قال الناشط الحقوقي المستقل سلمان ناصر، إن: «الأطراف التي تمثل الحكومة، فشلت في استغلال أدواتها الحقوقية بالتصدي، لقوى التحشيد الداخلي الخارجي، الهادفة إلى تشويه سمعة مملكة البحرين في مجال حقوق الإنسان، وعلى مسار «حوار التوافق الوطني»، محملاً أسباب ذلك إلى قصور الأداء الإعلامي لكافة البعثات الدبلوماسية لمملكة البحرين، الذي أدى إلى إصدار 44 دولة بياناً عن مملكة البحرين في الجانب الحقوقي، مضيفاً أن عجز وزارة حقوق الإنسان في التأثير الإعلامي على قوى الضغط الدولية، وقصورها في الرد على ما يكتب من تقارير دولية حقوقية، ساهم في تقويض فرص التأييد الدولي لصالح موقف مملكة البحرين في المجال الحقوقي. كما إن المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان وهي أحد أطراف صراع القوى «المتضادة» الذي تمثله «الحكومة»، فشلت هي الأخرى في ترويج المنجزات الحقوقية».
وأوضح أن وزارة حقوق الإنسان، اكتفت بنشر 47 مادة إعلامية أرسلتها، خلال الثلث الأول من العام 2013، مستهدفة 3 عواصم فقط، مشيراً إلى 61% من الإعلام الدولي ربط خبر حوار التوافق الوطني بخبر تعيين سمو ولي العهد، إذ تناولت 240 مؤسسة إعلامية دولية خبر تعيين سمو ولي العهد.
وأكد ناصر، أن منظمة هيومن رايتس لم تلتزم الدقة والموضوعية في تقاريرها تجاه مملكة البحرين، مستندة على روايات المعترضين على الحوار، دون الإشارة إلى العمليات الإرهابية التي طالت مملكة البحرين، وراح ضحيتها رجال أمن وعمال نظافة، مضيفاً أن معظم تقارير منظمة هيومن رايتس تصدر من بيروت.
وأكد ناصر، أن «حوار التوافق الوطني 2013 الذي تعقد جلساته حالياً بمشاركة مكونات المجتمع السياسي البحريني والسلطات ذات العلاقة المتمثلة في السلطتين التشريعية والتنفيذية، تأثر بتطور المشهد الحقوقي في مملكة البحرين على حوار التوافق الوطني 2013. جاء ذلك في التقرير الخامس الذي يصدره «مرصد حوار التوافق الوطني «تحاور» التابع لمجموعة «حقوقيون مستقلون»، الذي تناول فيه تأثير المتغيرات المحلية والدولية على حوار التوافق الوطني».
وأضاف سلمان أن «التحشيد لإصدار البيانات عن مملكة البحرين بمجلس حقوق الإنسان من قبل حكومات أجنبية ومنظمات دولية حقوقية لم يأت محض الصدفة، حيث سعت قوى «معترضة»، داخل وخارج البحرين إلى استغلال أدوات حقوق الإنسان من أجل تحشيد قوى ضغط دولية يهدف إلى تحقيق مكاسب سياسية لتخدم رؤى وتطلعات هذه القوى «المعترضة»، وهذا المسعى من قبل القوى «المعترضة» يحدد معالم لخارطة صراع يجمع قوى «متضادة» تتمثل في طرفين هما القوى «المعترضة» ومن جهة أخرى مؤسسات رسمية «الحكومة»، بصفتها الطرف المستهدف للتأثير عليه من قبل الطرف الآخر وهم «المعترضون».
وأشار سلمان إلى أن «كلاً من وزارة حقوق الإنسان، والمؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان، لم تتعاطَ مع الموضوعات التي أنشئت من أجلها هذه المؤسستين الرسميتين الحقوقيتين بشكل يعزز أهدافها، موضحا أن البعثات الدبلوماسية البحرينية في الخارج لم توفق في التأثير على الرأي المحلي في البلدان التي تعمل منها لصالح حشد التأييد الدولي المساند لموقف الحكومة في المجالات الحقوقية، وأضاف أن ضعف الأداء الإعلامي للبعثات الدبلوماسية البحرينية لعب دوراً في غياب تأثير هذه البعثات».
وأكد سلمان أن ما توصل إليه «المرصد» في هذا التقرير من نتائج قد بنيت على منهج علمي، ويشير سلمان إلى أن هذا التقرير لـ»المرصد» تناول المتغيرات المحلية والدولية المؤثرة على حوار التوافق الوطني، حيث قام «المرصد» برسم خارطة التفاعل الإعلامي للمؤسسات الرسمية ذات الصلة بحقوق الإنسان والدبلوماسية البحرينية، وتحديداً كل من وزارة حقوق الإنسان والمؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان والبعثات الدبلوماسية البحرينية في الخارج. كما قام «المرصد» بقياس التفاعل الإعلامي المحلي المتمثل في كتّاب الأعمدة والمقالات في الصحف المحلية وتم تقسيمها وفقاً لمعيار التطرف، إلى جانب التفاعل الإعلامي الدولي المتمثل في الأخبار والموضوعات التي نشرت في الصحافة الدولية حول حوار التوافق الوطني وما شابهه من أعمال عنف وتخريب بدعم من قوى سياسية محلية ودينية.
وأضاف سلمان أن «المرصد» عمل على تحليل كيفية استغلال «معترضون» في الداخل والخارج لهذه المتغيرات لدعم موقفهم الراديكالي تجاه مملكة البحرين، مستدركاً أن «المرصد» تابع أيضاً تعاطي المؤسسات الحقوقية والدبلوماسية البحرينية في الترويج للحوار وكيفية مواجهة تقارير المنظمات الحقوقية الدولية التي يتم استخدامها كأدوات ضغط على الحوار لتحقيق مكاسب سياسية بتحشيد قوى ضغط خارجية».
وزارة حقوق الإنسان لم تؤثر إعلامياً
قام «المرصد» برصد وتحليل المواد الإعلامية التي نشرتها وزارة حقوق الإنسان، والتي يمكن من خلالها قياس مدى التفاعل الإعلامي للوزارة مع المتغيرات السياسية والحقوقية المؤثرة على الحوار ووضع حقوق الإنسان في مملكة البحرين، وبالتالي قياس ومعرفة تأثير ذلك على سير جلسات حوار التوافق الوطني في نسخته الثانية 2013 .
وتمكن «المرصد» من رصد 47 مادة إعلامية أرسلتها وزارة حقوق الإنسان خلال الثلث الأول من العام الحالي 2013 للنشر في وسائل الإعلام، وأخذت الأخبار النصيب الأكبر لهذه المواد التي اشتملت على استقبالات المسؤولين والزيارات الخارجية وعقد الاجتماعات، وكان مجموع الأخبار 40 خبراً، فيما بلغت البيانات 5 بيانات، في مقابل عدد «2» تقرير فقط. وبقراءة مضمون هذه المواد توصّل «المرصد» إلى أن المواد الإعلامية للوزارة استهدفت في نطاقها الجغرافي 3 عواصم هي «جنيف» بنسبة 28%، و»القاهرة» بنسبة 10%، و»المنامة»، بنسبة 62%، وهو ما يشير إلى أن الوزارة لم تقم بتوصيل رسائلها الإعلامية إلى أية عواصم عربية أو أجنبية أخرى، واكتفت بتغطية فعالياتها عبر الزيارات الخارجية أو الاجتماعات التي شارك فيها وزير حقوق الإنسان في كل من جنيف والقاهرة والمنامة فقط.
وعند تحليل التفاعل الإعلامي للوزارة، وبالرجوع إلى أبرز مهام وزارة حقوق الإنسان المتمثلة في اقتراح السياسات والخطط والبرامج والإجراءات الكفيلة بتعزيز حقوق الإنسان، ودراسة التشريعات والقوانين ومدى انسجامها مع مبادئ وقواعد الاتفاقات والمعاهدات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان. فإن «المرصد» انتهى إلى أن الوزارة لم تنجح في استخدام وسائل الإعلام بما يتماشى مع أبرز مهامها واختصاصاتها، ولم تستفد من مخرجات وسائل الإعلام التي تؤثر بصورة كبيرة في تحريك الرأي العام الدولي لتدعيم موقف البحرين في المحافل الدولية، فضلاً عن افتقار الوزارة إلى موقع إلكتروني يسهم في ترويج أهدافها ورسالتها للحكومات الأجنبية، وضعف أداء الوزارة في الاستفادة من مواقع التواصل الاجتماعي لاسيما «تويتر» و»فيسبوك» و»يوتيوب»، سواء على مستوى الوزارة أو في شخص الوزير.
ضعف أداء المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان
وفي ما يتعلق بالمؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان، فقد استطلع «المرصد» وجود 22 مادة إعلامية قامت المؤسسة بإرسالها لوسائل الإعلام خلال الثلث الأول من العام الحالي 2013، وتوزّعت هذه المواد على الأخبار والبيانات، فيما خلت كافة المواد من أية تقارير قامت المؤسسة بإعدادها للنشر في وسائل الإعلام. وبلغت الأخبار 15 خبراً مقابل 7 بيانات.
وانتهى «المرصد» بعد تحليل المواد الإعلامية للمؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان، إلى أنها عكست ضعف الأداء الإعلامي للمؤسسة، وذلك بعد أن خلت جميع المواد الإعلامية من التقارير الحقوقية المحلية أو الدولية، سواء تلك التقارير التي تعكس حال حقوق الإنسان في البحرين أو التقارير التي ترد على المغالطات التي تضمنتها بعض التقارير الدولية حول حقوق الإنسان في البحرين. إلى جانب أن جميع الأخبار والبيانات كانت مقتصرةً على الاجتماعات والاستقبالات التي عقدتها المؤسسة، كما شاب البيانات التي أصدرتها قصور، حيث إنها لم تليها أية تقارير تؤكد على موقف المؤسسة الوطنية تجاه القضايا التي أصدرت في حقها بياناتها، كما هو متعارف عليه في العمل الحقوقي المحترف.
جدير بالذكر أن المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان، تتمتع بصلاحيات تضمن لها استقلاليتها القانونية والمالية، كما أنها تختص بتقديم التقارير والرد على المشاريع والاتفاقات المعنية بحقوق الإنسان، التي أوردها الأمر الملكي رقم 46 لسنة 2009، بإنشاء المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان، وعلى الرغم من ذلك فإنها لم تقدم أي تقرير للمنظمات الدولية ولم تبرز التشريعات الدستورية والقانونية الأخيرة التي تتماشى مع توصيات اللجنة المستقلة لتقصي الحقائق والتقرير الشامل لحقوق الإنسان الأخير، ولم تشر من خلال أخبارها وبياناتها بالرد أو تفنيد تقارير المنظمات الدولية.
وتمثلت أبرز جوانب الضعف الإعلامي في عمل المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان في عدم وجود صفحات باللغة الإنجليزية في الموقع الإلكتروني للمؤسسة، وأن كثير من الوصلات في الموقع الإلكتروني للمؤسسة الوطنية «قيد الإنشاء»، كما إن حساباتها في مواقع «تويتر» و»فيسبوك» و»فليكر» معطلة منذ إنشائها مارس 2012 وحتى يوم كتابة هذا التقرير.
ويرى «المرصد» أن كل ما سبق كان سبباً في ضعف وصول المعلومات والبيانات الدقيقة حول حالة حقوق الإنسان في مملكة البحرين، وهو ما يضعف قدرة مملكة البحرين في التحشيد لموقفها أمام مجلس حقوق الإنسان. ومن زاوية أخرى فإن ضعف التفاعل الإعلامي للمؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان، ساهم أيضاً في التأثير سلباً على حوار التوافق الوطني في نسخته الثانية 2013.
البعثات الدبلوماسية البحرينية يشوبها القصور
تابع «المرصد» باهتمام بالغ التفاعل الإعلامي للبعثات الدبلوماسية الرسمية لمملكة البحرين في الخارج، ففي تاريخ 5 ديسمبر 2012 حث رئيس الوزراء لدى استقباله السفراء المعتمدين في دول العالم على تسخير إمكاناتهم لإطلاع العالم على حقيقة الإنجازات الإصلاحية، وعمل الحكومة الدؤوب لزيادة المكتسبات المصاحبة التي تحققت علي صعيد تنفيذ توصيات اللجنة المستقلة لتقصي الحقائق، وتنفيذ مرئيات الحوار الوطني والتعديلات الدستورية، وما حققته المملكة على المستوى التشريعي والعملي لاسيما في جانب تكريس مبادئ حقوق الإنسان وما يتطلبه ذلك من زخم سياسي وإعلامي ودبلوماسي بالغ الأهمية.
واستدراكاً لما سبق، وبتحليل التفاعل الإعلامي للبعثات الدبلوماسية البحرينية في الخارج خلال الثلث الأول من العام الحالي 2013، فإن «المرصد» انتهى إلى قياس أداء الدبلوماسية البحرينية، من خلال رصد الحراك الإعلامي للبعثات الدبلوماسية البحرينية في الخارج عبر مواقعها الإلكترونية، وآلية ترويج مخرجات حوار التوافق الوطني الأول 2011، وما تم تنفيذه من توصيات اللجنة المستقلة لتقصي الحقائق، وكيفية التعاطي الإعلامي مع أخبار حوار التوافق الوطني الحالي 2013، فإن «المرصد» يؤكد الضعف الشديد في الجانب الإعلامي الذي يشوب أداء عمل البعثات الدبلوماسية البحرينية كافة في الخارج.
وعمل»المرصد» على تحليل الأداء الإعلامي لـ 30 بعثة دبلوماسية بحرينية في الخارج خلال الثلث الأول من العام الحالي 2013، ومن خلال متابعة «المرصد» للمواقع الإلكترونية وحسابات التواصل الاجتماعي لهذه البعثات، فإن جميع هذه البعثات مجتمعةً قد ضمّنت مواقعها الإلكترونية بـ17 مادة إعلامية فقط منذ بداية العام 2012 وحتى لحظة كتابة هذا التقرير وجميعها أخبار إعلامية لم تتضمن أي بيان أو تقرير، أي بمعدل نصف خبر لكل بعثة دبلوماسية بحرينية طوال 15 شهراً مضت. والملاحظ أن جميع هذه الأخبار لا تتعلق بالمفاصل الرئيسية السياسية والحقوقية في مملكة البحرين، حيث لم تنشر هذه البعثات الدبلوماسية أية أخبار متعلقة بحوار التوافق الوطني الأول 2011 والحالي 2013، ولم تشر هذه الأخبار بأي حال من الأحوال إلى تقرير اللجنة المستقلة لتقصي الحقائق، أو التوصيات التي قامت الحكومة بتنفيذها.
ويؤكد «المرصد» أن البعثات الدبلوماسية البحرينية في الخارج غيبت الإنجازات الحقوقية لمملكة البحرين دولياً، ولم تقم بالاستفادة من كثير من التقارير التي تنشرها وكالة أنباء البحرين، فعلى سبيل المثال، فإن الوكالة «بنا» قد نشرت 120 خبراً وتقريراً عن الحوار على موقعها، وجلّ ما قامت به وزارة الخارجية أنها وضعت وصلة واحدة على موقعها الإلكترونية الرئيس، للموقع الإلكتروني الرسمي لحوار التوافق الوطني.
ونتيجةً لما سبق، فإن «المرصد» يرى أن ضعف الأداء الإعلامي للبعثات الدبلوماسية البحرينية في الخارج أدى إلى نجاح «سويسرا» مؤخراً في حشد تأييد 44 دولة لإصدار بيان عن البحرين في مجلس حقوق الإنسان، وذلك على الرغم من كل ما تم تحقيقه على أرض الواقع من إصلاحات عززت حقوق الإنسان، حيث شكل هذا التحشيد أداة ضغط على الحكومة.
واستخلص «المرصد» إلى أوجه القصور التي شاب عمل البعثات الدبلوماسية البحرينية في الخارج، ومنها ضعف أداء وتفاعل المواقع الإلكترونية للبعثات الدبلوماسية البحرينية في الخارج، وعدم وجود خطط إعلامية تهدف إلى التأثير على قوى الضغط الدولية لاسيما في مجلس حقوق الإنسان بجنيف، وعدم امتلاك القدرة القياسية في التنبؤ بتأثير المتغيرات الدولية، وهو ما يعني أن البعثات تعمل في إطار موجة «رد الفعل»، وليس موجة «الفعل»، وضعف الردود والتبريرات رغم علم الدبلوماسية في جنيف بأن هناك دولاً تقوم بتسييس العمل الحقوقي في البحرين، واقتصار التفاعل الإعلامي على الدفاع دون المبادرة، وعدم الاستفادة من الشخصيات البحرينية التي تمتلك خبرات بفضل مناصبهم الدولية ، ومنهم سعيد الفيحاني نائب رئيس اللجنة الاستشارية بمجلس حقوق الإنسان في جنيف، وأمل الدوسري عضو لجنة حقوق الطفل بالأمم المتحدة.
«هيومن رايتس» لا تلتزم الدقة والموضوعية
المواد الإعلامية التي أصدرتها منظمة هيومن رايتس ووتش حول أوضاع حقوق الإنسان في البحرين، وبعد مراجعة كافة هذه المواد التي تضمنت بيانات وتقارير، انتهى «المرصد» إلى أن هيومن رايتس ووتش لم تتحلَ بالدقة والمصداقية المطلوبة أثناء ممارسة عملها الحقوقي وتطبيقاته في مملكة البحرين. وبمراجعة جميع المواد الإعلامية التي نشرتها المنظمة حول البحرين منذ العام 1991 وحتى لحظة كتابة هذا التقرير، يمكن الجزم بأن هذه المواد التي استهدفت البحرين لا تستقيم مع حجم الانتهاكات الحقوقية في كل من سوريا والعراق وفلسطين المحتلة وإيران. كما إن المنظمة عملت على ترجمة الكثير من المواد المتعلقة بالبحرين إلى 9 لغات، منها العربية والإنجليزية والفرنسية. كما طالبت المنظمة في كثير من بياناتها الحكومة البحرينية بإطلاق سراح عدد من المسجونين في قضايا جنائية غير متصلة بحرية التعبير، وهو يعد تدخلاً سافراً في السلطة القضائية والتقليل من استقلاليتها وحياديتها.
ولاحظ «المرصد» أن كافة تقارير هيومن رايتس قد نشرت من العاصمة اللبنانية «بيروت» باستثناء البيان الذي تلا المؤتمر الصحافي الذي عقدته المنظمة في البحرين أثناء زيارتها الأخيرة. وجدير بالذكر أن عدد من المعترضين يتخذون من بيروت ملجأ لهم وهم مازالوا يقدمون الدعم لأعمال العنف والتخريب في البحرين.
وعلى الرغم من ضرورة أن تتحلى المنظمات الحقوقية بالموضوعية والدقة والاستقلالية عن أية مؤثرات لاسيما أثناء تأديتها لواجباتها الحقوقية، إلا أن مديراً تنفيذياً بمنظمة هيومن رايتس ووتش وهو «كنث روث»، قد نشر مقالاً على صفحة مجلة «فورن بوليسي» الأمريكية بتاريخ 2 يناير 2013، انتقد فيه الرئيس الأمريكي باراك أوباما على دعمه لحوار التوافق الوطني 2013 في مملكة البحرين، في حين نشرت «سارة ويتسين»، وهي مدير تنفيذي آخر في هيومن رايتس ووتش مقالاً لها في مدونة «سي إن إن»، الأمريكية بتاريخ 15 مارس 2013، أساءت فيه إلى المشروع الإصلاحي في البحرين وانتقدت الحوار، ومثل هذه الآراء للمسؤولين في المنظمة يعكس موقف المنظمة من محاربة الحوار في البحرين، وهو ما يجعل جميع تقارير المنظمة غير دقيقة في وصفها للأحداث.
كما تبين أن منظمة هيومن رايتس ووتش لم تتطرق في تقاريرها للأعمال الإرهابية التي تقوم بها وتدعمها جماعات راديكالية «متطرفة»، أبرزها العمل الإرهابي بتفجير عبوات ناسفة محلية الصنع راح ضحيتها عمال نظافة وأفراد من قوات حفظ النظام والزج بالأطفال في أعمال العنف، وهو ما يؤكد سعي المنظمة إلى أجندات محددة لا تتصف بالدقة والمصداقية أثناء مزاولة عملها الحقوقي.
ويرى «المرصد» أن منظمة هيومن رايتس ووتش لم تكن على قدر المسؤولية الإنسانية في نقل الحقائق، وهذا ما أكده السفير البريطاني في أحد مقابلاته الصحافية الأخيرة إذ أكد أن التفجيرات هي عمل إرهابي ووصف المنظمة بالاستعلاء والغطرسة على ادعائهم بأن البحرين لم تحرز تقدماً في وعودها في الإصلاحات.
التفاعل الإعلامي المحلي والدولي تجاه الحوار
ففي الجانب المحلي قام «المرصد» بتصنيف الموضوعات حسب مقياس «التطرف»، وفقاً لمؤشر التفاؤل والتشاؤم، والذي يهدف لقياس درجة التعصب والتصلب في الآراء تجاه النتائج المرجوة من حوار التوافق الوطني في المحور السياسي، حيث قام «المرصد» بتوثيق 314 مقالة صحافية، واستقرت النتائج إلى وجود زيادة كبيرة في عدد المقالات المتطرفة تجاه الحوار، إذ بلغت نسبتها 10.4% فيما كانت سابقاً 3.7%، كما تضاعفت المقالات المتشائمة تجاه الحوار لتصل إلى 30.7%، وفي مقابل ذلك انخفضت نسبة المقالات المتفائلة بالحوار لتبلغ 58.9% فيما كانت سابقاً 81.8%.
أما التفاعل الإعلامي الدولي، فقد قام «المرصد» بتحديد 3 مفردات رئيسة في عملية الرصد الإعلامي التي قام بها، تمثلت المفردة الأولى في الأخبار المتصلة بحوار التوافق الوطني، وتمثلت المفردة الثانية في الأخبار المتصلة بأعمال العنف، فيما تمثلت المفردة الثالثة في الأخبار المتصلة بتعيين ولي العهد نائباً أولاً لرئيس مجلس الوزراء. وفي سبيل ذلك قام «المرصد» بتوثيق 240 وسيلة إعلامية دولية قامت بتغطية أخبار العنف وحوار التوافق الوطني وتعيين ولي العهد نائباً أول لرئيس مجلس الوزراء.
وتفاعلت المؤسسات الإعلامية الدولية مع أخبار العنف في البحرين وحوار التوافق الوطني، حيث تناولت ما نسبته 10% أخبار الحوار بشكل منفصل ، فيما تناولت ما نسبته 11% أخبار العنف بشكل منفصل، فيما تناولت ما نسبته 79% أخبار الحوار والعنف معاً، وتؤكد النسبة الأخيرة إلى أن الاهتمام الإعلامي الدولي كان ينصب في إطار تناول الحوار والعنف معاً في إشارةً إلى مدى تأثير الحوار من الجانب الإيجابي واستخدام العنف من قبل المتطرفين للتأثير على المتحاورين وسير الحوار.
أما في ما يتعلق بخبر تعيين ولي العهد نائباً أول لرئيس مجلس الوزراء، فقد تناولت ما نسبته 39% من المؤسسات الإعلامية الدولية لخبر التعيين بشكل منفصل عن الحوار، فيما تناولت ما نسبته 61% لخبر التعيين بشكل مرتبط بحوار التوافق الوطني، كما تبين الاهتمام الإعلامي الدولي كان إيجابياً تجاه تعيين ولي العهد نائباً أول لرئيس الوزراء حيث إن جميع الأخبار أشادت بقرار التعيين.
تأثير المشهد الحقوقي على الحوار
عمل»المرصد» على تحديد معالم خارطة صراع القوى المتضادة في المشهد الحقوقي لمملكة البحرين، وتأثير هذا المشهد على حوار التوافق الوطني 2013، وقد خلص «المرصد» إلى أن التحشيد لإصدار البيانات عن مملكة البحرين بمجلس حقوق الإنسان من قبل حكومات أجنبية ومنظمات دولية حقوقية لم يأت محض الصدفة، حيث سعت قوى «معترضة»، داخل وخارج البحرين إلى استغلال أدوات حقوق الإنسان من أجل تحشيد قوى ضغط دولي يهدف إلى تحقيق مكاسب سياسية لتخدم رؤى وتطلعات هذه القوى «المعترضة»، وهذا المسعى من قبل القوى «المعترضة» يحدد معالم لخارطة صراع يجمع قوى «متضادة»، تتمثل في طرفين هما القوى «المعترضة» ومن جهة أخرى مؤسسات رسمية «الحكومة» بصفتها الطرف المستهدف للتأثير عليه من قبل الطرف الآخر وهم «المعترضون».
تتزعم «الحكومة» الطرف الأول في الصراع، وهي تستمد قوتها من عدة أطراف تتمثل في الدبلوماسية البحرينية الممثلة في البعثات الدبلوماسية البحرينية في الخارج، والمؤسسات الحقوقية الرسمية في الداخل وهما وزارة حقوق الإنسان والمؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان، إلى جانب عدد من الجهات الأهلية الممثلة عن عدة قطاعات تهتم وتعمل في المجالات الحقوقية، وأخيراً مجموعة من المؤيدين الدوليين الذين يشكلون قوى الدعم الدولي لما تم إنجازه على أرض الواقع.
أما الطرف الآخر في الصراع المتمثل في «المعترضون»، فإنهم يستحوذون على تأييد عدة أطراف تتمثل في معترضون في الداخل والخارج، ومؤزمون في الشارع وهم أفراد وجمعيات أهلية تقوم بتأييد أعمال العنف والتخريب، ومرجعيات دينية ومؤيدون دوليون يشكلون قوى ضغط دولية.
ومن أجل إدارة دفة الصراع، فإن كلاً من طرفي الصراع وهم «الحكومة» والقوى «المعترضة» يمتلكان أدوات حقوقية قد تتشابه أو تختلف، فأدوات «الحكومة»، تتمثل في الرد على التقارير الحقوقية الدولية، والترويج للمنجزات الحقوقية التي حققتها البحرين، والعمل على تحشيد قوى الدعم الدولية. أما أدوات القوى «المعترضة»، فتتمثل في تسييس التقارير الحقوقية واستثمار ترجمة هذه التقارير لعدة لغات، وتحشيد قوى الضغط الدولية.
وتوضح الخارطة كذلك المستهدفين من قبل طرفي الصراع «الحكومة» والقوى «المعترضة»، وهؤلاء المستهدفون هم جهات رسمية دولية ومنظمات دولية وسفراء مجلس حقوق الإنسان ووسائل التواصل الاجتماعي وأخيراً الإعلام المحلي والدولي.
وعند تحليل ما تم في صراع القوى «المتضادة» استنتج «المرصد» قيام «المعترضون»، باستهداف حكومات أجنبية ومنظمات دولية من أجل تكوين قوى ضغط دولية تؤثر على وضع وسمعة مملكة البحرين الدولية في المجال الحقوقي لتحقيق مكاسب سياسية، كما نجح «المعترضون»، في استغلال تقارير حقوقية دولية أطلقتها منظمة هيومن رايتس ووتش، وهي تقارير لم تتسم بالموضوعية والدقة حول وضع حقوق الإنسان في البحرين، حيث تم الترويج لهذه التقارير من أجل كسب التأييد الدولي، كما إن «المعترضون»، نجحوا في استخدام ترجمة التقارير إلى عدة لغات لإيصال المعلومات والبيانات إلى المنظمات الدولية وكل من الإعلام المحلي والدولي. واستعان «المعترضون» بمرجعيات دينية على أسس «طائفية» وجماعات تأزيمية في الداخل والخارج تتخذ بعضها صبغة حقوقية، واستخدموا الشارع كوسيلة للقيام بأعمال عنف وتخريب من أجل التحشيد وكسب مزيد من قوى الضغط الدولي.
في المقابل فإن الأطراف التي تمثل الحكومة، فشلت في استغلال أدواتها الحقوقية من أجل التصدي في صراع القوى «المتضادة». فالدبلوماسية البحرينية الممثلة في البعثات الدبلوماسية البحرينية في الخارج فشلت في كسب التأييد الدولي «قوى التأييد الدولية»، بسبب ضعف تفاعلها الإعلامي وعجزها في الترويج للمنجزات الحقوقية. أما وزارة حقوق الإنسان فإن افتقارها للموقع الإلكتروني الذي يليق بالسمعة الدولية لمملكة البحرين في مجال حقوق الإنسان وضعف وسائلها في التواصل الاجتماعي وعجزها في التأثير الإعلامي على قوى الضغط الدولية، وقصورها في الرد على ما يكتب من تقارير دولية حقوقية، كل ذلك ساهم في تقويض فرص التأييد الدولي لصالح موقف مملكة البحرين في المجال الحقوقي. كما إن المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان وهي أحد أطراف صراع القوى «المتضادة» الذي تمثله «الحكومة»، قد فشلت هي الأخرى في ترويج المنجزات الحقوقية، فالمؤسسة الوطنية اكتفت في تفاعلها الإعلامي على نشر أخبار حول استقبالات وزيارات واجتماعات، وافتقر موقعها الإلكتروني لوجود واجهة غير اللغة العربية، كما إن قنواتها في التواصل الاجتماعي مجمدة.