أعلن أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أمس في خطاب إلى القطريين تخليه عن السلطة وتسليمها لابنه ولي العهد الشيخ تميم بن حمد آل ثاني بعد 18 سنة في سدة الحكم، فيما أبرق سائر حكام دول مجلس التعاون الخليجي مهنئين ومباركين لانتقال السلطة.
وبات الشيخ تميم البالغ من العمر 33 عاماً على رأس دولة تملك قدرات مالية هائلة وتلعب دوراً سياسياً ودبلوماسياً كبيراً على الساحة الإقليمية والعالمية، وذلك بعد أن حولها الشيخ حمد إلى أكبر مصدر للغاز الطبيعي المسال في العالم. وقال الشيخ حمد في الخطاب الذي بثه التلفزيون القطري «منذ أن ترعرعت على أرض قطر والله يعلم أني ما أردت السلطة في ذاتها ولا سعيت إليها من دوافع شخصية بل هي مصلحة الوطن أملت علينا أن نعبر به إلى مرحلة جديدة ولقد حان الوقت أن نفتح صفحة جديدة أخرى في مسيرة وطننا يتولى فيها جيل جديد المسؤولية بطاقاتهم المتوثبة». وأضاف «إنني اليوم أخاطبكم كي أعلن أني اسلم مقاليد الحكم للشيخ تميم بن حمد آل ثاني وأنا على قناعة تامة أنه أهل للمسؤولية وجدير بالثقة وقادر على حمل الأمانة وتأدية الرسالة». واعتبر الشيخ حمد أنه «حان الوقت أن نفتح صفحة جديدة أخرى في مسيرة وطننا يتولى فيها جيل جديد المسؤولية بطاقاتهم المتوثبة وأفكارهم الخلاقة».
ودعا الديوان الأميري القطريين إلى مبايعة الأمير الجديد في الديوان الأميري، فيما أعلن أمس يوم عطلة رسمية. وتوافدت القبائل والأعيان والمواطنون القطريون طوال أمس إلى الديوان الأميري لمبايعة الأمير الشاب. وأظهرت صور بثتها مباشرة القنوات القطرية الأمير السابق والجديد يستقبلان القطريين ويصافحانهم. وقام عدد كبير من المتوافدين إلى الديوان بتقبيل يد الشيخ حمد وكذلك الشيخ تميم دلالة على الولاء للحكم. وقال القطريون إن الشيخ تميم يحمل على عاتقه مسؤولية كبيرة. كما قدم أمير الكويت خصيصاً إلى الدوحة لتهنئة الأمير الجديد.
وكان في طليعة المتوافدين إلى الديوان الأميري الداعية الإسلامي المصري القطري البارز الشيخ يوسف القرضاوي الذي صافح مطولاً الأمير السابق والأمير الجديد.
وسارعت دول الخليج الى تهنئة الأمير الجديد، إذ أعرب خادم الحرمين الشريفين العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبدالعزيز عن الأمل في أن يواصل الشيخ تميم بن حمد آل ثاني مسيرة والده. بدوره، اعرب رئيس دولة الامارات الشيخ خليفة بن زايد نهيان عن «تهانيه وتمنياته لسمو أمير قطر بالتوفيق والنجاح في قيادة الشعب القطري الشقيق لتحقيق مزيد مما يصبو إليه من تقدم ورقي وازدهار». بدورهما أيضاً، أبرق صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك مملكة البحرين وسلطان عمان قابوس بن سعيد إلى أمير قطر الجديد لتهنئته بتسلمه مقاليد الحكم. وسارعت حكومات دول المنطقة ومنها إيران إلى الترحيب بالأمير الجديد. وقال متحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية إن طهران تعتبر «الهدوء والاستقرار» في قطر مهماً جداً. وقال وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ في بيان إنه يتطلع لعلاقات أقوى مع قطر. وذكرت مصادر متطابقة ان الشيخ تميم سيشكل حكومة جديدة بعد هذا الخطاب على أن يشمل ذلك خصوصاً خروج رئيس الوزراء النافذ الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني. وتكثر التكهنات في الدوحة حول اسم رئيس الوزراء المقبل، ويتم تداول اسم وزير الداخلية الشيخ عبد الله بن ناصر آل ثاني، واسم نائب رئيس الوزراء أحمد بن عبدالله آل محمود وهو من خارج الأسرة الحاكمة. كما تبقى مسألة تعيين ولي عهد جديد غير واضحة خاصة أن الابن الذكر الأكبر للشيخ تميم يبلغ من العمر 5 سنوات فقط.
وتولى الشيخ حمد السلطة في يونيو 1995 خلفا لوالده الشيخ خليفة.
وما زال والد الشيخ حمد على قيد الحياة، وبالتالي فإن قطر هي الدولة الخليجية الوحيدة التي لديها 3 حكام على قيد الحياة. وقال الشيخ حمد في خطاب التنازل عن الحكم «الله يعلم أنني ما أردت السلطة غاية في ذاتها ولا سعيت إليها لدوافع شخصية بل هي مصلحة الوطن أملت علينا أن نعبر به إلى مرحلة جديدة».
وحول الشيخ حمد بلاده من وطن صغير مغمور في الخليج إلى لاعب إقليمي أساسي، وإلى أكبر مصدر للغاز الطبيعي المسال مع ترسانة مالية ضخمة. وأبلغ الشيخ حمد الأسرة الحاكمة وأعيان البلاد في اجتماع بقصره قراره تسليم السلطة الى نجله ولي العهد. وولد الأمير الجديد الشيخ تميم عام 1980 وهو الابن الرابع للأمير السابق والثاني له من زوجته الثانية الشيخة موزة بنت ناصر المسند. وتم تعيينه ولياً للعهد في 5 أغسطس 2003 بعد تخلي شقيقه الأكبر الشيخ جاسم عن المنصب وهو أحد أبناء الشيخة موزا أيضاً. وعشية نقل السلطة أصدر الشيخ حمد مرسوماً مدد فترة مجلس الشورى وهو ما يعني فعلياً تأجيل الانتخابات إلى أجل غير مسمى بعد أن كانت مقررة مبدئياً في النصف الثاني من العام. وقال محللون سياسيون في الخليج إنهم لا يتوقعون تغييرات كبيرة في السياسة الخارجية أو الداخلية لقطر بعد نقل السلطة وأضافوا أن الشيخ تميم شارك بالفعل في إدارة البلاد بتوجيهات من والده. وقال دبلوماسيون عرب وغربيون إنهم يفهمون أن الدافع هو رغبة الأمير في انتقال سلس للسلطة إلى الجيل الشاب. وحرص الشيخ حمد بن خليفة على رفع المكانة الدولية لبلاده من خلال إطلاق وتطوير شبكة الجزيرة التلفزيونية بالإضافة إلى نجاحه في استضافة بطولة كأس العالم لكرة القدم عام 2022. ولعبت قطر دوراً بارزاً في تشجيع احتجاجات الربيع العربي.
«فرانس برس - رويترز»