صيدا - (وكالات): تلاحق القوى الأمنية اللبنانية أمس رجل الدين السني المتشدد أحمد الأسير المتواري عن الأنظار، وذلك غداة دخول الجيش إلى مقره قرب صيدا جنوب لبنان بعد معركة عنيفة قتل فيها 17 جندياً وعدد غير محدد من المسلحين، فيما اعتبر رجال سياسة مناهضون لـ «حزب الله» الشيعي أن سبب ما حصل في صيدا هو الحزب الذي يملك ترسانة من الأسلحة يرفض وضعها في تصرف الدولة ويستقوي بها لفرض إرادته على الحياة السياسية، ما يثير إحباطاً لدى المجموعات الأخرى. وقال مصدر عسكري إن «كل القوى الأمنية مكلفة بالبحث وملاحقة الأسير المطلوب مع 123 من أنصاره من السلطات القضائية». وقال المصدر إن مكان وجود رجل الدين الذي برز على الساحة السياسية قبل سنتين نتيجة مواقفه المناهضة للنظام السوري ولحزب الله الشيعي وخطابه العنيف المتطرف، «غير معروف».
وهناك العديد من الشائعات حول الأسير تتحدث عن احتمال لجوئه إلى مخيم عيم الحلوة للاجئين الفلسطينيين في صيدا القريبة أو الى مدينة طرابلس شمال لبنان.
وانتهت العملية العسكرية التي بدأها الجيش إثر مهاجمة مجموعة تابعة للأسير حاجزاً له في بلدة عبرا قرب صيدا بدخول الجيش إلى المقر المؤلف من مسجد بلال بن رباح وأبنية عدة فيها مكاتب وشقق سكنية، بعد اشتباكات عنيفة تركت آثارها دماراً وحرائق. وفر الأسير وعدد من مرافقيه وأفراد عائلته إلى جهة مجهولة.
وبلغ عدد قتلى الجيش في المعركة 17 جندياً، بالإضافة إلى 50 جريحاً، بحسب مصادر رسمية. وذكرت تقارير أنه تم العثور على العديد من جثث المسلحين بعد عملية الاقتحام من مكان المعركة. وقالت مصادر طبية أن عدد الجرحى من المدنيين فاق الـ 100. وقال وزير الداخلية مروان شربل خلال جولة له على المكان أن المقر «يشبه مركزاً أمنياً أكثر منه مركز عبادة»، مشيراً إلى توقيف عدد كبير من أنصار الأسير «من جنسيات مختلفة». وذكر صحافيون أن الجيش اللبناني الذي ينتشر في المكان بكثافة مع آليات ودبابات يواصل تمشيط الشقق وتنظيفها من الألغام والمتفجرات، كما يواصل البحث عن مسلحين. وعثر على مستودع ذخيرة وأسلحة في أسفل المسجد.
ويقدر عدد أنصار الأسير بالمئات، وأبرزهم المغني السابق فضل شاكر الذي فر معه. وقد تورط الشيخ البالغ من العمر 45 عاماً خلال السنتين الماضيتين في سلسلة أحداث مع الجيش ومع مسلحين موالين لحزب الله. وهو يعتمد خطاباً مذهبياً عنيفاً ويدعو إلى «نصرة أهل السنة» ويهاجم الشيعة ونظام الرئيس بشار الأسد. وعاد الهدوء إلى مدينة طرابلس في الشمال التي شهدت توتراً وقطع طريق تضامناً مع الأسير خلال أحداث صيدا، بالإضافة إلى إطلاق نار على دوريات ومراكز للجيش. كما هدأ الوضع في مخيم عين الحلوة الذي انتقلت إليه المعارك واستمرت ساعات طويلة بين الجيش المتمركز عند المدخل الشمالي للمخيم ومجموعات اسلامية متطرفة. وتاتي كل هذه الاحداث فيما لبنان من دون حكومة منذ 3 اشهر تقريباً، بعد استقالة الحكومة برئاسة نجيب ميقاتي وعدم نجاح رئيس الحكومة المكلف تمام سلام بتشكيل حكومة جديدة. كما تأتي في اطار سلسلة توترات امنية متنقلة بين المناطق على خلفية النزاع السوري.