دعا الخبراء المشاركون في ندوة «الحركة الشبابية.. واقع أم ديكور»، إلى ضرورة تمكين الشباب ومنحهم الفرصة لتولي المناصب القيادية، مؤكدين أن استيعاب الشباب يحصنهم من الانضمام للتيارات المتطرفة.
وطالبوا، خلال الندوة التي عقدها مركز شباب المنبر الوطني الإسلامي مؤخراً، المجتمعات بتهيئة المجالات للشباب لقيادة التغيير والتطوير؛ بغية النهوض بأوطانهم وحمايتها، مؤكدين أن من يراهن على الشباب يراهن على المستقبل.
وقال الخبراء إن الدول التي لا يوجد بها حراك شبابي فإنها تعاني حالة مرضية، مشددين على أهمية استيعاب طاقات الشباب وتوظيف حماسهم بشكل سليم حتى لا تتخطفهم التيارات والأفكار المتطرفة.
لغة القمع
واستهل الكاتب والمحلل السياسي السعودي مهنا الحبيل الندوة بالتأكيد على أن الشباب وقود المجتمع، وحراكه السياسي والاقتصادي والاجتماعي، موضحاً أن الدول التي لا حراك شبابي فيها تعيش حالة مرضية، ومؤكداً على أنه يجب على المجتمعات تهيئة المجالات للشباب لقيادة التغيير والتطوير بغية النهوض بأوطانهم وحمايتها.
ونبه الحبيل إلى لغة القمع التي تمارسها بعض الشخصيات الدينية في تعاملها مع الشباب، داعياً إلى تطوير لغة الخطاب الإسلامي في التعامل مع تساؤلات الشباب واحترام عقولهم ودراستهم، وعدم اقتصار الخطاب الديني على القضايا الإيمانية وإنما امتداده ليشمل جميع قضايا الحياة. وقال الحبيل «إن شباب الخليج يجب أن تكون ثقافته تكاملية من إدراكه لواجباته الفردية والوطنية والإنسانية، وما يحمله من قيم إسلامية حضارية للأمة».
وتحدث الحبيل عن الصراع على الهوية بين الشباب، مشدداً على أنه لا تضارب بين الهوية العربية والإسلامية، فالخليج العربي ينتمي إلى الأمة العربية التي أسست للرسالة الإسلامية، والهوية ليست رابطاً قبلياً أو عرقياً وإنما هي هوية حضارة إسلامية صنعت فيها».
وأضاف الحبيل «القول إن الإسلام ليس قيمة تراثية يسيء للعرب، ونحن نحتاج اليوم إلى خطاب جديد لتحقيق حركة بعث إسلامي جديدة، وأمامنا تحد كبير جداً يجب أن ننطلق منه خاصة في العهد الشبابي».
وأكد الحبيل على أن الانتكاسات التي تعيشها الأمة مردها إلى أن كثيراً من التعاليم الإسلامية لا يتم تفعيلها، قائلاً «كم تشكل قاعدة «الدين المعاملة» في خطابنا المعاصر؟ وكم تشكل قاعدة «إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق» في الخطاب الديني الموجه للشباب خاصة؟».
ووصف الحبيل جمعية الإصلاح البحرينية بالشجرة المباركة التي تثمر دائماً أفكاراً ومشاريع هي مدعاة فخر ليس للبحرين فقط وإنما للأمة الإسلامية جمعاء.
العمل المؤسسي
أما المحامي أسامة الشاهين، عضو مجلس الأمة الكويتي الأسبق، فدعا الشباب البحريني إلى المشاركة الاجتماعية الفاعلة والانخراط في العمل الميداني الطلابي والاجتماعي، مؤكداً أنه فرصة لصقل المهارات وتنمية المدركات». وخاطب أسامة الشاهين شباب المنبر الإسلامي ومن خلفهم الشباب البحريني بالقول «أدعوكم بقوة للعمل الشبابي ضمن أطر أكبر، وتطعيم العمل الشبابي بمشورة الكبار، موضحاً أن اقتصار عمل الشباب في إطار شبابي فقط يجعل خطابهم موجه للشباب بينما المجتمع أكبر وأعم من ذلك».
وتحدث الشاهين -أصغر عضو في مجلس الأمة الكويتي (فبراير 2012)- عن الأخطار التي تواجه الحراك الشبابي والتي تؤدي إلى اختفاء تلك الحركات وتلاشيها، موضحاً أن أبرز تلك المخاطر هو ارتباط الحركات الشبابية بشخص واحد، وبالتالي تتلاشى هذه المشاريع عندما يغيب هذا الشخص؛ ومن هنا يجب أن تحدد الحركة الشبابية تعريفها كمؤسسة وليس كشخص، أما الخطر الثاني فهو الانقسام والتشرذم بسبب الحماس الذي يتسم به الشباب وتشبثهم برأيهم، والسبب الثالث هو أن تكون الحركات الشبابية صادمة في فكرتها منعزلة عن المجتمع بسبب إتيانها بفكرة لا يتقبلها المجتمع وهنا يمكن أن نقوم باستبانة منذ البداية لمعرفة مدى تقبل المجتمع لهذه الفكرة. وشدد المحامي الشاهين على ضرورة أن تكون هناك هوية محددة لأي تجمع شبابي تضمن تحديد رؤيته ومهمته، داعياً الشباب الخليجي إلى إدراك المخاطر التي تهدد مستقبلهم والعمل الدؤوب لتحقيق ذواتهم بدلا من الركون إلى الحكومات في الحصول على الوظيفة والسكن والقروض.
تحديات شبابية
من جانبه استعرض أستاذ الإعلام السياسي بجامعة البحرين د.عدنان بومطيع المعوقات والتحديات التي تواجه الشباب البحريني ومنها تأخر سن الزواج وارتفاع تكاليف الحياة، إضافة إلى قلة فرص العمل حيث يحتاج الخريج إلى 4 أو 5 سنوات حتى يجد الوظيفة المناسبة.
وأضاف الدكتور بومطيع -خلال الندوة- أن الشباب يعاني من تراجع هائل في مستوى الثقافة العامة، وضعف مخرجات التعليم المدرسي والجامعي، وإزاء هذه الضحالة الثقافية هناك تضخم هائل في الثورة الإعلامية المعرفية الرياضية، وهذا مفيد في جوانب لكنه مضر في جوانب كثيرة أخرى.
ولفت د.بومطيع إلى أن البحرين مازالت تعاني من اصطفاف طائفي كبير يعاني منه الشباب خاصة ويطال حتى الأطفال في الروضة، في وقت عجزت فيه الجمعيات السياسية عن استقطاب الحراك الشبابي في المملكة.
وقال «رغم تلك المعوقات إلا أن الأمل لايزال قائماً فهناك إيمان عميق لدى الشباب البحريني بمبدأ الوحدة الوطنية والخليجية، كما إن الحراك الشبابي في البحرين لديه قدرة على التجمع السريع، إضافة إلى قدرة الشباب على التعامل مع الوسائل الإعلامية والتكنولوجية الحديثة.