^ هذا تعبير يراد منه أنه لم يعد في استطاعة المعني أن ينطق ببنت شفة لأن الآخر أفحمه ولم يعد أمامه أي مجال ليدافع عن نفسه بالحجة، لذا يقال إنه ألقم حجراً أي إن فمه الآن ممتلئ بالحجر فلا يستطيع أن ينطق، والمقصود أن موقفه صار ضعيفاً وهزم شر هزيمة. أما (هههههههه) فليس بالضرورة أن تكون شامتة أو ساخرة، لكنها تكون عادة من نصيب المهزوم حتى في برامج الرسوم المتحركة، حيث يأتي من يقول للمهزوم بصوت لافت (هههههه لقد ألقموك حجراً)، ويأتي آخر ليقول بصوت مختلف (لقد ألقموه حجراً ههههههههه)! لكن قصة إلقام الحجر المقصودة هنا لا علاقة لها بأفلام الرسوم المتحركة؛ إنما بواقع عاشه الناس في البحرين، فبعد كل المحاولات (السلمية وغير السلمية) التي حاول بها البعض زعزعة أمن البلاد وإحداث تغيير وصولاً إلى إسقاط النظام انتهت القصة بهزيمة، ينبغي أن يعترف بها أولئك الذين شطح بهم الخيال كثيراً فظنوا أن ما يفعلونه سهل المنال.. فألقموا حجراً. الأكيد أنهم لن يعترفوا بالهزيمة وفي أقصى الحالات سيقولون إنها الجولة الأولى وأن هناك جولات قادمة سيربحونها، بل إن بعضاً من هذا البعض يعتبر ما آلت إليه الأمور نصراً وليس هزيمة. إحداهن قالت إنها سألت زوجها المحكوم عليه بالسجن هل سننتصر فأجابها “بل انتصرنا”! أما الذين تستضيفهم فضائية العالم الإيرانية (السوسة) فمستمرون في تصوير الأمور بشكل أنهم هم من ألقم الحكومة حجراً وليس العكس، وهو أمر يصب في خانة المكابرة ليس إلا، وإلا فإن الشواهد على الأرض تحكم بهزيمتهم وتؤكد ابتعادهم عن الواقع والورطة التي أوقعوا فيها الناس ومقدار الشرخ الذي أوجدوه في مجتمع البحرين الذي ظل الناس فيه بمختلف مشاربهم متحابين متكاتفين وساعين للخير. لن يعترفوا بالهزيمة حتى وهم يلمسون الهدوء الذي صارت فيه البلاد، لن يعترفوا بالهزيمة حتى وهم يلاحظون انسياب السيارات في الشوارع وخلو العاصمة من الفوضى التي ظلوا يحدثونها بين الحين والحين، لن يعترفوا بالهزيمة حتى وهم يلاحظون قلة الأخبار التي ظلوا يستثيرون الناس بها في مواقع التواصل الاجتماعي، فالاعتراف بالهزيمة مسألة صعبة خاصة وأنهم طرحوا ما طرحوا على أنه “ثورة” وليس مجرد احتجاجات ومطالب قابلة للأخذ والرد وممكنة الحل في ظل وجود قيادة وحكومة تعتمد المرونة في تعاملها مع الجميع. مهما كابروا ومهما حاولوا أن يخدعوا أنفسهم فهذا لن يغير من الحقيقة المرة التي لا مفر من الاعتراف بها، لقد هزموا وألقموا حجراً، ويكفي للتدليل على هزيمتهم اختفاء تلك الأصوات التي ظلت تدفع البسطاء وتغريهم بالتوجه إلى حيث كان الدوار بمنح من يصل إلى المكان أو قريباً منه لقب “أميرالدوار” وتنادي بالوصول إلى ذلك المكان مهما كان الثمن. لقد انتهت الكثير من الممارسات الخاطئة التي ظلوا يمارسونها في الشهور الماضية مستغلين مرونة وحكمة القيادة الرشيدة، فلم يعد هناك من يقوم بتطويق العاصمة بسياراته ولم يعد هناك من يضيع وقته في ممارسات يعرف مسبقاً أنها لا تتسبب إلا في الفوضى التي لا تنفع أحداً. إن توقف أولئك عن كل تلك الممارسات التي آذوا بها المواطنين والمقيمين والهدوء الذي صار يسود معظم مناطق البحرين باستثناء بعض القرى التي لايزال سكانها يعانون من سلوك بعض أبنائها غير القويم وغير المسؤول، وغير هذا من مظاهر الاستقرار لا مجال معه إلا الاعتراف بالهزيمة وإلا الابتعاد عن طريق المكابرة والعودة إلى رشدهم ليسهموا في إعمار البلاد، فما ينبغي أن يدركوه ويعترفوا به هو أنهم بالفعل ألقموا حجراً!