بقلم: عائشة خليل رشدان *
إن المتغيرات المتسارعه التي حدثت في عالم الاتصال–سواء في مجال تقنيات الوسائل أم في الأداء المهني للممارسات أم في مجال فهم العملية الاتصالية ذاتها وتطور النظرة نحو أدوارها المتبادلة تعد تغيرات ضخمة وعميقة جداً ألقت بانعكاسات متعددة على العملية الاتصالية الأمرالذي نتج عنه تحولات جذرية في مفهوم عمليات الاتصال وتأثيراتها بل إن هذه التغيرات وصلت في أحيان كثيرة إلى حد التناقض. ولقد أدى تعدد وسائل الاتصال وتطورها إلى ظهور وسائط ووسائل اتصال جديدة فرضت واقعاً اتصاليا مميزا للحقبتين الأخيرة من القرن العشرين والأولى من القرن الحادي والعشرين،وتتمثل أهم هذه التطورات في ظهور شبكة الإنترنت للاستخدام الجماهيري والتي جاء ظهورها كنتيجة لتطور الإعلام الرقمي في تشغيل وإدارة المعلومات.
لقد أتاح الإنترنت وسائل فائقة القدرة وسعت العديد من الجهات الإعلامية وغير الإعلامية بل حتى الأفراد للإفادة من الإمكانات الاتصالية التي تتيحها هذه التقنية بإطلاق مواقع إلكترونية عامة ومتخصصة تؤدي مهام إعلامية واتصالية متنوعة وتتضمن هذه المواقع عدداً من مصادر المعلومات والأخبار التي تتسم بالحداثة وبقدرتها على أداء أدوار رئيسة في العمل الإعلامي بشكل عام والإخباري بشكل خاص ولعل أهم هذه المصادر هو الإعلام الإلكتروني وهو الإعلام الذي أثار بظهوره العديد من الإشكالات بدءا بالتعريف وانتقالا إلى الممارسة، ورغم حداثة ظاهرة الإعلام الإلكتروني إلا إنها وجدت لها مساحة كبيرة يمكن تفسيرها بترعرعها بعيدا عن قوانين الصحافة والنشر وبمعزل في اغلب الأحيان عن أوامر المنع والمصادرة فهي تنطلق من فضاء افتراضي يتخطى الحدود فكانت منفذا لكل باحث عن مساحة للتعبير ولكل طامح في فرصة لم يحصل عليها في وسائل الإعلام التي تتحكم فيها حسابات وسياسات ومع سرعة تداول المعلومات وتوافرها طوال اليوم وإمكانية الوصول إليها مباشرة كان الإعلام الإلكتروني منافسا خطرا للصحافة المطبوعة بل وحتى للإعلام المرئي وان صدقت دراسة أجرتها مايكروسوفت فان العالم سيشهد طباعة آخر صحيفة ورقية في عام 2018. إلا إن الباحث يرى أن هذه الرؤية متفائلة إلى حد كبير خاصة إذا طبقت في العالم العربي.
و للإعلام الالكتروني دور كبير في التوعية السياسية الرسمية وغير الرسمية، وذلك عبر التواصل مع الجمهور مباشرة من خلال شبكات التواصل الاجتماعي والمواقع الاليكترونية وذلك من خلال خلق حالة من الحوار المستدام بين جمهور الموقع أو الشبكة الالكترونية وهو ما يساهم في زيادة فاعلية الرأي العام والتعاطي البيني بين أعضائه بما يعود بالفائدة على مجمل حركة المجتمع وتطور وعيه السياسي ، وفي مجال الانتخابات يمكن استخدام وسائل التواصل الاجتماعي للتواصل مع الناخبين خلال فترة الانتخابات وبث الرسائل الانتخابية الرسمية والإعلانات الصادرة عن الهيئة المسئولة عن تنظيم الانتخابات وزيادة نسبة الناخبين، إضافة إلى تغطية نتائج الانتخابات أولا بأول. بالإضافة إلى إمكان المرشحين استخدام وسائل التواصل الاجتماعي لزيادة فرصهم في نسبة الفوز.
للاعلام الالكتروني عدة أشكال أهمها الشبكات الاجتماعية وهي الشبكات التي تجعل جميع مستخدميها يتشاركون في الأنشطة والاهتمامات وتكوين صداقات مع بعضهم البعض مثل (الفيس بوك ) و( التويتر ) كذلك المفضلات الاجتماعية وهي بمثابة موقع يسمح لك بإنشاء مفضلتك تتشارك بها مع أصدقائك المسجلين في هذه المواقع مثل موقع ( ديغ ) بحيث يسمح لك هذا الموقع بمشاركة مفضلتك مع الآخرين وإمكانية التصويت على الأخبار التي تنال على إعجابك. ومن الأشكال أيضا مواقع استضافة المدونات مثل ( البلوجر ) وهي استضافة لمدونات مجانية تتميز بالبساطة مقارنة بغيرها من الاستضافات ، بالإضافة إلى موقع ( تمبلر ) وهو موقع شبيه بـ ( تويتر ) يوجد به منصة تدوين إما على شكل نص ، صورة أو فيديو. وأخيرا هناك ( اليوتيوب )والذي يسمح بوضع فيديو خاص بكل مشترك. ومع ذلك فانه ورغم جميع مزايا الإعلام الإلكتروني إلا أن هناك بعض السلبيات التي تواجه انتشاره من حيث مصداقية البيانات والمعلومات وصعوبة التحقق من صحتها و صعوبة وضع ضوابط من اجل السيطرة على نشر الطائفية والعنف وعدم المساس بالقيم الدينية و الاجتماعية للمجتمعات الأخرى. ويبقى للإعلام الالكتروني دورا كبيرا ومؤثرا في حياة الشعوب في شتى مناحي الحياة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية.
* باحث - معهد البحرين للتنمية السياسية