عواصم - (وكالات): قتل أكثر من 50 شخصاً وأصيب 435 فجر أمس خلال اعتصام لمؤيدي الرئيس الإسلامي المعزول محمد مرسي في القاهرة، فيما دعت جماعة الإخوان المسلمين الشعب المصري إلى «انتفاضة» ضد من يريدون «سرقة ثورته» عقب هذه «المذبحة».
وأمر الرئيس المصري المؤقت عدلي منصور بفتح تحقيق في الأحداث التي أسفرت عن قتلى وجرحى حسب رئيس هيئة الإسعاف الذي لم يحدد ما إذا كانوا جميعاً من الإسلاميين.
وأكد الجيش المصري أنه «لن يسمح بالعبث بالأمن القومي المصري» داعياً في الوقت نفسه المعتصمين المؤيدين لمرسي إلى فض اعتصامهم.
وقال المتحدث باسم الجيش العقيد أركان حرب أحمد محمد علي في مؤتمر صحافي في القاهرة «لن نسمح بالعبث بالأمن القومي المصري تحت أي ظرف» مؤكداً في الوقت نفسه لأنصار مرسي أن «المعتصمين في الميادين كافة يمكنهم مغادرة أماكنهم بمنتهى الأمان ودون أي ملاحقة».
واتهم الجيش المصري «مجموعة إرهابية مسلحة» بمحاولة اقتحام دار الحرس الجمهوري ما أدى إلى مقتل ضابط وإصابة عدد من المجندين، بحسب بيان نشره موقع صحيفة الأهرام الرسمية.
وأضاف البيان أن «مجموعة إرهابية مسلحة قامت فجر أمس بمحاولة اقتحام دار الحرس الجمهوري بشارع صلاح سالم والاعتداء على قوات الأمن من القوات المسلحة والشرطة المدنية، مما أدى إلى استشهاد ضابط وإصابة عدد من المجندين، منهم 6 حالتهم خطيرة، تم نقلهم إلى المستشفيات العسكرية».
وأكد قيام بعض صفحات مواقع التواصل الاجتماعي بنشر صور مزيفة لأطفال قالت إنهم قتلوا في الأحداث، مشيراً إلى أن ذلك يأتي في إطار الحرب النفسية والتكذيب والشائعات، يتم شنها على القوات المسلحة.
وحذر المتحدث العسكري من وجود مواطنين غير مصريين في أماكن التظاهرات، مشدداً على عدم وجود إجراءات استثنائية ضد أي مصري خلال المرحلة المقبلة.
وقال إن هناك دوماً أعمالاً تحريضية استفزازية لاستهداف المنشآت العسكرية، وإن «القوات المسلحة أطلقت أكثر من تحذير بعدم المساس بالمنشآت العسكرية، تعاملنا مع المتظاهرين بكل حكمة وعقل».
وفي ذات الاتجاه، صرّح المتحدث باسم الداخلية المصرية اللواء هاني عبداللطيف أن الشعب المصري أصبح يدرك حقيقة ما يجري في البلاد، وأن الشرطة تعمل لخدمة الشعب المصري وحريته وإرادته، مشيراً إلى أن الهدف الأسمى لنا هو أمن المواطن، لافتاً إلى أن الداخلية خارج المعادلة السياسية.
وقال إن الهجوم على دار الحرس الجمهوري بدأ بالحجارة ثم تلاه إطلاق الرصاص الكثيف.
من جانبه أعلن شيخ الأزهر أحمد الطيب أنه سيعتكف حتى انتهاء أعمال العنف في مصر عقب الاشتباكات الدامية.
وقال الطيب «قد أجد نفسي مضطراً في هذا الجو الذي تفوح فيه رائحة الدم، أن أعتكف في بيتي حتى يتحمل الجميع المسؤولية تجاه وقت نزيف الدم منعاً من جر البلاد إلى حرب أهلية طالما حذرنا من الوقوع فيها»، بحسب بيان لشيخ الأزهر.
وطالب الطيب بفتح تحقيق عاجل «لكل الدماء التي سالت» وإعلان النتائج أولاً بأول على الشعب المصري «حتى تتضح الحقائق وتوأد الفتنة».
كما دعا إلى تشكيل لجنة المصالحة الوطنية «خلال يومين على الأكثر حفاظاً على الدماء، ومنحها صلاحيات كاملة لتحقيق المصالح الشاملة التي لا تقصي أحداً من أبناء الوطن، فالوطن ليس ملكاً لأحد وهو يسعُ الجميع».
وأكد حزب الحرية والعدالة، الجناح السياسي لجماعة الإخوان المسلمين، أن الجيش هاجم المعتصمين المطالبين بعودة مرسي.
وقال في بيان «استيقظ الشعب المصري والعالم أمس 8 يوليو 2013 على أصوات طلقات الرصاص الحي ضد آلاف المعتصمين السلميين أمام نادي الحرس الجمهوري وهم يؤدون صلاة الفجر في مذبحة بشعة بكل ما تحمله الكلمة من معنى» .
وأشار متظاهرون إلى استخدام ذخيرة حية وقنابل مسيلة للدموع في ظروف غير واضحة. وأفاد شهود آخرون أن قوات الأمن أطلقت النار في الهواء وأن الطلقات المباشرة جاءت من مسلحين يرتدون ملابس مدنية.
وتحدثت تقارير عن وجود نحو 20 جثة ممدة على الأرض في مستشفى قريب.
وأحيط الحي الذي تحلق فوقه مروحيات الجيش بحواجز لقوات الأمن.
ودعا حزب الحرية والعدالة «الشعب المصري العظيم إلى الانتفاضة ضد من يريدون سرقة ثورتهم بالدبابات والمجنزرات ولو على جثث الشعب».
كما دعا «المجتمع الدولي والمنظمات والهيئات الدولية وكل أحرار العالم إلى التدخل لوقف المزيد من المجازر وإسقاط الغطاء عن ذلك الحكم العسكري كي لا تكون هناك سوريا جديدة في العالم العربي».
وقبل ساعات من هذا البيان أغلقت السلطات المصرية مقر حزب الحرية والعدالة في القاهرة بعد العثور على «سوائل قابلة للاشتعال وسكاكين وأسلحة» فيه كما صرح مسؤول أمني.
بدوره ندد حزب النور السلفي بهذه «المذبحة» معلناً الانسحاب من مشاورات تشكيل الحكومة. وقال المتحدث باسم الحزب نادر بكار على تويتر «لقد قررنا الانسحاب فوراً من كل المشاورات رداً على المذبحة خارج مقر الحرس الجمهوري».
وحزب النور وهو أكبر حزب سياسي سلفي في مصر، كان شريكاً في الائتلاف المؤيد لإطاحة مرسي المنبثق من الإخوان المسلمين.
من جهته، حمل رئيس حزب مصر القوية عبدالمنعم أبو الفتوح القائد العام للقوات المسلحة الفريق أول عبدالفتاح السيسي المسؤولية عن أعمال العنف قرب دار الحرس الجمهوري فيما دعا رئيس الجمهورية عدلي منصور إلى الاستقالة.
من جانبه اعتبر منسق جبهة الإنقاذ الوطني المصرية محمد البرادعي، أن «العنف ليس السبيل أياً كان مصدره ويجب إدانته بكل قوة» وطالب البرادعي في تغريدة «بتحقيق فوري مستقل وشفاف» معتبراً أن «مصر الآن في أمس الحاجة أن تتصالح مع نفسها».
ورشح البرادعي في وقت سابق لتولي رئاسة الوزراء إلا أن حزب النور اعترض على ترشيحه كما اعترض على ترشيح الخبير الاقتصادي زياد بهاء الدين المنتمي إلى اليسار الوسط.
خارجياً أدانت تركيا وقطر وحركة حماس الفلسطينية أعمال العنف الجديدة. كما دعا الاتحاد الأوروبي جميع الأطراف في مصر إلى وقف «الأعمال الاستفزازية»، فيما أعربت ألمانيا عن «قلقها الشديد».
من جانبها، طالبت منظمة مراقبة حقوق الإنسان الأمريكية «هيومن رايتس ووتش» بوقف «الإجراءات التعسفية» ضد الإخوان المسلمين ووسائل الإعلام التابعة لهم.
وفي شأن متصل، أعلن البيت الأبيض في بيان أن واشنطن لن تقطع حالياً المساعدات العسكرية عن مصر.
ومساء أمس الأول احتشد مئات الآلاف في مختلف ميادين مصر للتأكيد على أن عزل مرسي نابع من «إرادة شعبية» بعد أسبوع من التظاهرات الحاشدة التي طالبت برحيل الرئيس الإسلامي وناشدت الجيش التدخل.
في المقابل يحتشد الآلاف من مؤيدي مرسي مطالبين بعودته ومنددين بـ «انقلاب عسكري».
وأوقعت أعمال العنف الجمعة الماضي 37 قتيلاً في القاهرة والإسكندرية وفي شبه جزيرة سيناء التي شهدت تصعيداً في الهجمات على قوات الجيش والشرطة منذ إقالة مرسي.
في الوقت ذاته، قال موقع صحيفة حزب الوفد إن «عدداً من الإعلاميين والصحافيين العاملين في قناة الجزيرة القطرية وهم علاء عيوطى وحاتم فريد ودينا موسى وكارم محمود وحجاج سلامة وحسن عبدالغفار تقدموا باستقالات جماعية بسبب ما قالوا إنه «تدليس وكذب علني وتضليل إعلامي تمارسه القناة في نقل الأحداث التي تدور في مصر حالياً».