإيران». أما رئيس مجلس تشخيص مصلحة النظام أية الله أحمد جنتي الذي يشرف على الانتخابات، فقال إن الناخبين عند التصويت «يقحمون إصبعا في عيون الأعداء» مؤكداً أنه «يراقب انتظام الاستحقاق».
من جانبه، أكد جليلي ضرورة «احترام الرئيس الذي سيختاره الشعب ومساعدته في مهمته». وفي حال لم يحصل أي من المرشحين على 50.1% من الأصوات فإن دورة ثانية ستنظم في 21 يونيو الجاري. ومن المتوقع بدء صدور النتائج اعتباراً من اليوم.
ودعا الطرفان إلى المشاركة بكثافة، الإصلاحيون سعيا لتحقيق تغيير، والمحافظون لإثبات قوة النظام المتهم بأنه أحكم إغلاق الانتخابات لضمان فوز مرشح موال لنهجه.
وقال روحاني بهذا الصدد إن «الشائعات التي تفيد بأن الرئيس تم اختياره هي كذب. رئيس الجمهورية ينتخب بأصوات الناخبين».
ويراهن الإصلاحيون والمعتدلون على تعبئة المقاطعين الذين تظاهروا ضد إعادة انتخاب أحمدي نجاد عام 2009 وسط اتهامات بحصول عمليات تزوير مكثفة.
وهيمنت على الحملة الانتخابية أزمة الملف النووي مع القوى الكبرى والعقوبات الدولية التي أغرقت البلاد في أزمة اقتصادية مع تخطي التضخم نسبة 30% وفقدان العملة نحو 70% من قيمتها وتزايد البطالة.
ويرى محللون أن الأزمة الاقتصادية تبقى في قلب اهتمام جميع الناخبين.
وبرزت هوة بين المرشحين حول الموقف الواجب انتهاجه مع الغرب. ويدعو روحاني رئيس المفاوضين السابق في الملف النووي الإيراني في عهد الرئيس الإصلاحي محمد خاتمي إلى تبني سياسة من الليونة في المفاوضات مع الدول الكبرى سعياً لخفض حدة العقوبات.
وفي المعسكر المقابل حيث رفض المرشحون الالتفاف حول اسم واحد، يدعو ولايتي إلى «التسوية والوفاق» في السياسة الخارجية بما في ذلك في الحوار مع الدول الكبرى، فيما يؤيد جليلي الممثل المباشر للمرشد الأعلى النهج المتشدد داعياً إلى «اقتصاد مقاومة» ويرفض تقديم أي «تنازلات» للدول الكبرى.
أما قاليباف الذي يتصدر استطلاعات الرأي النادرة التي نشرت نتائجها، فيعرب عن ولاء مطلق لخامنئي متهماً روحاني بأنه يريد تقديم تنازلات للغرب.
وكانت إيران وافقت عام 2003 في وقت كان روحاني يقود المفاوضات حول الملف النووي، على تعليق برنامج تخصيب اليورانيوم، وقد أعيد إطلاقه بعد انتخاب أحمدي نجاد عام 2005. وفي وقت لاحق، دعا المرشحون الستة للانتخابات الرئاسية في بيان مشترك أنصارهم إلى الهدوء وتجنب النزول إلى الشارع في انتظار إعلان النتائج الرسمية، وفق ما نقلت وكالة الأنباء الطالبية الإيرانية.
وقال ممثلو المرشحين في البيان «تسري شائعات عن تنظيم احتفالات بالفوز، نطلب من الشعب عدم الاكتراث لها وتجنب أي تجمع قبل إعلان النتائج الرسمية» من جانب وزارة الداخلية. وتم تمديد فترة التصويت مرتين بسبب الإقبال على التصويت.
وتحدث المسؤول عن عمليات التصويت في طهران عن نسبة مشاركة تجاوزت 70%. وفي مشهد، ثاني مدن البلاد بلغت نسبة المشاركة 68%. في سياق متصل، اتهمت هيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي» النظام الإيراني بممارسة «مستويات غير مسبوقة من الترهيب» حيال عائلات موظفي قسمها الفارسي. وأفادت «بي بي سي» أن السلطات حذرت عائلات 15 من موظفي قسمها الفارسي العاملين في لندن بأنها تواجه مخاطر على حياتها. وقالت رئيسة قسم اللغات في الخدمة العالمية لـ «بي بي سي» ليليان لاندور أنه «خلال الأيام القليلة الماضية وحدها، قامت وزارة الاستخبارات الإيرانية باستجواب 15 من أفراد عائلات الموظفين في طهران ومدن أخرى في جميع أنحاء البلاد».
وتابع البيان أن «الترهيب شمل تهديدات بأن الأقرباء سيفقدون وظائفهم ورواتبهم وسيمنعون من السفر إلى الخارج».
وأضافت لاندور «لأول مرة تم أيضاً تهديد حياة موظفين في تلفزيون «بي بي سي» الفارسي يقيمون في بريطانيا».