عواصم - (وكالات): ذكرت مؤسسة «غالوب» لاستطلاعات الرأي في تقرير لها أن «نصف سكان إيران واجهوا خلال العام الماضي صعوبات في تأمين السكن والغذاء». ونقل التقرير أن «أغلبية الإيرانيين يعيشون ساعات طويلة من القلق والغضب والحزن طوال النهار». وتجدر الإشارة إلى أن «إيران تعد ثاني أكبر مصدر للنفط في الأوبك وثاني مصدّر للغاز في العالم بعد الاتحاد السوفيتي، إلا أن الحياة المعيشية للمواطنين تقع تحت رحمة العقوبات المتشددة المفروضة على طهران نتيجة لأنشطتها النووية المريبة».
وبخصوص انتخاب الرئيس الإيراني المعتدل، نوّه تقرير غالوب إلى أن تصويت المواطنين الإيرانيين بكثرة للرئيس الجديد يعبر عن رغبتهم الواضحة في إحداث تغييرات وتحولات ممنهجة في البلاد، وأن الرئيس حسن روحاني سيبدأ ولايته في بلد أصبح سكانه أكثر فقراً وفاقة مما مضى، حيث أكد نصف المواطنين الإيرانيين أنهم عجزوا في العام الماضي عن توفير الطعام والسكن لأسرهم في بعض الأحيان.
ومن خلال الإحصائيات التي نشرها التقرير، يظهر أن الإيرانيين يحتلون المرتبة الأولى من ناحية الفقر وصعوبة الحياة المعيشية بين 19 بلداً في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا خلال عامي 2012 و2013، حيث تصل نسبة الفقر إلى 50% في بعض الأحيان.
ويشعر الكثير من الإيرانيين بتأثيرات العقوبات الاقتصادية المفروضة على بلادهم، حيث أدت تداعيات الحصار الاقتصادي إلى تفاقم المزيد من التضخم والغلاء والبطالة.
وأوضح استطلاع مؤسسة غالوب أن 27% من الإيرانيين القادرين على العمل يعانون من البطالة، إضافةً إلى معاناة 34% من القوى العاملة من البطالة الجزئية.
وذكر تقرير غالوب أن نصف البالغين من سكان إيران يشعرون بأن العقوبات أثرت بشكل ملحوظ على حياتهم المعيشية، ويرى 35% من المواطنين أن حياتهم المعيشية اليومية تأثرت بشكل ما بالعقوبات المفروضة على بلادهم. ويستشف من الإحصائيات تفشي التشاؤم بين الإيرانيين من جراء هبوط المستويات المعيشية، حيث أكد 34% منهم في عام 2012 انخفاض المستوى المعيشي لديهم بزيادة قدرها 20% مقارنة بالعام السابق.
وتؤكد مؤسسة غالوب في استطلاعها أن الصحة النفسية العامة في إيران شهدت في عامي 2011 و2012 تدهوراً مضطرداً، ويخيّم في الوقت الراهن الشعور بالقلق والأسى على الحياة اليومية لنحو 58% من الإيرانيين. ويعاني 54% من الشعب الإيراني الحزن والإحباط، وتشعر نفس النسبة تقريباً كثيراً بالغضب من جراء تراجع مستويات الحياة. من جانب آخر، دعا الرئيس الإيراني المنتخب حسن روحاني الحكومة ورجال الدين إلى وضع نهاية للتدخل في الحياة الخاصة للمواطنين الإيرانيين وطالب بحرية استخدام الإنترنت وحث وسائل الإعلام الحكومية على التحلي بقدر أكبر من الانفتاح في تغطية مشاكل إيران. وبدأت تصريحات روحاني -وهو رجل دين- تجسد رسالته الوسطية في الداخل ودعوته لعلاقات أفضل في الخارج وهي الرسالة التي أسهمت في فوزه المفاجئ في الانتخابات الرئاسية التي أجريت الشهر الماضي.
وأدى فوزه إلى خروج أعداد ضخمة من الإيرانيين تأييداً له متلهفين على التغيير بعد 8 سنوات من إجراءات الأمن المشددة والمواجهات في عهد الرئيس محمود أحمدي نجاد.
وقال روحاني لرجال دين في طهران «ينبغي ألا يكون هناك أي صدع أو فرقة بين الحكومة ورجال الدين خاصة في وقت يعلق فيه الناس آمالهم على رؤية نوع ما من التغيير في المجتمع».
وذكر في كلمته التي بثها التلفزيون الحكومي «نحتاج إلى مجتمع قوي وحكومة قوية. اليوم مهدت الأرض للمشاركة الشعبية، الناس علقوا آمالهم على المستقبل».
وتابع «وجود حكومة قوية لا يعني حكومة تتدخل في كل الشؤون، هي حكومة لا تقيد حياة الناس، فتلك ليست حكومة قوية». وتابع «قوة الحكومة تكمن في ثقة الشعب، وتقديم الخدمات وتقليل المشاكل وتمهيد الساحة لمزيد من التطور لجميع المواطنين لتلبية احتياجات الشعب والرغبة في التغيير». ويدعم روحاني تفويض شعبي وتأييد تحالف المعتدلين والإصلاحيين بزعامة الرئيسين السابقين أكبر هاشمي رفسنجاني ومحمد خاتمي وكلاهما همشهما المتشددون في عهد أحمدي نجاد. وقال روحاني إن «فرض رقابة على محتوى الإنترنت في إيران التي زادت بعد استخدام وسائل التواصل الاجتماعي لتشجيع وتنسيق احتجاجات ضخمة بعد الانتخابات الرئاسية عام 2009 أثبت أنه غير فعال».
من جهة أخرى، تستغل إيران ثغرة في العقوبات الغربية لتستورد خام الألومينا النقي بدرجة عالية من عدة دول أوروبية بينها ألمانيا وفرنسا التي ربما تستخدمها طهران في صنع أجزاء مدرعة من أسلحة ومكونات صواريخ.
وأضرت الإجراءات الغربية التي فرضت على إيران بشأن برنامجها النووي المثير للجدل بقطاعات كثيرة في اقتصادها من بينها الصلب والمعادن الأخرى حيث تعتمد بشدة فيها على الواردات. وتقول طهران إن نشاطها النووي مخصص للأغراض السلمية. واستثنى الخام النقي من عقوبات الاتحاد الأوروبي لكن العقوبات الأمريكية التي تم تشديدها أغلقت هذه الثغرة. ووفقاً لإفادة وزارة الخزانة الأمريكية فإن أحدث إجراءات ستغطي «المعادن الخام أو نصف المصنعة» التي تشمل الألومنيوم. وفي سياق آخر، أعلنت جورجيا أمس أنها أوقفت نظام إعفاء الإيرانيين من تأشيرات الدخول خشية استفادة طهران من مبادلاتها التي تشهد نمواً مع هذا البلد القوقازي للالتفاف على العقوبات الدولية.
وصرح المتحدث باسم وزارة الخارجية الجورجية ايراكلي فيكوا أن «جورجيا ألغت من جانب واحد نظام إعفاء الإيرانيين من تأشيرات الدخول». وأضاف «اعتباراً من يوليو الجاري على الإيرانيين الحصول على تأشيرة للدخول إلى جورجيا».