غالباً ما كانت مارينا بيكاسو، حفيدة الرسام الشهير بابلو بيكاسو، تجد في صغرها باب منزل جدها ومشغله مقفلا... وبعد 40 سنة من وفاته، استعادت ملكية الفيلا الفخمة في كان في جنوب شرق فرنسا. واليوم، باتت بوابة الفيلا تفتح على الفور أمام الزوار. وتجلس مارينا بيكاسوعلى أريكة وتروي قصة عائلية حزينة.
وتقول مارينا التي ورثت في سن الثانية والعشرين آلاف الأعمال من جدها بعد معاناتها من الحرمان لسنوات طويلة «في البداية، لم اكن احتمل رؤية رسومه. واحتجت الى الكثير من الوقت كي افصل بين الفنان والجد».
بعد 40 سنة من وفاة الرسام، امتلأت الفيلا بالرسوم والمنحوتات والخزفيات التي صنعها بيكاسو. وتقول حفيدته «مرت 15 سنة قبل أن أتمكن من القيام بهذه الخطوة».
وبطلب من مدينة كان، أخرجت مارينا بيكاسو من صناديقها 90 تحفة لبيكاسو تم عرضها في معرض صيفي، من بينها مجموعة مميزة من رسوم العري. وأقرضت أيضاً تحفتين من الفيلا. وهي تقول «أحب التبادل، أنها صفة موروثة لدي».
عندما كان بيكاسو يعيش في كان مع زوجته الثانية جاكلين بدءاً من العام 1955، كان الصالون الحالي المزين بأثاث قديم مشغلا تعمه الفوضى. وتروي مارينا «كان يعيش وسط صناديق لليمون، كان يعيش كل يوم بيومه». وتقول إنها تصالحت مع بيكاسو الفنان، وليس الرجل، شارحة «لم يكن جدا بكل ما للكلمة من معنى ولا أباً عطوفاً».
توفي باولو، ابن بيكاسو وراقصة الباليه الروسية أولغا خوخلوفا من جراء إدمان الكحول في الخمسين من العمر، بعد سنتين من رحيل والده. وتروي مارينا أنه «لطالما كان في خدمة والده ولم يكبر. كان يحضر الأطر لوالده كي يضع رسومه عليها».
أما ابنته مارينا فولدت سنة 1950 بعد شقيقها بابليتو. ونادراً ما كان الاثنان يزوران بيكاسو في صغرهما أو يحصلان منه على المال.
وتقول مارينا ان ذكرياتها في كان تختصر ب»الانتظار لفترة طويلة خلف البوابة» ريثما يستيقظ «السيد». وتضيف «كان يدعونا لزيارته عند الحادية عشرة صباحا ويستقبلنا أحياناً عند الساعة الثانية بعد الظهر ونحن من دون طعام. وكانت جاكلين تطلب منا أن ننتظر لأنها كانت تتجنب كل ما يزعجه». وتتابع «بالنسبة إلي، كان فناناً مندفعاً ورجلاً قلقا».
وتضيف «كانت بصمة جدي فينا كبيرة جداً إلى درجة أننا كنا نعجز تقريباً عن التفكير من دونه. وعندما علمنا بخبر وفاة جدي (سنة 1973)، أراد شقيقي أن يقبله للمرة الأخيرة لكن جاكلين طردته إلى الخارج. فانتحر لاحقاً بشرب سائل مبيض».
وقد عرفت ملهمات بيكاسو كلهن مصيراً مأسوياً. فماري تيريز والتر شنقت نفسها وجاكلين بيكاسو أطلقت النار على نفسها ودورا مار توفيت في البؤس بعدما رفضت بيع لوحاته. وتقول مارينا «كان يحب النساء ويستفيد منهن كي يكون خلاقاً»، مشيرة إلى صورة لجدتها أولغا التي توفيت مشلولة في كان من دون أن يزورها بيكاسو.