كتب - الشيخ زياد السعدون:
لا تجد أحداً من الناس إلا وله حاجة أو غاية يبحث عنها ويظن أن سعادته وراحته فيها، فمثلاً المريض يظن أن سعادته بالصحة والشفاء، والفقير يرى أن سعادته بالمال والغنى، والطالب يظن أن سعادته بالتفوق والنجاح، والعاطل عن العمل يظن أن سعادته بالوظيفة والعمل، وغير المتزوج يظن أنه لا راحة ولا سعادة إلا بالزواج، وهكذا.
ولا شك ولا ريب في أن ذلك يحقق جانباً من الراحة والاستقرار، ونوعاً من أنواع السعادة، لكن السؤال الذي يطرح نفسه بقوة، هل كل هذه الأمور التي لو حصل عليها الإنسان ستحقق له السعادة؟ وهل يعني ذلك أن كل الأصحاء سعداء؟ أو أن كل أصحاب الأموال في قمة هرم السعادة؟ أو أن كل متزوج أو متزوجة قد فاز بكنز السعادة المفقود؟
وللجواب عن هذا التساؤل أقول: لابد أن نعلم حقيقتين، الأولى: أن الدنيا ليس فيها سعادة مطلقة أي لابد من وجود منغص ولهذا قال الله عزوجل «لقد خلقنا الإنسان في كبد»، والكبد هو التعب والمشقة، والحقيقة الثانية: أن كثيراً من متطلبات الحياة قد نظن أن الحصول عليها يجلب لنا الراحة والسعادة، لكن يتبين لنا عكس ذلك تماماً فيما بعد، كمن كان يظن أن السعادة بكثرة المال، فلما يحصل على المال ويتحقق له ما يريد، إذا به مهموماً طوال يومه دائم التفكير كيف يحافظ على هذا المال، لم يعد يرى زوجته وأولاده، بعد أن كثرت رحلاته وسفراته، وكلما زادت أمواله كبرت مشاكله مع أهله وأولاده، فهل حقق له المال السعادة؟! إذا أين نجد ذلك الكنز المفقود؟
السعادة الحقيقية أن يحصل الإنسان على ما يريد وأن يبارك له فيه، فكل نعمة نُزعت منها البركة تكون نقمة على صاحبها ولا بركة إلا برضا الله، فالسعادة لها 4 أركان، متى وجدت كان الإنسان سعيداً، ومتى فقد أحدها فقد من سعادته بقدرها وهي السعي لرضا الله سبحانه، والقناعة والرضا بما قدر الله، وشكر القليل، وحسن الظن بالله.