كتب - الشيخ زياد السعدون:
فطرة فطر الله النساء عليها، ولو سلم منها أحد، لسلم منها نساء الانبياء، فهذه سارة زوجة سيدنا إبراهيم عليه السلام هي التي سعت في زواج إبراهيم من هاجر، فلما ولدت هاجر إسماعيل عليه السلام اشتعلت نار الغيرة في قلب سارة، وطلبت من إبراهيم عليه السلام أن يبعد هاجر وابنها عنها، فأمره الله عز وجل أن يذهب بهاجر وابنها إلى مكة كما هو معروف مشهور، وقد تتفاوت غيرة النساء، فبعضهن تكون شديدة الغيرة إلى درجة أن تلك الغيرة قد تفسد عليها حياتها، فكم من امرأة طلقت بسبب غيرتها الزائدة. والمشكلة أن كثيراً من الرجال لا يعذرون النساء في حال غيرتهن ويحاسبونهن، على كل صغيرة وكبيرة، ولو تصرف الرجال بحكمة مع تصرفات النساء حال الغيرة لتغيرت حال كثير من الأزواج، من الهم والنكد إلى المرح والسعادة، فهذا نبينا عليه الصلاة والسلام، حين كان في بيت السيدة عائشة وعنده أصحابه وكانت عائشة تعد لهم طعاماً -وكان ذلك قبل فرض الحجاب- فأهدي إلى رسول الله عليه الصلاة والسلام طعاماً من إحدى نسائه، فغارت عائشة رضي الله عنها، فأخذت الطعام من الخادم ورمته في الأرض، فانكسرت الجفنة، ووقع الطعام على الأرض، ورسول الله وأصحابه ينظرون، فقام عليه الصلاة والسلام يجمع الطعام بنفسه، بل ذهب يدافع عن عائشة أمام الصحابة، وقال لهم قد غارت أمكم، أي لا تظنوا بعائشة سوءاً فهي ليست سيئة الأخلاق، بل حصل هذا بدافع الغيرة، وقد أُثر عن عائشة رضي الله عنها أنها كانت تقول إن المرأة الغيراء، لا تعرف أسفل الوادي من أعلاه، أي في حال غيرتها، فعلى الأزواج ألا يمدحوا امرأة أخرى أمام زوجاتهم، بجمال أو لباس أو طعام أو وظيفة أو شهادة، لأن ذلك يشعل نار الغيرة التي قد تتحول إلى حريق لا تطفئه كل سيارات الإطفاء ولو اجتمعت له.