كتب- حذيفة إبراهيم:
قال وزير العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف الشيخ خالد بن علي آل خليفة، رداً على ما يُثيره بعض المشاركين في حوار التوافق الوطني حول «المغالبة»، إن المغالبة هو من يسعى لفرض رؤاه كشروط مسبقة، ومحاولة فرض قبولها وفقاً لمنطق المغالبة لا التوافق، مضيفاً أنه لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تكون هناك مغالبة في ظل مبدأ التوافق، معتبراً أن هذا الطرح لا يقوم على أي أساس، وأنه حدث سابقاً أن تم إيقاف التوافق على أمر ما بعد رفضه من قبل أحد الأطراف.
وأكد الشيخ خالد بن علي آل خليفة، خلال مؤتمر صحافي عقده مساء أمس عقب جلسة الحوار قدم فيه استعراضاً عاماً للمرحلة الماضية من استكمال حوار التوافق الوطني، أن من يرد أن يتحاور حول وجود الدولة من عدمها أو الانطلاق من نقطة تصفير المنجزات الوطنية، فقطعاً لن يتحقق له ذلك، لأنه منطق ضد التاريخ وسنة التطور وقواعد البناء والإصلاح.
وأكد وزير العدل أن أركان وزوايا طاولة الحوار قائمة، وليس لأحد أن يقصي أحداً، حيث تتكون من التجمعات السياسية الرئيسة، المستقلين من السلطة التشريعية باعتبارهم مكوناً رئيسياً من المجتمع السياسي البحريني، الحكومة انطلاقاً من موقعها ودورها كسلطة تنفيذية.
ولفت إلى وجود خطاب قائم ضمن سياق ومنهجية بما يوحي وكأن الحوار فشل في مناقشة جدول أعمال الموضوعات ولم يحقق نتائج في هذا الإطار، في حين لم يتم حتى اللحظة الدخول في جدول أعمال الموضوعات بسبب رفض طرف الجمعيات الخمس، مشدداً على أن السلطة التشريعية طرف أساسي لا يمكن إقصاؤه كباقي الأطراف.
ودعا وزير العدل الجميع إلى قراءة التحولات والمتغيرات في ضوء مؤشرات التطور الديمقراطي، والتعددية السياسية، والاستقرار الأمني بمملكة البحرين بما يمنع التدخلات الخارجية وتداعياتها، ويعزز التنافسية حول البرنامج السياسي، مشدداً على أن المملكة هي أول دولة أطلقت شعار «التوافق الوطني» على حوارها في المنطقة ثم تبعتها عدد من الدول.
وأضاف أن من يرد أن يتحاور حول وجود الدولة من عدمها أو الانطلاق من نقطة تصفير المنجزات الوطنية، فقطعاً لن يتحقق له ذلك، لأنه منطق ضد التاريخ وسنة التطور وقواعد البناء والإصلاح.
وجدد التأكيد على واجب نبذ العنف المستمر صراحة وبشكل مباشر ضد المجموعات التخريبية وما تقوم به من أعمال عنف وإرهاب، وخصوصاً ما يقع على رجال الدين من واجب تحريم هذه الأعمال المُجرًمة، وخاصة ممن يمتلك التأثير على هذه الفئات الخارجة عن القانون.
وأكد أن الحكومة تنظر بتفاؤل وأمل إلى الحوار القائم، وترى أن هناك فرصاً جدية لتحقيق المزيد من التوافقات في مجال التطور السياسي، قائلاً إن الحوار هو السبيل الوحيد لإدارة الرؤى المختلفة من خلال القنوات الدستورية.
وقال إن الحوار القائم اليوم، هو أحد مكتسبات المشروع الإصلاحي الذي أوجد الأرضية الصلبة للحوار المؤسسي المستمر قبل أكثر من عقد، وأن أي توافقات جديدة هي رافد لهذا المشروع الوطني الكبير، والذي يأتي استكمالاً لحوار التوافق الوطني الذي عقد في يوليو 2011 ونتج عنه تعديلات دستورية مهمة، من أجل الوصول للمزيد من التوافقات للبناء على ما تحقق من منجزات.
وأعرب عن تطلع الحكومة إلى دور أكثر فاعلية للجمعيات السياسية في دعم التنمية السياسية، من خلال البرامج التي تستجيب لاحتياجات واقع المواطن والوطن، حيث إن تقدم العمل السياسي أساس لأي تقدم ديمقراطي، ولا يكون ذلك إلا من خلال تفعيل الحالة المؤسساتية للجمعيات عبر الورش السياسية النقاشية المنفتحة على الواقع والآخر.
وحول جدول أعمال الحوار، قال وزير العدل إن الجمعيات الخمس تصر على عدم الدخول في مناقشة جدول أعمال الموضوعات قبل حسم آليات الحوار المتعلقة بطبيعة التمثيل، التمثيل المتكافئ والاستفتاء، ذاكراً أن الاستفتاء هو وسيلة دستورية، ولا يوجد في أي عرف أن يتم الاتفاق على الاستفتاء أو اشتراطه قبل تحديد الموضوع والسؤال، مردفاً من حيث المبدأ لا نعارض الاستفتاء.
«الجمعيات الخمس» ترفض
وقال وزير العدل إنه تم سابقاً التوافق على تشكيل فريق عمل مصغر، لدراسة مسودة جدول الأعمال الأولية التي أعدتها تنسيقية الجلسات من واقع الأوراق المقدمة من كافة الأطراف المشاركة، ليتم عرضها للنقاش، والنظر في إضافة عناوين ومواضيع أخرى. وأوضح أن التوافق من خلال فريق العمل المصغر ليشتمل جدول أعمال حوار التوافق الوطني على آليات تنفيذ المخرجات المتوافق عليها وهي: تشكيل فريق معني بمتابعة التنفيذ من قبل أطراف الحوار، الاستفتاء الشعبي، ضمانات التنفيذ، وضع إطار زمني للتنفيذ، الوسائل الدستورية، المؤسسات الدستورية، على أن يتم تحديد الجدول الزمني للحوار بعد الاتفاق على جدول الأعمال.
وقال إنه تم توافق الفريق المصغر على عدد من العناوين الرئيسة لجدول الأعمال، وهي: السلطة التشريعية، السلطة التنفيذية، السلطة القضائية، التعددية والوحدة الوطنية، الدولة المدنية، احترام وصون حقوق الإنسان، مكافحة الفساد بكل أشكاله وصوره والعدالة الاجتماعية، الأمن - العنف - الإرهاب، الجمعيات السياسية، على أن تُدرج العناوين الرئيسية والفرعية الأخرى من قبل المتحاورين في الجلسة العامة.
وأضاف «تم التوافق كذلك بشأن ما يتعلق بـ(الثوابت والمبادئ والقيم) كعناوين على: مرجعية ميثاق العمل الوطني واحترام الدستور، والإصلاح السياسي من خلال الوسائل الدستورية، والتمسك بالدولة المدنية (دولة المؤسسات والقانون)، واحترام جميع الأديان والمذاهب، والمحافظة على حقوق المواطنين على قاعدة المواطنة في الحقوق والواجبات، واحترام جميع مكونات المجتمع وعدم إضعاف أيّ منها، ومكافحة ثقافة العنف والكراهية والطائفية، ورفض أيّ تدخل خارجي في القضايا الوطنية، ورفض مبدأ المحاصصة الطائفية، واحترام حكم القانون، واحترام مبادئ حقوق الإنسان المعترف بها، ونظام الحكم في مملكة البحرين ديمقراطي السيادة فيه للشعب مصدر السلطات جميعاً».
وفيما يتعلق بمسألة مخرجات الحوار، أشار وزير العدل إلى أنه بعد نتاج عمل جماعي طوال عدة جلسات، ودفعاً للتوافق تم اقترح عدة صيغ منها صيغة مناسبة ومتكاملة والتي جاءت كالآتي: (التوافقات التي يتوصل إليها الأطراف تمثّل اتفاقاً نهائياً ملزماً متكاملاً يتضمن صيغاً لتعديلات دستورية أو قانونية أو إجرائية محددة، وترفع إلى جلالة الملك)، إلا أن الجمعيات الخمس رفضت هذه الصيغة.
وأشار إلى رفضها صيغة أخرى كانت نتاج عمل جماعي شارك فيه جميع الأطراف دون استثناء، حيث جاءت كالتالي: (التوافقات التي يتوصل إليها الأطراف تمثل اتفاقاً نهائياً ملزماً متكاملاً يتضمن صيغاً لتعديلات دستورية و/أو قانونية و/أو إجرائية محددة، ويقصد بصيغ بالتعديلات الدستورية تغييراً و/أو حذفاً و/أو إضافة على الدستور، ويرفع إلى جلالة الملك لتنفيذها حسب آليات التنفيذ المتوافق عليها)، وأن عدم إقرار تلك الصيغة يعني أنه لا يوجد إلا الدخول في جدول الأعمال.
وقال إن الجمعيات الخمس تراجعت عن عدد من التوافقات التي تمت في الجلستين الأولى والثانية وفي مقدمتها ما يتعلق بـ»تمثيل الحكومة في الحوار»، وكذلك بطرح موضوع «التمثيل المتكافئ» في حين كان تم التأكيد والتوافق منذ الجلسة الأولى على أن مسألة التمثيل العددي لن تُشكل أي عائق، طالما تم اعتماد والتزام آلية التوافق.
وأكد وزير العدل أن التنسيق للحوار بدء منذ رمضان العام الماضي، حيث كان السعي لحوار غير مشروط بين الجمعيات السياسية قائم على نبذ العنف والتخريب ودون أن يقصي أي طرف من الأطراف.
وأشار إلى أن الجمعيات الخمس أصرت على عرقلة الحوار في أحيان كثيرة من خلال تثبيت المواقف في عدة أمور، ثم تعدت وصولاً إلى تثبيت عرقلة الحوار في محضر الجلسات، مؤكداً أن رفضها لمقترح المسارين الذي يناقش الأمور الخلافية والتوافقية كلاً على حدة ساهم في تعقيد الأمور.وفي رده حول ما يثار عن عدم تقديم الدولة لمشروعها، أكد أن الدولة مشروعها قائم مبني على ميثاق عمل وطني ودستور تم إقراره في 73 وتم تعديله في 2002 و 2012، مشيراً إلى أن هناك الكثير من المحاولات للخروج من الميثاق إلا أنه هو أرضية التوافق، ولا يمكن لأي أمر أن يجتزء من ميثاق العمل الوطني.
وقال إن المشروع الإصلاحي هو ما يواجه به مقاطعة الانتخابات والمجلس الوطني، وهو يواجه حالات المقاطعة السياسية والانعزال السياسي الموجودة لدى البعض.وأوضح أن هناك مطالبات ليكون الحوار خاصاً بين المعارضة والحكم من قبل الجمعيات الخمس، إلا أن ذلك هو شكل من أشكال الاستفراد، مشيراً إلى أن الورقة التي قدمت في التمثيل المتكافئ تكرر أن ما هو موجود على طاولة الحوار فريقان فقط، وهو أمر لا يمكن القبول به.
وأكد أن أي سبيل لتحقيق المطالب لن يتم إلا بالتوافق مع كافة الأطراف ولا يمكن القفز عليها، مشدداً على رفض ادعاء وجود «لاعب سياسي وحيد على الساحة».
وقال إن الجمعيات السياسية يجب أن تتنافس فيما بينها لتقديم برامج سياسية تحظى بدعم المواطنين إلا أن ما يجري هو أن «الجمعيات» غير قادرة على عبور الطائفة أو المنطقة، أو أن تمثل مشروع وطني حقيقي ديمقراطي يجمع الناس. وبين أن على الجمعيات السياسية أن لا تنظر للمسألة على أنها شعارات، وألا تستغل ما يجري في دول أخرى، لإسقاطه على البحرين سواء من متغيرات أو حالات أمنية أو سياسية.
وقال وزير العدل إن إصدار وثيقة اللاعنف دون العمل بها هو أمر «غير مجدٍ» كما هو الحال بالنسبة لإصدار قوانين دون تطبيقها. وأشار الشيخ خالد بن علي آل خليفة إلى أن بعض رجال الدين لم يصدروا فتاوى تحرم العنف حتى الآن، مشدداً «يجب عليهم أن يصدروا ذلك».
وقال وزير العدل إن الشهرين القادمين يجب أن تستغل في حسم الأمور العالقة، مشيراً إلى أن حديث الجمعيات الخمس حول فرض الإجازة من قبل باقي الأطراف هو أمر غير صحيح ولم يطرحونه داخل الجلسات.
وأوضح أنه طرح داخل الجلسات «تزوير التاريخ فيما يقال عن ميثاق العمل الوطني» حيث تم لصق أمور لم تكن موجودة به، مشيراً إلى أن الميثاق في الفصل الخامس منه تحدث عن الحياة النيابية التي هي موجودة الآن بصيغتها الحالية كما صوت المواطنون عليها حينها.
وقال إن السلطة التشريعية ساهمت في تعديل الدستور عام 2012، كما إن الجمعيات الخمس «تغنت بإنجازاتها» حينما كانت في المجلس التشريعي في انتخابات أكتوبر 2010، إلا أن الحديث تغير في فبراير 2011 حيث أصبحت السلطة التشريعية جزء من المشكلة.
وأكد أن الإصلاحات مستمرة وأن ما تطرحه الجمعيات الخمس في خارج طاولة الحوار هي شعارات فقط حيث لم يتم مناقشتها داخل الطاولة عندما طلب منهم ذلك.
وشدد وزير العدل على أن الإصلاحات قائمة، والدخول في الحوار لا يعني نسف الأمن أو القانون الموجود فيها.