أصيب 53 شخصاً أمس في تفجير سيارة مفخخة في الضاحية الجنوبية لبيروت، معقل «حزب الله» الشيعي حليف دمشق، في تحد هو الأخطر يواجهه الحزب منذ بدء مشاركته في النزاع السوري إلى جانب قوات نظام الرئيس بشار الأسد.
ويضاف التفجير الذي لقي إدانة محلية ودولية، الى سلسلة من الحوادث الامنية المتنقلة في لبنان المنقسم بين موالين لنظام الرئيس السوري بشار الأسد ومعارضين له، تترافق مع خطاب سياسي ومذهبي حاد على خلفية النزاع المستمر لأكثر من عامين.
وقال الجيش اللبناني «انفجرت سيارة مفخخة مركونة داخل موقف للسيارات في محلة بئر العبد بالضاحية الجنوبية»، ما أدى إلى وقوع جرحى و»أضرار مادية جسيمة».
وأوضح مصدر عسكري أن التفجير وقع في مرأب مركز تعاوني يعرف باسم «مركز التعاون الإسلامي».
وقال وزير الصحة علي حسن خليل إن «53 شخصاً أصيبوا في التفجير»، مشيراً إلى أن «12 من هؤلاء مازالوا يعالجون في المستشفيات، بينهم اثنان يخضعان لعمليات جراحية».
وذكرت تقارير أن سيارات الإسعاف هرعت إلى مكان التفجير الذي وقع في منطقة سكنية مكتظة، حيث ارتفعت سحابة من الدخان الأسود الكثيف جراء التهام النيران للعديد من السيارات. وأدى التفجير إلى تضرر المباني وتحطم زجاج المنازل والمحال التجارية.
وعرضت قناة «المنار» التابعة لحزب الله لقطات أظهرت دماراً كبيراً وتجمعات حاشدة للسكان. وأمكن سماع مناشدات للمدنيين بالابتعاد عن مسرح الجريمة، قبل أن يفرض الجيش اللبناني حوله طوقاً أمنياً.
وتفقد وزير الداخلية مروان شربل مكان التفجير، حيث قوبل باحتجاج من شبان غاضبين مناصرين لحزب الله قاموا بإلقاء حجارة باتجاهه، ما دفع حراسه والقوى الأمنية إلى إطلاق النار في الهواء. والتفجير هو الأول بسيارة مفخخة يستهدف الضاحية الجنوبية منذ عام 2004 حين اغتيل القيادي في الحزب غالب عوالي. كما إنه التفجير الأول من نوعه فيها منذ بدء النزاع السوري منتصف مارس 2011.
ويعد حزب الله الذي يمتلك ترسانة عسكرية ضخمة، أبرز الحلفاء اللبنانيين للنظام السوري، وأعلن في الأشهر الأخيرة علناً مشاركته في المعارك ضد مقاتلي المعارضة السورية.
وشهدت مناطق نفوذ الحزب سلسلة حوادث أمنية منذ ذلك الحين، أبرزها سقوط صاروخين مجهولي المصدر على الضاحية الجنوبية في 26 مايو الماضي، ما أدى إلى جرح 4 أشخاص. كما تكرر في الفترة الماضية تفجير عبوات ناسفة صغيرة في مناطق نفوذ للحزب شرق لبنان قرب الحدود مع سوريا، وسقوط صواريخ من سوريا. وتبنى مقاتلون معارضون إطلاق بعض هذه الصواريخ، قائلين إنها رد على تدحل الحزب في المعارك السورية.
ودعا الرئيس اللبناني ميشال سليمان إلى «الإقلاع عن مثل هذه الأساليب في الرسائل السياسية واحترام أمن المواطنين اللبنانيين مهما بلغت حدة الخلاف السياسي»، بينما اعتبر رئيس الحكومة المستقيلة نجيب ميقاتي أن التفجير «يعيد إلى الأذهان حقبات سوداء من تاريخ لبنان أعتقد اللبنانيون أنها طويت إلى غير رجعة».
ودان التفجير رئيس الحكومة السابق سعد الحريري، أبرز قادة «قوى 14 آذار» المعارضة لدمشق وحزب الله. ودعا إلى «تحييد لبنان عن الصراعات الخارجية، وتفادي الانزلاق في حروب لن يكون مردودها على لبنان سوى المزيد من الانقسام». وفي مشهد يعكس الانقسام الحاد، تحدثت تقارير عن «إطلاق نار ابتهاجاً» في مدينة طرابلس شمال لبنان، خاصة في منطقة باب التبانة ذات الغالبية السنية والمتعاطفة مع المعارضة السورية.
كما دانت فرنسا التفجير، داعية عبر المتحدث باسم وزارة خارجيتها فيليب لاليو «اللبنانيين كافة إلى العمل على تجنب أي تصعيد للعنف والحفاظ على الوحدة الوطنية»، مكررة «التزامها باستقرار لبنان ورفضها للإرهاب».
كما أعربت السفيرة الامريكية في بيروت مورا كونيلي في بيان عن «عميق تعاطف الولايات المتحدة وقلقها إزاء الذين جرحوا أو قتلوا».
من جانبه، أكد وزير الدفاع الإسرائيلي موشي يعالون أن إسرائيل ليست متورطة في التفجير ووصفه بأنه نتيجة «النزاع بين السنة والشيعة».
من جانب آخر، طالبت منظمة العفو الدولية بالتحقيق في قضية تعذيب مناصرين للشيخ المتشدد أحمد الأسير بعد المعارك التي انتهت بسيطرة الجيش اللبناني على مربعه الأمني، ووفاة أحد هؤلاء تحت التعذيب.
وقالت المنظمة في بيان إنه على «السلطات اللبنانية فتح تحقيق شامل في مقتل نادر البيومي تحت الاعتقال، بعد توقيفه إثر الاشتباكات بين الجيش اللبناني والمناصرين المسلحين للشيخ أحمد الأسير» في صيدا.
«فرانس برس»