توالت ردود فعل غاضبة للمعارضة المصرية على الخطاب المتحدي للرئيس محمد مرسي الذي قدم خلاله كشف حساب عن عامه الأول في السلطة. وقالت «جبهة الإنقاذ الوطني» إن «خطاب مرسي الطويل منفصل عن الواقع، ولم يقدم حلولاً ناجعة للأزمة السياسية التي تعانيها البلاد، وامتلأ بالحديث عن التهديدات والمؤامرات مثل الخطابات السابقة». ورفضت «جبهة الإنقاذ» دعوة مرسي للحوار وأعلنت تمسكها بإجراء انتخابات رئاسية مبكرة مطالبة المصريين بالتظاهر السلمي الأحد المقبل. وقال المتحدث باسم جبهة «الإنقاذ» الوطني خالد داوود إن «المعارضة مصرة على النزول في مظاهرات 30 يونيو للمطالبة بانتخابات رئاسية مبكرة». من جانبها ذكرت حركة 6 إبريل الشبابية المعارضة إن خطاب مرسي أصابها بالإحباط إذ أنه اعترف بأخطائه، لكنه لم يقدم حلولاً لها. وقالت الحركة إن الرد على خطاب مرسي سيكون في الشارع يوم 30 يونيو، رافضة أي حوار مع الرئيس.ويمضي معارضو مرسي قدماً في خططهم لتنظيم تظاهرات ومسيرات حاشدة ضده عبر حملة تمرد، وهي حركة شبابية انطلقت في أبريل الماضي، مطالبة مرسي بالتنحي وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة. وتستغل الحركة، التي قالت إنها جمعت 15 مليون توقيع، تفاقم الأزمة الاقتصادية وشح المنتجات النفطية وتكرار انقطاع الكهرباء وارتفاع أسعار السلع الأساسية لحشد آلاف المصريين الغاضبين.ومنذ انتخاب مرسي كأول رئيس مدني للبلاد في يونيو 2012، لم يصل مستوى القلق والترقب إلى هذا الحد في مصر.ولاسترضاء المحتجين الذين يعتزمون النزول إلى الشوارع الأحد المقبل، وعد مرسي بإصلاحات دستورية كما دعا إلى الحوار، محذراً من أن الانقسامات السياسية تهدد مصر بالشلل. ويندد خصوم مرسي بسعي حركة الإخوان المسلمين التي ينبثق منها الرئيس، إلى السيطرة على كل مفاصل الحكم والسعي إلى «أسلمة» المجتمع. وشهد عام من حكم مرسي، تعثراً واضحاً للاقتصاد وانحسار الاستثمار الأجنبي، وتراجع قطاع السياحة الحيوي بشكل كبير، فيما ارتفع التضخم. وأقر مرسي بالوقوع في أخطاء خلال العام الأول لحكمه متعهداً بإصلاحها. وأكد مرسي أن «الثورة لكي تتحرك لتحقيق أهدافها لا بد لها من إصلاحات جذرية وسريعة». وجدد مرسي دعوته للحوار مع المعارضة المصرية. وأعلن مرسي تشكيل لجنة تنظر في تعديل الدستور الذي صاغته جمعية تأسيسية سيطر عليها الإسلاميون وانتقدتها المعارضة لعدم تمثيلها كل المصريين. لكن مرسي اتهم من أسماهم فلول نظام مبارك بمحاولة إجهاض الثورة وإعادة النظام الفاسد الذين يستفيدون منه. ومن خلفية المشهد السياسي، بقى الجيش ذو النفوذ يراقب الفوضى والاضطرابات في هدوء، لكنه كسر صمته هذا الأسبوع بالتحذير بالتدخل لمنع أي اقتتال داخلي. وقال وزير الدفاع المصري الفريق أول عبدالفتاح السيسي إن «المسؤولية الوطنية والأخلاقية للقوات المسلحة تجاه شعبها تحتم عليها التدخل لمنع انزلاق مصر في نفق مظلم من الصراع أو الاقتتال الداخلي أو التجريم أو التخوين أو الفتنة الطائفية أو انهيار مؤسسات الدولة». يأتي ذلك في الوقت الذي استمر فيه انتشار وحدات تابعة للجيش في أماكن متفرقة من العاصمة المصرية القاهرة وبعض محافظات الجمهورية لتأمين المنشآت الحيوية والاستراتيجية. من جانبه، قال قائد الحرس الجمهوري المصري، اللواء محمد زكي، إن قوات الحرس تؤدي دورها ومهامها بكل أمانة في تأمين وحماية النظام الرئاسي الذي تم اختياره بواسطة الشعب. وأضاف أن «قوات الحرس لن تسمح بمحاولة أي فئة باقتحام القصر الرئاسي الذي يعد ملكاً للشعب المصري». وتابع «لن يتواجد أي عنصر من قوات الحرس خارج القصر، حيث إن مهمته الرئيسة تقتصر فقط على تأمين القصور الرئاسية من الداخل، وليس لها أي تعامل مع المتظاهرين خارج أسوار القصر، إلا في حالة محاولة اقتحام أسواره». وأشار زكي إلى أن «لا دخل لقوات الحرس الجمهوري في رغبة فئة من الشعب في تغيير النظام، وأن مهمته الأساسية هي حماية النظام الرئاسي الذي تم اختياره بواسطة الشعب، حيث إن عدم تنفيذ قوات الحرس الجمهوري لمهامه تعد خيانة لأمانة أوكلها إليه الشعب المصري». وفي مناخ القلق، بدأ المواطنون في سحب نقود من البنوك وتخزين مواد غذائية، وأعلنت شركات عدة أنها ستغلق بعد غد، أول أيام أسبوع العمل في مصر. وزادت أزمة نقص وقود السيارات بمختلف أنواعه من حدة التوتر والقلق بعدما تركت مئات السيارات في طوابير طويلة أمام محطات التزود بالوقود. ودعا تحالف لأحزاب إسلامية إلى تظاهرة مفتوحة اليوم دعماً لمرسي تحت شعار «الشرعية خط أحمر»، قبل يومين من تظاهرات المعارضة المرتقبة ما يزيد من المخاوف من وقوع أحداث عنف. وقرر النائب العام المصري المستشار طلعت عبدالله منع رجل الأعمال محمد الأمين الذي ورد ذكره في خطاب الرئيس المصري من مغادرة البلاد وإدراج اسمه على قوائم الممنوعين من السفر، في ضوء التحقيقات الجارية بشأن اتهامه بالتهرب الضريبي.كما أمر النائب العام بضبط وإحضار الإعلامي المعارض توفيق عكاشة للتحقيق معه في بلاغات مقدمة ضده تتهمه بنشر إشاعات من شأنها تكدير السلم العام. واتهم مرسي في خطابه أمس الأول بعض الإعلاميين بترديد الفتن ونشر الشائعات. وأدانت نقابة الصحافيين الهجوم الذي تضمنه خطاب الرئيس على صحف ووسائل إعلام معارضة، واصفة الهجوم بـ»الإفلاس السياسي». وحذر مجلس النقابة من عواقب تلك اللغة التحريضية ضد الصحافيين، والتي تستعدي عليهم فئات وطوائف من المجتمع خصوصاً في أجواء الاحتقان التي تسود البلاد حالياً، محملاً الرئيس مرسي كامل المسؤولية عن وقوع أي أعمال عنف أو اعتداء على الصحافيين والإعلاميين أثناء تأدية عملهم في تغطية الأحداث الميدانية الجارية. كما استنكر مجلس نقابة الصحافيين حديث مرسي بسخرية وتهكم عن نقيب الصحافيين الأسبق مكرم محمد أحمد. وقرر نادي القضاة المصري عقد اجتماع طارئ، للرد على انتقادات مرسي.وأعلن المستشار علي النمر، الذي اتهمه مرسي بتزوير الانتخابات البرلمانية عام 2005، أنه لم يتهم رسمياً بالتزوير، مؤكداً أنه سيلجأ للقانون ضد الرئيس. وأكد النائب العام السابق، عبدالمجيد محمود، أن الرئيس ارتكب مغالطات قانونية في ما يخص الحديث عن مهمة النائب العام في القضايا. من جهتها، اتهمت منظمة مراقبة حقوق الإنسان الأمريكية «هيومن رايتس ووتش» بالتحريض على الكراهية الدينية والطائفية. وفي سياق آخر، أحالت نيابة أمن الدولة العليا في مصر الرئيس السابق حسني مبارك وابنيه علاء وجمال إلى محكمة الجنايات في قضية فساد جديدة. وقال المحامي العام الأول لنيابة أمن الدولة العليا هشام القرموطي إن مبارك وابنيه أحيلا للمحكمة بتهم تتصل باستخدام جانب من أموال مخصصة لتطوير وصيانة قصور الرئاسة في عهد مبارك. وأضاف أن مبارك وابنيه أحيلوا للمحاكمة محبوسين.«فرانس برس - رويترز - سي إن إن العربية - العربية نت»
970x90
970x90