كتب – وليد صبري:
لا يتوانى «حزب الله» الشيعي اللبناني عن اضطهاد وقمع وربما قتل معارضي سياساته، والمختلفين معه في الفكر والرأي، سواء من الطائفة السنية أو الشيعية على حد سواء، وتجسد قصة مطاردة الحزب لرئيس المجلس الإسلامي العربي في لبنان سماحة العلامة الشيعي السيد محمد علي الحسيني، أكبر دليل على ديكتاتورية الحزب، ومواجهته لمعارضي فكره وسياساته بالقمع والاعتقال والسجن، والقتل في بعض الأحيان، ونظراً لأن العلامة الحسيني يعد من المنشقين عن الحزب ومن أبرز معارضي نظرية «الولي الفقيه»، ومن أشد الرافضين لتبعية «حزب الله» إلى إيران بالكلية، فقد قرر «حزب الله» عقابه، بتلفيق تهمة محاولة التجسس لصالح إسرائيل، ومن ثم الضغط على صناع القرار من أجل سجنه مدة تصل إلى 5 سنوات، خاصة مع صدور قرار من القضاء اللبناني بالإفراج عنه.
وروى العلامة الحسيني قصة استهدافه من قبل إيران و»حزب الله» من داخل محبسه في لبنان قائلاً «كنت مقرباً من «حزب الله» ثم انشققت عن الحزب بعد اختلافي مع سياساته التي أبرزها اتباعه لإيران، وأسست قبل 6 سنوات المجلس الإسلامي العربي وهو هيئة إسلامية عربية مهمتها التصدي نفوذ «حزب الله» داخل الطائفة الشيعية في لبنان، ومواجهة تيار ولاية الفقيه في العالم الإسلامي، ولدي علاقات جيدة مع المعارضة الإيرانية أبرزها منظمة «مجاهدي خلق»، والمعارضة العربية الأحوازية، لذلك استهدفني «حزب الله» بأمر من إيران، نتيجة إزعاجي لهم، ومعارضتي لسياسات الولي الفقيه، فقرروا تأديبي عبر تلفيق تهمة العمالة لإسرائيل، ولا يشك أحد بتلفيق «حزب الله» التهمة ضدي، وقد عمّم الحزب صورة لي مع رئيس المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية مريم رجوي وكتب تحتها عبارات مهينة بحقي».
وأضاف الحسيني في شهادته من داخل محبسه «أؤكد أمام كل العالم براءتي من كل التهم الموجهة إلي، وأدعو كل المنظمات الإنسانية والحقوقية لزيارتي، والوقوف على مظلوميتي، وأؤكد أن سبب اعتقالي وتوقيفي لا صله له بإسرائيل، بل يعود إلى مجاهرتي برفض مشروع «حزب الله» واتصالي بمنظمة مجاهدي خلق والمعارضة العربية في الأحواز».
تلفيق التهم للمعارضين
وتابع العلامة الحسيني أنه «بعد اعتقالي لمدة دامت أكثر من 8 أشهر، أصدر قاضي التحقيق الأول في المحكمة العسكرية القاضي رياض أبو غيد قراراً لم يوجه فيه أية إدانة لي وقرر منع المحاكمة وإخلاء سبيلي لعدم توافر الأدلة إلا أن «حزب الله» ما لبث أن تدخل عبر محاميه، وقام بفسخ العقد وقرر إعادة جلسة الاستجواب وصدر بعدها حكم ضدي بتهمة حيازة أسلحة غير مرخصة، وحكم علي بالسجن 6 أشهر إضافية، والتهمة الأخيرة التي وجهت إلي هي محاولة التخابر مع العدو الإسرائيلي، وليس فعل التخابر، وقضت بسجني لمدة 5 سنوات، ما يؤكد أنني معتقل سياسي بامتياز، وقرار الاعتقال قرار إيراني محض، وأنا أدفع ضريبة مواقفي الرافضة لنظام ولاية الفقيه».
وقال العلامة الحسيني «الكل يعرف أن مكان إقامتي ومنزلي في الضاحية الجنوبية في محلة بئر العبد في مبنى يقطن فيه مسؤولون من الحزب، وبالتالي فإن كل تحركاتي واتصالاتي وحتى بريدي الإلكتروني مكشوف لجهاز أمن الحزب، ومع ذلك لم يتمكن «حزب الله» من الحصول على أي أدلة تدينني».
ولاء الشيعة لعروبتهم
وخاطب العلامة الحسيني في رسالة من محبسه إخوانه من الطائفة الشيعية قائلاً «إخواني وأحبائي من طائفتي الحبيبة، أضع حادثتي هذه أمامكم كما هي دون تلفيق، وإنني لم أخرج من «حزب الله»، ولم أعلن رفضي لـ «ولاية الفقيه»، إلا لأنني أيقنت أن الحزب ليس حزباً لبنانياً، بل هو فرع لإيران في لبنان، ومرجعيته الأولى والأخيرة هي إيران، وهذا يؤدي إلى تحويل الشيعة في لبنان إلى تابعين لإيران، مع العلم أن تاريخ الطائفة الشيعية لم يكن مرتبطاً بأية أنظمة خارجية، بل كان لبنان هو مرجعهم الأول والأخير، والانتماء إلى لبنان أولويتهم، واليوم الكل يشاهد كيف أن «حزب الله» يقف ضد مظلومية الشعب السوري مع نظام الرئيس بشار الأسد الذي سيسقط عاجلاً أم آجلاً وبذلك يضع الشيعة في مواجهة مع مجموعات كبيرة من الشعب السوري تمثل أكثر من 80%، بالإضافة إلى مواجهة مع الشركاء في الوطن وتحديداً من الطائفة السنية الكريمة، وموقف «حزب الله» من ثورة سوريا انكشف للجميع لأن الحزب أداة بيد إيران والقرار كان هذه المرة بالوقوف إلى جانب نظام الأسد ضد الثوار».
وتوجه العلامة الحسيني برسالة إلى «حزب الله» قال فيها «»نصبح وتصبحون» هذه هي كلمتي إلى «حزب الله» فهو أراد إسكات كل صوت يقف ضد مشروعه وخياراته، وقد أغفله أن صوت الحق لا يمكن أن يذوب، وأن الإنسان الحر يمكن أن تصفيه كجسد، ولكن من المستحيل تصفيته كفكر، ولهذا فنحن نشكل اليوم فزاعة لـ «حزب الله» أكثر من أي أحد آخر، لأننا رفعنا صوتنا ولم نسكت عن الظلم، والأيام ستثبت أننا على حق وأنهم يمثلون الباطل والحقد والإجرام».
يذكر أن الجيش اللبناني أوقف رجل الدين الشيعي محمد علي الحسيني للاشتباه بتعامله مع إسرائيل في 24 مايو 2011. وقالت الوكالة الوطنية للإعلام وقتها إن «مخابرات الجيش اللبناني أوقفت رئيس المجلس الإسلامي العربي العلامة محمد علي الحسيني، بتهمة التعامل مع العدو الإسرائيلي».
وأشارت إلى أن «قوة من الجيش دهمت منزل الحسيني في منطقة صور في الجنـــوب، وصادرت أجهـــــزة كمبيوتر وأسلحـة». ورفـــض أي مصـــدر رسمي تأكيد الخبر. وأطلق الحسيني قبــــــــل 6 سنوات «المجلس الإسلامي العربي» في محاولة واضحة ولو غير معلنة للتصدي لنفوذ حزب الله الواسع داخل الطائفة الشيعية.
«حزب الله» يؤدب معارضيه
من جهته، نقل د. حسين علي الحسيني شقيق العلامة عن شقيقه القول إنه «لن يتوقف عن كشف فضائح «حزب الله»»، متهماً «الحزب بتلفيق قضية التجسس لمصلحة إسرائيل والتي سجن على إثرها».
وقال شقيق رجل الدين الشيعي إن «حزب الله لا قيم له، إذ إنه يتعرض للعوائل الشريفة ويزعم المنتمون له أنه حزب رباني، في حين أن هذا الحزب لا يحترم العمامة ويتعامل بعجرفة، وأنا أقول للقائمين على هذا الحزب عمائمنا ليست أقل سواداً من عمائمكم».
وشدد على أن «شقيقه وهب نفسه للدفاع عن أهمية ارتباط الشيعة العرب بأوطانهم»، معرباً عن «أسفه لحملة التشويه التي تعرض لها على الرغم من أن السلطات لم تجد في بيته سوى حاسوبه الشخصي وسلاحه الشخصي المرخص».
واعتبر أن «المقصود من قضية شقيقه هو تأديب كل شخصية شيعية تخرج عن سرب «حزب الله»، مشدداً على أن ذلك لن «يثني شقيقه عن المضي قدماً في خطه».
وعلى موقعه على الإنترنت، قال المجلس إن «مشروعه السياسي يتلخص في العمل الدؤوب لاسترجاع القرار الشيعي من مختطفيه الذين يستغلون اسم الطائفة، ورفض التطرف والإكراه والإرهاب بجميع أنواعه وأساليبه».
ويطرح «المجلس الإسلامي العربي» نفسه كـ «مرجعية إسلامية لشيعة العرب» ويحدد «هدفاً استراتيجياً» له هو «استرجاع أخوتنا من الشيعة العرب المنخدعين بالأكاذيب والأراجيف الضالة والمضللة من أحضان نظام ولاية الفقيه وبراثنه»، في إشارة إلى ولاء «حزب الله» لطهران. وافتتح الحسيني خلال السنوات الماضية عدداً من المراكز والمشاريع الخيرية في مناطق تعتبر معاقل لـ «حزب الله» مثل الضاحية الجنوبية لبيروت والجنوب.
إيران تنخر بالعراق ولبنان
ورأى مراقبون أنه «بعد عامين من الظلم الذي لحق بالعلامة الحسيني بسبب تصديه لنظام ولاية الفقيه وتوعية الشيعة العرب من دسائسه ومخططاته المشبوهة، فإن مختلف المحافل السياسية والفكرية والإنسانية على الأصعدة العربية والإسلامية والدولية مدعوة للوقوف مع الرجل ونصرته من أجل إطلاق سراحه ورد الاعتبار إليه على تهمة ملفقة ضده لا أساس لها مطلقاً»، مؤكدين أن «نصرة الحسيني تعتبر نصرة للقضاء اللبناني والدولة اللبنانية بوجه سرطان «ولاية الفقيه» الذي ينخر بالجسدين اللبناني والعراقي».