كتب- محرر الشؤون السياسية:
أكد ريتشارد جونسون أن: «ما تفعله منظمة هيومن رايتس ووتش بـ«رواندا»، ليس دعوة لصون حقوق الإنسان واعتبرها دعوة لسياسة لا أخلاقية شنيعة في وسائلها وغاياتها.
وطالب في كتابه مجلس إدارة هيومن رايتس ووتش تحميل المسؤولية لكينيث روث المدير التنفيذي وموظفي المنظمة الذين يقومون بتغطية المسائل الرواندية المسؤولة عن ما وصفه بـ «المهزلة»، التي لها تداعيات خطيرة على السياسة الغربية تجاه رواندا وعلى المصداقية العامة لدفاع الغرب عن حقوق الإنسان.
ودعا ريتشارد جونسون في كتابه «مهزلة منظمة هيومن رايتس ووتش في رواندا»، الذي يحكي تجربته في رواندا الصادر مؤخراً: «الجهات المانحة لمنظمة هيومن رايتس ووتش للتفكير بجدية في القضايا التي تدفع الأموال لأجلها وطالب الحكومات الغربية بتوخي الحذر من اتباع نصائح منظمة هيومن رايتس ووتش والتحلي، بما يكفي من الشجاعة لمواجهة المنظمة علنا إذا تطلّب الأمر ذلك».
وقال جونسون، إن: «خطاب هيومن رايتس ووتش، حول رواندا على مدى السنوات العشرين الماضية معاد بشكل عميق للجبهة الوطنية الرواندية التي هزمت سلطة الهوتو التي تعتمد على الإبادة الجماعية «عام 1994». إذ تبدي المنظمة انحيازاً مطلقاً لصالح سماح السلطة الغاشمة للقوى السياسية للهوتو بالعودة إلى الحياة السياسية برواندا».
ويهدف ريتشارد جونسون في كتابه إلى مقال عنه «تعرية أو ربما تغيير سلوك منظمة هيومن رايتس ووتش». لتمتعها بتأثير كبير على وسائل الإعلام الغربي، وصناع السياسة الخارجية، خصوصا وأن البلدان الخارجة عن مناطق اهتمامات الجهات الغربية مثل رواندا.
ورأى جونسون أن: «صناعة القرار عند منظمة هيومان رايتس ووتش غير شفافة، وأن الهالة حول قدسية مهامها المعلنة تثني الرأي العام عن المراقبة الدقيقة لسياساتها وممارساتها، ما يجعل درجة المصداقية لديها غير واضحة بما فيه الكفاية».
وقال : «كون سلطات منظمة هيومان رايتس غير قابلة للمراقبة قد يؤدي إلى وقوع أخطاء فادحة، مثلما حصل في رواندا كما أن خطاب هيومن رايتس ووتش حول رواندا شكل تهديدا للبلد وللسلام والاستقرار في إفريقيا الوسطى». وأضاف، أن: «مثل هذا الخطاب لا يُشجع الحكومات الغربية على فعل ما يجب فعله لمساعدة رواندا على التعافي من تداعيات الإبادة الجماعية التي وقعت سنة 1994 ويمكن الجناة من الإفلات باستمرار من العقاب عن جرائم الإبادة الجماعية الكبرى، وهو ما يؤلم كثيراً من الروانديين خصوصا الناجين من المذابح. كما أنه يُقصي احتمال التوصل إلى حوار بناء بين الغرب ورواندا، ويزيد من مخاطر السخرية وعقلية الهلع».
ورأى أن: «الجانب الأخطر لهذا الخطاب هو تشجيع قبائـــل «الهوتــــو» المتطرفة التي لا تبدي ندما على تورطها في الإبادة الجماعية في رواندا عام 1994 ضد التوتسي على النفخ في الجمر وسكب الزيت على النار أملا في بسط نفوذها من جديد واستعادة الحكم في أرجاء رواندا».
وقارن المؤلف بين الحالة النازية وتعاملها مع الهولوكوست عقب هزيمة الألمان والشعور بالذنب والبحث عن الذات والشعور بالمسؤولية الأخلاقية والسياسية والجنائية.
وقال إنه: «بالرغم من أن قادة وأتباع الإبادة الجماعية برواندا منيوا بهزائم عسكرية كبرى إلا أنه تم إعادة إدماج المتورطين في الإبادة الجماعية في المجتمع الرواندي عقب محاكمة وإدانة مئات الآلاف من المتورطين».
وأضاف أن: «الآلاف من المذنبين ومؤيديهم استفادوا من نظام حماية غريب خارج رواندا يوفر لهم ملاذات آمنة في أنحاء كثيرة من أفريقيا وأوروبا وأمريكا الشمالية ويدعمهم مادياً وسياسياً ومعنوياً بشكل واسع النطاق من قبل وكالات الأمم المتحدة ومسؤولين غربيين وكنائس ومثقفين ومنظمات غير حكومية».
كما ظل التقليل من أهمية أو إنكار الإبادة الجماعية ضد التوتسي ظاهرة منتشرة في الغرب طيلة 18 عاماً في صفوف النخبــــة السياسية الفرنسية وأوساط الديمقراطيين المسيحيين ودوائر الكنيسة الكاثوليكية وصفوف المنظمات غير الحكومية البلجيكية والهولندية.
ورأى المؤلــــف أن: «الهوتــــو الرواندييـــــن، استمروا في رسم خط وهمي بين»الهوتو»، و«التوتسي»، بهـــدف تحديـــد السياســـة الرواندية وأملاً في العودة إلى السلطة، فلم يقوموا برحلة المصالحة مع الذات التي قام بها الألمان بعد المحرقة. إذ ساهـــم خطـــاب هيومان رايتس ووتش في توفير نظام حماية لـ«الهوتو» طيلة الـ 12 السنة الماضية».
ولخص المؤلف خطاب هيومان رايتس ووتش المعلن وغير المعلن في أربعة نقاط تمثل أوامر موجهة للحكومة الرواندية ما بعد الإبادة الجماعية وهي: «اسمحوا لأطراف الإبادة الجماعية بالعودة، لا تُحرّموا أفكارهم، حملوا المسؤولية لمجموعة صغيرة وانسوا كل شيء عن المتواطئين الأجانب، أعترف أنك لست أفضل منهم».
وقــال، إن: «هيومن رايتس ووتش، استخدمت مجموعة متنوعة من الاستراتيجيات للضغط على الحكومات الغربية والهيئات الدولية لمساندة هذه الأوامر بكل الوسائل بما في ذلك الدعوة لفرض عقوبات اقتصادية والقبض على كبار المسؤولين الروانديين».
ويواصل ريتشارد جونسون الدبلوماسي الأمريكي المتقاعد، الذي يستعرض تجربته المهنية في معايشة الإبادة الجماعية في البوسنة، الذي عاش في رواندا من 2008 إلى 2010 كزوج لدبلوماسية أمريكية: «إذا فُرضت هذه العقوبات بنجاح، فإنها ستمكن من استعادة التأكيد على الهوية السياسة للهوتو والتوتسي كأساس للحكم في رواندا «من بقايا الأوهام العنصرية المفروضة من قبل ضباط أوروبيين والمبشرين الكاثوليك في عهد الاستعمار».
وقال لو تأملنا السجل الحافل لهذه السياسة منــــذ 1920 إلــــى سنــــة 1994 وطبيعـــة المجموعات التي تطمح إلى هذه السياسة اليوم، لوجدنا ذلك كفيلاً بإشعال فتيل العنف ويعكس بسرعة ما حققته رواندا من تقدم في مجال التنمية البشرية منذ عام 1994 وهذا قد يكفل سبل عيش جيل جديد من «المحسنين» الغربيين ولكنه سيكون كارثة لرواندا ومنطقتها.
وناقش الكاتب دعوة المنظمة القائلة «اسمحوا لأطراف الإبادة الجماعية بالعودة» قائلاً: أثناء الانتخابات الرئاسية في رواندا 2010 قامت منظمة هيومان رايتس ووتش بحملة قوية لفائدة ائتلاف سياسي مهاجر اسمه «القوى الديمقراطية المتحدة» بقيادة شخص غير معروف يدعى فكتوار إنقابير وعملت من أجل السماح للإئتلاف بالتسجيل كحزب سياسي في رواندا والمنافسة في الانتخابات».
وأضاف قدمت هيومان رايتس ووتش إنقابير في كل بياناتها كشخص ذو مصداقية وزعيم معارضة شرعي قد يؤدّي استبعاده من الانتخابات إلى تصوير الحكومة الرواندية كحكومة معادية للديمقراطية».
وقال تبنت هيومان رايتس ووتش العديد من التقارير الإعلامية الغربية وبعض التصريحات الحكومية الغربية وبفضل التكرار أصبح القبول بترشيح إنقابير أشهر طريقة لتقييم الحكومة الرواندية للرئيس كاغامي.
وأعيد انتخاب الرئيس كاغامي أغسطس 2010 إلا أن الانتخابات كانت منقوصة لأنه لم يسمح للقوى الديمقراطية المتحدة بالمشاركة ووقع اعتقال قابير واتهامه بتقسيم البلاد وإنكار الإبادة الجماعية، والتواطؤ مع مجموعة إرهابية اسمها «القوات الديمقراطية لتحرير رواندا».
وانتقد المؤلف غياب أي إشارة لتاريخ وطبيعة «القوى الديمقراطية الموحدة» في خطابات هيومان رايتس ووتش واعبتره أمر يبعث على الدهشة ودليل على عدم احترام للشعب الرواندي ودليل على أن صناع القرار والرأي العام الغربي الذين لا يفهمون الأوضاع في رواندا يمكن مُغالطتهم بسهولة».
وأوضــــح أن: «مكونــــات ائتــــلاف القــــوى الديمقراطية الموحدة تتكون من ثلاثة فصائل سياسية للمهاجرين الروانديين هي حزب «التجمع الجمهوري من أجل الديمقراطية» -المكون الرئيسي، الذي يتزعمه إنقابيرا منذ 2000 وهو الوريث السياسي المباشر لنظام الهوتو الذي تسبب في الإبادة الجماعية للتوتسي سنة 1994».
وقال إن حزب التجمع أسسه كبار مرتكبي الإبادة الجماعية، الذين فروا إلى الكونغو وسكنوا «مخيمات اللاجئين» على طول حدود رواندا ومولوا من المجتمع الدولي عبر المفوضية العليا للاجئين والعديد من «المنظمات الغربية» وسلحوا من قبل نظام موبوتو في الكونغو وميتران في فرنسا وبدأت حركة سلطة الهوتو التي تدعو إلى الإبادة الجماعية إعادة توحيد صفوفها بعد هزيمتها العسكرية في رواندا. وكان إنشاء «التجمع من أجل عودة اللاجئين والديمقراطية في رواندا».
وقال «يخلف التجمع من أجل عودة اللاجئين والديمقراطية في رواندا الحكومة الرواندية المؤقتة التي نفذت الإبادة الجماعية مع هيئة حاكمة أقلّ قذارة ملتزمة بتحقيق نفس الأهداف»، إضافة إلى» تخطيط وتنفيذ عودة حركة سلطة الهوتو التي قامت بالإبادة الجماعية سابقاً إلى الحكم في رواندا بالتفاوض أو بالقوة».