أكد أستاذ العلوم السياسية في جامعة حلوان بجهورية مصر د.محمد أبوعامود أهمية «علم استشراف المستقبل» في اتخاذ التدابير اللازمة والممكنة والبدائل المتاحة لدراسة الواقع والتطلع إلى مستقبل أفضل.
وأضاف د.أبوعامود في ورشة نظمها معهد البحرين للتنمية السياسية مؤخرا أن «علم استشراف المستقبل» يعنى بالدراسات الخاصة بالشأن المستقبلي، حيث يمكن استخدام وتوظيف المناهج المستقبلية التي تقوم عادة على تحليل ماضي وحاضر الظاهرة محل الدراسة، وذلك بغرض تفنيد العوامل، والمتغيرات المؤثرة في الظاهرة، وغالباً ما تتوقف تلك العملية على كم ونوع المعرفة العلمية المتوفرة عن الواقع للظاهرة المراد استشرافها.
وأوضح د. أبوعامود أن علم استشراف المستقبل يتسم بعدة مميزات من بينها بعده عن طرق التنبؤات التقليدية وكذلك عن محاولة تغيير طبيعة الواقع القائم والاكتفاء بتخطيط المستقبل في ضوء الواقع، وذلك لتجنب الآثار الضارة لتلك الوقائع ولتوسيع آثارها الإيجابية، فضلاً عن العمل على تشكيل صورة المستقبل في ضوء كل الإمكانات التخطيطية والقدرات الفعلية التي ينتجها العلم والتكنولوجيا من جانب، والتي ينتجها التخطيط نفسه من جانب آخر بما يمكن من استخلاص أكبر العوائد من أكبر عدد من الإمكانيات بأقل تكاليف ممكنة، كما يتسم هذا العلم بعدم الالتزام بأية أيديولوجية خارجة عن إطار المعطيات الكامنة في الواقع الاجتماعي القائم، وبالتالي فهو علم سيطرة على تطور الواقع، وليس علم دفع هذا الواقع إلى اتجاه متوافق مع تصورات ذاتية أو أيديولوجية.
وأكد د.أبوعامود أن العلاقات التي تتداخل مع مفهوم استشراف المستقبل والمفاهيم الأخرى من حيث «العلاقة بين استشراف المستقبل والتخطيط»، ورغم ارتباط نمو الدراسات المستقبلية واكتسابها الشرعية بنمو الحاجة للتخطيط القصير والطويل الأجل، فإن الدراسة المستقبلية ليست مرادفة للتخطيط، فالاستشراف له موقعه من التخطيط وناتجه الذي يتجاوزه، فهناك اختلافات في المدى الزمني والتخطيط والدراسة المستقبلية.
وأوضح أن العلاقة بين استشراف المستقبل والتاريخ هي علاقة امتداد للدراسة التاريخية، وهي علاقة تتناول الحديث عن المستقبل من خلال النظر في الحاضر والماضي، وهي محاولة علمية تتكامل فيها الدراسات لمعرفة جوانب صورة الحاضر وتحليلها والتعرف على مجرى الحركة التاريخية من خلال دراسة الماضي وملاحظة سنن الكون، والانطلاق من ذلك كله إلى استشراف المستقبل وصولاً إلى طرح رؤية له، وتتضمن هذه الرؤية توقعات يحتمل حدوثها كاستمرار الحركة التي تحكم الواقع القائم، وبدائل وخيارات وأحلام يجرى التطلع لتحقيقها بممارسة الفعل.
وأشار د.أبوعامود إلى أن المنهج المستقبلي ليس مجرد تمرين في بناء النماذج، وليس تمريناً للتنبؤ، لكنه منهج يقوم على افتراض أن المستقبل يمكن أن يأخذ أشكالاً مختلفة، وأنه دائماً منتج اجتماعي يتشكل كنتيجة لتفاعل القوى الموجودة حالياً والتي سادت في فترة ماضية، ولتفاعل التنمية والبيئة المحيطة بها، ومن ثم فإن المنهج المستقبلي يقوم على دراسة الموقف في فترة الأساس، ويركز على المتغيرات التي يمكن تغييرها بواسطة القرارات، مع الأخذ في الاعتبار إمكانية أن تتغير بفعل أحداث غير مؤكدة.
ولفت إلى أن المنهج المستقبلي يحتاج إلى تحليل شامل للاتجاهات التي أدت إلى الوضع الحالي، حتى يمكن التعرف على ديناميكية التطور، ولا يكتفى في تحليل الاتجاهات تحليل البيانات الكمية فقط، بل لابد من الاهتمام بالعوامل النوعية، هذا فضلاً عن الاتجاهات المضادة التي تعارض الاتجاهات السائدة.