كتب - عمر الحمر:
لا يختلف اثنان على عظم حق الوالدين في الإسلام، وقارب هذا الموضوع العديد من رجال الدين والكتاب والمعلمين، ونحن لا نعارضهم أبداً فيما ذهبوا إليه، فبر الوالدين مثبت في كتاب الله عز وجل في قوله تعالى «ووصينا الإنسان بوالديه إحساناً» الأحقاف 15، وقد سئل النبي صلى الله عليه وسلم أي العمل أحب إلى الله؟ وفي رواية أي العمل أفضل؟ قال «الصلاة على وقتها، قيل ثم أي؟ قال بر الوالدين، قيل ثم أي؟ قال الجهاد في سبيل الله» رواه البخاري ومسلم.
مشكلة المجتمعات اليوم هي عقوق الآباء لأبنائهم، فكما أن للآباء حقوقاً على أبنائهم، فللأبناء أيضاً حقوقاً مثلها، منها على سبيل المثال حسن اختيار أم الابن، وهذا في حالة ما قبل الزواج، واختيار الاسم الطيب للابن بدل تسميته بأسماء قبيحة لا تليق، وهذا كان هدي النبي عندما كان يعامل أصحابه. تقول القاعدة النفسية إن الإنسان بطبيعته يميل للمتعة ويهرب من الألم، وإذا كان الوالدان يتعاملون بسوء مع الابن في أي مرحلة من مراحل عمره، فإن النتيجة الحتمية أن الابن هذا ينفر من أهله، بل إن بعض الدراسات التي يذكرها د.مصطفى أبو السعد المتخصص في شؤون تربية الأبناء، أن أغلب كبار السن والمصابين بالاكتئاب كانوا لا يحسنون التعامل مع أبنائهم، فتراهم لا يتعاملون إلا بالضرب والتوبيخ بدل زرع القيم والتربية.
الأمر ليس مقتصراً بسن محدد، بل إن تعنت بعض الآباء للوقوف أمام رغبات أبنائهم لاحقاً بعد أن يكبروا، قد يكون سبباً آخر لنفور الأبناء، وعلى سبيل الذكر لا الحصر الوقوف أمام رغبات الأبناء الدراسية أو المرتبطة بموضوع اختيار شريك الحياة.
إن نتيجة ما يحدث عادة للطفل في حالة عقوق والديه في صغره، هو ظهور بعض الأعراض على الابن كالانطواء على النفس أو القصور الدراسي أو التبول اللا إرادي، وفي حالة المراهقة فإن الموضوع يصبح نفوراً من المنزل ومن الوالدين للبحث عن بديل لهما خارج المنزل، وفي حالة الكبر ودخول سن الزواج، فإن الموضوع يتطور إلى تحاشي الوالدين وجعل دائرة الاحتكاك معهم أضيق ما يمكن، وهذا ما يسبب الاكتئاب. الحلول لهذه المشكلة ليست مستحيلة، ويمكن حلها متى ما وجد العزم الصادق على التغيير من قبل الوالدين، ونقول للوالدين تعاملا مع أبنائكم بالحب وأشعورهم بذلك في كل وقت وحين، ولا مانع أبداً من الاعتذار للأبناء عند خطئكم، لأن هذا يزيد من تقدير الابن لكم، وهذا أفضل بكثير من التعنت أو إبراز صورة مثالية تتعب الابن لاحقاً.
رسالة موضوع اليوم تتلخص في العبارة التالية «بروا أبناءكم في الصغر.. يبرونكم جميعاً في الكبر».
oalhamer2013 gmail.com