كتب - محرر الشؤون المحلية:
أكد رجال دين على أهمية تواصل العمل الجماعي بين الوزارات والقطاع الخاص التجاري لتوفير السكن اللائق والمناسب للعمال الوافدين. واقترحوا إنشاء مناطق سكنية مناسبة للعمال العزاب تعزلهم عن مناطق سكن العائلات، نأياً بهم عن المشكلات والتبعات الأخلاقية.
وحملوا، في تصريحات لـ»الوطن»، السلطة التشريعية مسؤولية مواصلة سن قوانين تحفظ حقوق العمال وعوائلهم.
وتمنع البحرين تشغيل العمال تحت الشمس فترة الظهيرة خلال شهري يونيو وآغسطس.
الاعتداء عليهم جريمة
وقال الشيخ محسن العصفور إن ديننا الحنيف أوصى بحسن معاملة الأجير، وهناك أحاديث نبوية شريفة تأمر القائمين على العمال بأن لا يكلفونهم ما لا يطيقون، وذلك من أبسط حقوقهم. وقد ورد عن النبي (ص) حديث نبوي شريف قال فيه (من طلب الدنيا حلالاً استعفافاً عن المسألة وسعياً على عياله وتعطفاً على جاره لقي الله ووجهه كالقمر البدر)، والعمال جاءوا لطلب الرزق الحلال، وهم السواعد التي بنت الدولة، ونحن نشاهد ما يتعرضون له من مشقة وتعب من أجل بناء بلدنا، وينبغي أن تكون نظرتنا لهم نظرة احترام وتقدير وإجلال لأنه بفضل هؤلاء تم بناء الدولة العصرية التي ننعم بمرافقها اليوم.
وأضاف العصفور: هؤلاء ضحوا بأرواحهم وأوطانهم وعوائلهم وتغربوا لطلب الرزق وساهموا في تأسيس البلاد وبفضل جهودهم الدؤوبة وجدهم بنيت البحرين، لكن للأسف فإن هناك من يقوم بإرسال الأولاد للتعرض لهؤلاء العمال بالضرب والاعتداء عليهم، وهو ما يعتبر تجاوزاً محرماً وانتهاكاً لكرامة شخص وإنكار للجميل هؤلاء، وهو مرفوض جملة وتفصيلاً، ويجب معاقبة كل من يرتكب هذه الجريمة. فالبحرين يجب أن تكون واحة أمن وأمان للأجنبي كما هي للمواطن، ومن العار والعيب الاعتداء عليهم.
وتابع العصفور أن العمالة الوافدة ليسوا عبيداً ولهم عزتهم وكرامتهم، ونظرة الإسلام لهم نظرة مساواة، فيجب حفظ حقوقهم ومنها حقوقهم في السكن، لكن أيضاً يجب مراعاة أنهم عزاب وما على ذلك من محاذير سلوكية، ويجب إنشاء مجمعات تبعدهم عن مناطق سكن العوائل، فالمجتمع الذكوري بطبيعته لا يتأقلم مع مجتمع الأسر، ويجب حماية المجتمع من سلبيات وجودهم.
وحمل العصفور السلطة التشريعية مسؤولية القيام بمبادرات سن تشريعات تلزم أصحاب العمل بتوفير المسكن اللائق لعمالهم، ويجب أيضاً على وزارة الإسكان ووزارة العمل التعاون لإنشاء مناطق سكنية للعمال قرب مناطق عملهم، توفر لهم سهولة التنقل لمناطق عملهم، وهذا سيحل جزءاً من مشكلة الازدحام في الشوارع أيضاً، لافتاً إلى أن علينا أن نعالج المشكلة بشكل منطقي حيث يزيل ذلك الرؤية الغامضة بشأن هذا الموضوع، فنحن نحتاج إلى أن نتناول الموضوع بشكل جدي وموضوعي يضع جميع النقاط على الحروف، مشيراً إلى أنه من الممكن بالتعاون مع القطاع التجاري أن تبنى هذه المساكن حيث لن يحتاج ميزانية من الدولة، بل على أصحاب المصانع والشركات أن يتكفلوا بهذه المساكن.
أعطوا الأجير أجره
من جانبه أكد الشيخ ياسر المحميد أهمية الاهتمام بالعمالة الوافدة من منطلق حديث النبي (ص) (أعطوا الأجير أجره قبل أن يجف عرقه)، والحديث القدسي القائل (ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة وذكر منهم رجل استأجر أجيراً فأكل ثمنه) ومن خلال النصوص الشرعية التي تعنى بكرامة الإنسان وحقوقه منها العدل ودفع الظلم التي من مجملها نأخذ عناية الشريعة بأداء الحقوق لأصحابها ناهيك عن قوله عز وجل: (يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود)، وقول الرسول (ص) (المسلمون على شروطهم).
وأضاف: كل ذلك يوجب علينا أن نقف وقفة تأمل لهذا العامل الذي يأتي من بعيد، فكما أن عليه واجبات ووظائف فإن له حقوقاً يجب حمايتها، لكن ما يشاهد على أرض الواقع تفريط كثير من الناس في حق العامل وظلمه بل أن البعض يعده سلعة رخيصة وربما تجرؤوا عليه بالظلم أو هضم الحقوق أو انتقاصها وهذا كله لا يجوز فينبغي أن يعامل العامل كما نحب أن يعامل هو نفسه، وقد ضرب النبي (ص) أروع الأمثلة في حسن معاملة من يخدمه.
ولفت المحميد إلى أن هناك من العمال من يخرق الأنظمة والقوانين ربما بسبب إهمال صاحب العمل، فتجده يتجاوز إلى جرائم لتحصيل الرزق، فقد ترك بلده البعيد وأهله وأولاده بحثاً عن الرزق، ونحمد الله أن هناك قوانين متطورة في البحرين، ناهيك عن أن شعب البحرين عرف بالأخلاق ومع ذلك نجد ظلماً كثيراً لخدم البيوت بالقول أو بالفعل، والغريب أن يفعل فاعل ذلك والخدم مؤتمنون على الخدم.
وواصل: علينا أن نتذكر نعمة الله علينا ومنه الكريم، فلا نعامل الناس بالاستكبار بل نري غير المسلمين أخلاقنا وأننا مسلمين قولاً وفعلاً، ومن الأمور التي يجب مراعاتها أن يهيء للعامل المسكن الآمن المناسب، وليس في غرف وأبنية متهالكة فهذا ليس من العقل ولا من أخلاق المسلمين، بل وصل الأمر بالبعض لوضعهم في أماكن لا يمكن أن يسكنها إلا البهائم.
شكراً للبحرين
من جهته أكد راعي الكنيسة الإنجيلية الوطنية القس هاني عزيز أن مملكة البحرين قيادة وحكومة وشعباً جديرة بإزجاء الشكر لها لأنها فتحت الباب للعمالة الوافدة للبحث عن أرزاقهم خارج وطنهم والعمل على أرض البحرين التي فارقوا أهلهم وأوطانهم للعمل عليها. وأضاف أن لهذه العمالة كما أن عليها واجبات، حقوق يجب أن يحصلوا عليها، فنحن جميعا نرجع لأصل واحد، فالله سبحانه وتعالى عندما خلق الإنسان خلقه من تراب، وجميع الناس سواء الأغنياء أو الفقراء رجالاً ونساء ينتمون لأب واحد وأم واحدة ويأتون من مصدر واحد، والله تعالى نفخ في أبونا آدم من روحه وهذه النفخة لا تفرق بينهم. واستشهد عزيز بقول السيد المسيح عليه السلام (كل ما تريدوا أن يفعل الناس بكم افعلوا أنتم أيضاً بهم)، مردفاً بأن كل من يحب أن يعامل باحترام والعيش بكرامة يجب أن يعامل الآخرين بذلك، وكذلك قول المسيح عليه السلام، بأن كل واحد يجب أن يعامل بالعدل والرحمة، ومثل ما رحمنا الله وأعطانا نعمه يجب أن نرحم الآخرين، فلو لم نرحم الآخرين لن نستقبل رحمة الله، لأن الله يرحم من يرحم الضعفاء والفقراء، وعليه يجب النظر للعمالة على أنهم بشر مثلنا ولهم كيان يجب أن يتم التعامل معهم بإنسانية، فكما أن عليهم حقوقا فإن لهم واجبات، ولهم عواطف ومشاعر يجب احترامها، وهناك فرق بين التعامل مع الناس كشيء أو كشخص، ويجب أن نتقي الله فيهم ويجب إطاعة الله وإكرامهم لأنهم خلق الله، ويجب على كل صاحب عمل أن يحب لقريبه ما يحب لنفسه، وأن يضع نفسه مكان العامل الذي ترك وطنه وأهله للسعي وراء الرزق، فلا نكون نحن والزمن عليه، يجب أن نكون مشفقين ورفيقين عليهم وعند إكرام هؤلاء الله سيكرمنا، والله يكافئنا بخير إن تعاملنا معهم بخير والعكس صحيح.