عواصم - (وكالات): كلف الرئيس المصري المؤقت عدلي منصور أمس الخبير الاقتصادي حازم الببلاوي بتشكيل حكومة جديدة وعين المنسق العام لجبهة «الإنقاذ» الوطني محمد البرادعي نائباً لرئيس الجمهورية للعلاقات الخارجية.
ونقلت وكالة أنباء الشرق الأوسط الرسمية عن المتحدث باسم الرئاسة أحمد المسلماني أن منصور «أصدر قراراً بتكليف الدكتور حازم الببلاوي رئاسة الحكومة وقراراً آخر بتعيين الدكتور محمد البرادعي نائباً لرئيس الجمهورية للعلاقات الخارجية». وأضاف المسلماني أن الببلاوي بدأ بالفعل «المشاورات لاختيار الوزراء الجدد». والببلاوي يعتبر رجل اقتصاد ليبرالي النزعة، عين نائباً لرئيس الوزراء ووزيراً للمالية عام 2011 خلال الفترة الانتقالية التي أعقبت سقوط الرئيس حسني مبارك وكانت السلطة فيها للجيش المصري.
واستقال احتجاجاً على مقتل متظاهرين أقباط خلال مواجهات مع الجيش أمام مبنى التلفزيون. وفي ديسمبر من العام نفسه خرج من الحكومة إثر تعديل وزاري. وحاضر الببلاوي في العديد من الجامعات المصرية والأجنبية، وهو مؤلف للعديد من الكتب الاقتصادية بالعربية والفرنسية والإنجليزية. ويبلغ من العمر 76 عاماً، ودرس في القاهرة قبل أن ينتقل إلى غرونوبل في فرنسا ثم باريس حيث نال شهادة دكتوراه دولة في الاقتصاد.
وعمل طويلاً في العديد من المنظمات الاقتصادية الخاصة والعامة المصرية والدولية، فتسلم إدارة البنك المصري لتنمية الصادرات من 1983 إلى 1995 قبل أن ينضم إلى اللجنة الاقتصادية والاجتماعية التابعة للأمم المتحدة لغربي آسيا التي تضم العديد من الدول العربية. ومن عام 2001 إلى 2011 كان مستشاراً لصندوق النقد العربي في أبو ظبي.
وفي شأن متصل، أكد الجيش المصري أن جميع القوى السياسية في مصر مدعوة للمشاركة في المسار الانتقالي خصوصاً بعد أن تم تحديد جدول زمني له محذراً من أنه «لا مجال للمناورة أو تعطيل» هذا المسار.
وأكدت القيادة العامة للجيش في بيان إذاعة التلفزيون الرسمي أن الرئيس أصدر إعلاناً دستورياً يتضمن «توقيتات محددة» للمسار الانتقالي وأنه «لا مجال للمناورة أو التعطيل» معتبراً أن مصر تمر «بمرحلة صعبة ومعقدة». وأكد البيان أن «الرئيس أصدر إعلاناً دستورياً يغطي المرحلة الانتقالية وأعلن معه جدول مواقيت محدداً لكل خطوة من خطوات» المسار الانتقالي مشدداً على أنه بذلك باتت «معالم الطريق واضحة مرسومة ومقررة تعطي للجميع ما هو أكثر من ضروري للاطمئنان» إلى بدء بناء المؤسسات الدستورية في البلاد.
وحذر البيان منه أنه «ليس لأي طرف بعد ذلك أن يخرج على إرادة الأمة لأن مصائر الأوطان أهم وأكبر من أن تكون مجالاً للمناورة أو التعطيل». وتابع البيان «لن يرضى الشعب بذلك ولن ترضى به قواته المسلحة».
وأصدر عدلي منصور إعلاناً دستورياً ينص على إجراء انتخابات تشريعية قبل نهاية السنة في البلاد التي دخلت الأربعاء الماضي مرحلة سياسية انتقالية على إثر إطاحة الجيش بالرئيس الإسلامي محمد مرسي في 3 يوليو الجاري.
وينص الإعلان الدستوري، على تعيين لجنة دستورية في أقل من 15 يوماً يكون أمامها مهلة شهرين لتقديم تعديلاتها على الدستور إلى الرئيس الانتقالي. ويقوم الرئيس لاحقاً بطرح هذه التعديلات على استفتاء شعبي خلال شهر، ثم تنظم انتخابات تشريعية خلال شهرين أي أوائل العام المقبل. ويتم الدعوة لانتخابات رئاسية وتحديد موعدها بعد أسبوع على الأكثر من انعقاد أول جلسة لمجلس النواب المنتخب.
ودعا البيان كذلك «كل العناصر المؤثرة في الحياة السياسية والاجتماعية أن تستوعب الضرورات وتقدر عواقبها وتحافظ على السلم العام مهما كان الثمن».
وقال إن «جماهير الشعب والقوات المسلحة وراءها لا تريد لأحد أن يتجاوز حد الصواب في هذه اللحظة أو يجنح عن الطريق متخطياً حدود الأمن والسلامة مندفعاَ إلى ذلك سواء برغبات أنانية أو جموح متعصب أو عصبي ومن ثم يعرض الوطن ويعرض المواطنين لما لابد من تجنبه». وقتل 51 شخصاً في اشتباكات بين الجيش ومتظاهرين إسلاميين كانوا يعتصمون أمام دار الحرس الجمهوري التابعة للقوات المسلحة.
وأعربت قوى سياسية عن رفضها للإعلان الدستوري، بينها حركة «تمرد» وحركة «6 أبريل»، و»الجماعة الإسلامية» وحزب «النور» السلفي، و»التحالف المصري للأقليات».
من جانبه، أكد محمود بدر المتحدث باسم حركة تمرد أن الحركة «طلبت إدخال تعديلات على الإعلان الدستوري»، موضحاً أن محمد البرادعي والخبيرة القانونية منى ذو الفقار «يضعان الصياغة القانونية للتعديلات المقترحة وسيتم تقديمها للرئيس».
كما رفض الإخوان المسلمون الإعلان الدستوري ونشروا قائمة بأسماء 42 من أنصارهم قتلوا أمام دار الحرس الجمهوري. وشيع قتلى الاثنين في ظل أجواء شديدة التوتر تسود البلاد منذ إقدام الجيش على عزل مرسي. ومنذ ذلك الحين أوقعت أعمال العنف نحو مائة قتيل. وأعلن مصدر قضائي بدء التحقيق مع 650 متهماً في أحداث الحرس الجمهوري، مشيرة إلى أن المتهمين محتجزون في 18 قسم شرطة في القاهرة. وفي واشنطن، قال المتحدث باسم البيت الأبيض إن الولايات المتحدة «ترحب بحذر» بالجدول الزمني لتنظيم الانتخابات. وقالت روسيا على لسان وزير خارجيتها سيرغي لافروف «ندعم كل الجهود الهادفة إلى وقف العنف والمواجهات بهدف تهدئة الوضع». كما دعت الجزائر «كل الأطراف إلى التحلي بأقصى درجات ضبط النفس من أجل إبعاد شبح العنف الذي يهدد استقرار وأمن هذا البلد الشقيق».
في هذه الأثناء، طلبت إسرائيل من الولايات المتحدة عدم تجميد مساعداتها العسكرية المقدمة إلى مصر بعد عزل مرسي، بحسب ما أعلنت وسائل الإعلام الإسرائيلية. ونصحت بلجيكا رعاياها بمغادرة مصر.
من ناحية أخرى، أعلن مصدر رسمي سعودي أن «خادم الحرمين الشريفين العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود أمر بحزمة مساعدات لمصر بقيمة 5 مليارات دولار موزعة بين منح نقدية وأخرى عينية ووديعة مصرفية، وذلك لمواجهة التحديات التي يواجهها الاقتصاد المصري». بدورها، أعلنت الإمارات مساعدة للقاهرة بقيمة 3 مليارات دولار. وأوضحت وكالة الأنباء الرسمية أن «المساعدة تتضمن هبة قيمتها مليار دولار ووديعة من دون فائدة بملياري دولار في البنك المركزي المصري».
وأضافت أن «مستشار الأمن القومي في الإمارات الشيخ هزاع بن زايد آل نهيان أعلن المساعدة في ختام لقائه الرئيس المصري المؤقت عدلي منصور في القاهرة».
وقد توجه الشيخ هزاع إلى القاهرة على رأس وفد مهم يضم وزير الخارجية الشيخ عبد الله بن زايد ووزيرة التنمية والتعاون الدولي لبنى القاسمي ووزير الدولة للشؤون المالية عبيد الطاير ووزير الطاقة سهيل المزروعي.
دبلوماسياً، قررت مصر إطلاق حملة دبلوماسية باتجاه الاتحاد الأفريقي لإقناعه بأن عزل الرئيس مرسي لم يكن انقلاباً، ومطالبته بالعودة عن قراره بتعليق عضوية مصر.
وقال المتحدث باسم الخارجية المصرية بدر عبد العاطي إن القاهرة عرضت على الاتحاد الأفريقي «إرسال بعثة خبراء إلى مصر لإجراء اتصالات والاطلاع على الوضع على الأرض».
من جهة أخرى، أعلنت 20 جمعية وتجمعاً سورياً من أبناء الجالية السورية أنها تقف على مسافة واحدة من طرفي النزاع في مصر ودعت السوريين المقيمين في مصر إلى عدم المشاركة في أي تظاهرات.
في غضون ذلك، أكد المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية بدر عبد العاطي أن «قرار السلطات المصرية فرض تأشيرة دخول على المواطنين السوريين هو قرار يتعلق بالظرف الحالي والمؤقت الذي تمر به مصر».من جانب آخر، اعتبر الأزهر الشريف فتوى رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الدكتور يوسف القرضاوي حول وصف ثورة 30 يونيو بأنها انقلاب عسكري تعسُّفاً في الحكم، ومجازفة في النَّظَر.