يبدو أن المواطن قد كتب له أن يعيش بين فكي الرحى، ما بين رواتب بسيطة لا تكاد أن تغطي مصاريف الشهر وما بين الوزارات الخدمية التي سخرت جهودها لاستنزاف الجيوب، ليطل علينا نواب العالم الآخر باقتراح الزيادة العامة، لكن ليست الزيادة التي ينشدها ناخبوهم، ولكن تطل علينا زيادة أخرى هي المخالفات والغرامات المرورية التي جلبوها من المريخ ليطبقوها في البحرين، نعم فهم بعد استلامهم لمكافأة الأربعة آلاف دينار ربما قد نسوا أن رواتب البحرينيين قد تذهب لدفع مخالفة واحدة فقط من المخالفات.
نحن لا نقف ضد عمل إدارة المرور فهي تؤدي واجباتها على أكمل وجه، ولابد أصلاً من وجودها لتنظيم المرور في الشوارع وضبط المخالفين، ولكن ذلك يكون في حدود المعقول لا أن تجوع أسرة بالكامل بسبب مخالفة مرورية بسيطة.
نعم هناك متهورون من الشباب يجب أن تشدد عليهم العقوبات حتى لا تتكرر الحوادث المميتة والتي حصدت الكثير من الضحايا، فلماذا التقصير من البداية في عمل البرامج التوعوية واحتواء هذه الفئة وحمايتهم من حوادث الطرق قبل الوقـــوع في الكارثة.
لا تخلو أي سيارة أو سائق من المخالفات يومياً لأن ثقافة المجتمع قد بنيت على سلوكات خاطئة، فكثير منا قد يتحرج من استخدام حزام الأمان فقط لأن أصدقائه يضحكون عليه، وآخرون ظنوا أن الشارع حلبة سباق لاستعراض الحركات والقيادة بسرعات جنونية، لكن الغريب في الأمر أن كل السائقين يلتزمون السير في المسار الأيسر حتى «اللي يمشي على بيض»، ولا يمانع أخونا المجنون بأن يفقع عينه بأنوار السيارة أو أن يدفعه دفعة خفيفة بـ»البمبر»، وكذلك فإن أكثر ما يحزنني هم من يقذفون قاذوراتهم في الشوارع ليكنسها غيرهم.
وهناك الكثير من السلوكات والتجاوزات الخاطئة من السائقين، ولكن هذا لا يعني بأن رجال المرور دائماً على حق، ولتعلم إدارة المرور بأننا معهم في أن تكون هناك مخالفات وغرامات «قارصة» ولكن في حدود المعقول، فغرامة 50 ديناراً هي أمر وارد ويمكن أن يكون عقاباً رادعاً.
لكن المطلوب أيضاً هو تعاون الجهات الأخرى المعنية بالأمر وعلى رأسها وزارة الأشغال، إذ يتطلب أن تقوم بدراسة وافية في تخطيط الشوارع ورصفها وحواجز السلامة على الطرق، حيث إن بعض الشوارع بها الكثير من الحفر وأعمال الصيانة التي تستغرق وقتاً طويلاً، كما يجب أن تقوم جميع المؤسسات المجتمعية والأهلية جنباً إلى جنب مع الوزارات ذات الصلة بالتعاون على المحافظة على الشوارع والممتلكات العامة، فليس من المعقول أن يتم رصف شارع وإنارته ويقوم بعض المخربين بإتلاف هذه الشوارع بالحرق والتكسير.
نريد أن لا يكون الالتزام من السائقين آنياً بل حقيقياً ونابعاً من قناعة، لا خوفاً من المخالفة، وأن لا يخالف أحد القوانين حتى لا يحصل على عقاب، وأن يستشعر الجميع بأن هناك أهلاً وأصدقاء لمرتادي الشارع وكل الأمور تسري على يسر، والأهم من ذلك إذا كانت هناك مخالفة يجب أن تسري على الجميع دون محسوبية ولا إلغاء للمخالفة بواسطة، فإذا كنت تمشي في السليم من الطبيعي أن لا تعاقب بمخالفة وسنحافظ على سلامة الأرواح.
عبدالله الشاووش