اختار حزب البعث العربي الاشتراكي في سوريا أمس قيادة قطرية جديدة لا تضم أياً من الأعضاء السابقين بمن فيهم نائب الرئيس السوري فاروق الشرع، مع بقاء الرئيس بشار الأسد أميناً قطرياً للحزب، في يوم اعتذر غسان هيتو عن متابعة مهامه في رئاسة الحكومة المؤقتة للمعارضة بعد أكثر من 3 أشهر على انتخابه.
في غضون ذلك، واصلت القوات النظامية تقدمها في مدينة حمص ضمن حملتها العسكرية المتواصلة منذ 10 أيام لاستعادة أحياء محاصرة يسيطر عليها المعارضون.
وأفاد الموقع الالكتروني لحزب البعث أن اللجنة المركزية «عقدت اجتماعاً موسعاً برئاسة بشار الأسد الامين القطري للحزب»، تم في خلاله «اختيار قيادة قطرية جديدة».
ونقلت وكالة الانباء الرسمية «سانا» عن الاسد قوله خلال الاجتماع «يجب على الحزب أن يطور نفسه من خلال الالتصاق بالواقع وتعزيز ثقافة الحوار والعمل الشعبي التطوعي «.
ودعا إلى «وضع ضوابط جديدة ومعايير دقيقة لاختيار ممثلي الحزب بما يمكنهم من العمل لتحقيق مصالح الشرائح الأوسع من عمال وفلاحين وحرفيين وتعميق التفاعل مع المواطنين لتجاوز المنعكسات السلبية للأزمة». ومن أبرز الأعضاء الجدد رئيس مجلس الشعب جهاد اللحام ورئيس الوزراء وائل الحلقي، والسفير السوري في مصر يوسف الأحمد، إضافة إلى وزيرين وامرأة واحدة هي فيروز موسى.
وتتألف القيادة الجديدة من 16 عضواً بمن فيهم الأسد، بدلاً من 15 للقيادة السابقة التي انتخبت في 9 يونيو 2005.
ويأتي الانتخاب وسط أزمة غير مسبوقة تعصف بالبلاد، تطورت من حركة احتجاجية إلى نزاع مسلح أودى بحياة أكثر من 100 الف شخص منذ منتصف مارس 2011.
وضمت القيادة السابقة وزير الدفاع الأسبق حسن تركماني ورئيس الأمن القومي هشام بختيار اللذين قتلا في انفجار «خلية الأزمة» بدمشق في 18 يوليو 2012. وغابت الوجوه الأمنية والعسكرية عن القيادة الجديدة.
ومن أبرز الوجوه المستبعدة نائب الرئيس الشرع الذي كان يعتبر بمثابة الضمانة السنية لنظام بشار الأسد المنتمي إلى الأقلية العلوية. وسيستمر الشرع في شغل منصب نائب رئيس الجمهورية الذي يتولاه منذ عام 2006، بعدما كان وزيراً للخارجية طيلة 22 عاماً.
وشهدت العلاقة بين الأسد ونائبه تبايناً في مقاربة النزاع في البلاد، إذ اعتبر الشرع في انتقادات علنية نادرة، أن رأس النظام يرغب في حسم الوضع عسكرياً قبل أي حوار، مؤكداً عدم قدرة طرفي النزاع على الحسم، وداعياً إلى «تسوية تاريخية» للأزمة. وأجرت السلطات السورية في فبراير 2012 استفتاء على دستور جديد، في محاولة منها لتهدئة الاحتجاجات. وألغى الدستور الجديد الدور القيادي لحزب البعث الذي يتولى قيادة البلاد منذ عام 1963.
واعتبر مدير مركز دمشق للدراسات الاستراتيجية بسام ابو عبدالله ان «تغيير كامل القيادة يؤشر الى فشلها وعدم وجود رضى لدى قواعد البعث» التي وجهت «انتقادات كثيرة» إلى القيادة السابقة «في مرحلة الأزمة وما قبل الأزمة». وأشار إلى أن هذه الانتقادات تنامت بعدما تحول اداء القيادة السابقة «الى الجمود. حتى نوعية الخطاب ونمط الخطاب أصابهما الجمود».
من جهة المعارضة، اعتذر غسان هيتو عن تشكيل حكومة الائتلاف الوطني المعارض، والتي كان مقرراً أن تتولى إدارة شؤون «المناطق المحررة» داخل الاراضي السورية.
وقال هيتو في بيان على «فيسبوك»، «حرصا على المصلحة العامة للثورة السورية وعلى توفير كل أسباب الوحدة في أوساط المعارضة بشكل عام، وتحديدا في صفوف الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، أعلن اعتذاري عن متابعة مهامي كرئيس مكلف للحكومة المؤقتة». وأكد هيتو الذي انتخب في مارس الماضي، مضيه «في العمل لما فيه مصلحة الثورة وتحقيق أهدافها بجميع الوسائل الممكنة». ويأتي اعتذار هيتو بعد يومين من انتخاب الائتلاف أحمد عاصي الجربا رئيساً بعد أشهر من الخلافات الداخلية.
وأعلن الائتلاف في بيان اختتام أعمال هيئته العامة التي كانت لاتزال ملتئمة منذ نهاية الاسبوع الماضي في إسطنبول، مشيراً إلى «قبول اعتذار غسان هيتو»، وفتح الباب لتقديم الترشيحات لخلافته خلال 10 أيام.
ميدانياً، واصل النظام حملته العسكرية العنيفة وسط حمص. وقال الناشط الإعلامي أبو بلال الحمصي أن «الحملة الشرسة على حمص مستمرة لليوم العاشر على التوالي واستطاعت قوات النظام أن تدخل إلى أجزاء من الخالدية بعد قصف كثيف واستخدام اسلوب الأرض المحروقة». وأشار إلى أن «الحملة شرسة ولم نشهد مثلها منذ بدء الثورة»، وأن القوات النظامية باتت تسيطر على نحو 30% من مساحة حي الخالدية. وتبلغ مساحة الأحياء التي يتحصن فيها مقاتلو المعارضة نحو كيلومترين مربعين. وبث ناشطون معارضون اشرطة مصورة على الانترنت، تسمع فيها بوضوح اصوات الاشتباكات العنيفة وانفجارات بالقرب من مسجد خالد بن الوليد الذي تقترب منه قوات النظام، فيما يغطي الركام الشوارع.
وتحدث المرصد السوري عن استمرار «الاشتباكات العنيفة» على أطراف الخالدية بين المقاتلين المعارضين، والقوات النظامية والمسلحين الموالين لها.
وقال أبو بلال إن النظام «يستخدم كل الأسلحة الفتاكة» لدك الأحياء التي تتواجد فيها «800 عائلة محاصرة مع آلاف الثوار الذين يقاتلون بسلاح خفيف».
وذكرت صحيفة «الوطن» السورية القريبة من السلطات أن الجيش السوري «فرض سيطرته على القسم الأكبر من حي الخالدية»، في حين واصلت وحداته «تقدمها في حي باب هود».
وأمس، قتل 5 أشخاص وأصيب 30 بانفجار سيارة مفخخة في حي عكرمة ذي الغالبية العلوية في حمص، تزامنا مع «سقوط قذيفتين على الحي»، بحسب المرصد السوري.
وقتل أمس الأول 95 شخصاً في أعمال عنف في مناطق مختلفة من سوريا، بحسب المرصد.
«وكالات»