دارت اشتباكات أمس بين مقاتلين معارضين من الجيش السوري الحر وجهاديين مرتبطين بتنظيم القاعدة يحاولون وضع يدهم على أسلحة تابعة للجيش الحر شمال غرب سوريا، بحسب ما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان، فيما أكد محللون أن المستفيد الأول من تصاعد التوتر بين المعارضة هو نظام الرئيس بشار الأسد.
وتأتي هذه الاشتباكات وسط تصاعد التوتر بين مجموعات الجيش الحر والمجموعات الجهادية المؤلفة في جزء كبير منها من مقاتلين غير سوريين، وأبرزها جبهة النصرة و»الدولة الإسلامية في العراق والشام» المرتبطتين بالقاعدة.واندلعت اشتباكات فجر أمس قرب بلدة رأس الحصن شمال محافظة إدلب شمال غرب البلاد، عندما «حاول مقاتلون من تنظيم الدولة الإسلامية السيطرة على أسلحة مخزنة في مستودعات تابعة للكتائب المقاتلة» في المنطقة، بحسب ما أفاد مدير المرصد رامي عبد الرحمن.وكان عشرات المقاتلين المعارضين قتلوا في يونيو الماضي في اشتباكات مع عناصر الدولة الإسلامية في العراق والشام في بلدة الدانة بإدلب، بحسب المرصد. كما تأتي الاشتباكات الجديدة بعد يومين من قيام عناصر من الدولة الإسلامية بقتل القائد الأبرز في الجيش الحر كمال حمامي المعروف بـ «أبو بصير»، في منطقة اللاذقية شمال غرب سوريا.ولا تخضع المجموعات المقاتلة ضد نظام الرئيس بشار الأسد لقيادة واحدة، وهي مشرذمة، وعدد كبير منها يرفع شعارات إسلامية الطابع بشكل أو بآخر.
ويسيطر مقاتلو المعارضة على أجزاء واسعة من شمال البلاد، في حين لاتزال المدن الرئيسة تحت سيطرة النظام، باستثناء مدينة الرقة.وقال مدير المرصد إن القوات النظامية «تركز على إعادة فتح طريق إمدادات حلب»، مشيراً إلى أن هذه الإمدادات «ليست عسكرية، بل للغذاء والمواصلات من حلب في اتجاه دمشق والساحل السوري».
ويواجه النظام صعوبة في إيصال الإمدادات بسبب قطع الطرق المؤدية إلى حلب، خاصة طريق السلمية في حماة وطريق اللاذقية، بسبب المعارك.وشهدت أحياء في حلب تسيطر عليها المعارضة، تظاهرات احتجاجية من السكان الذين طالبوا المقاتلين بمساعدة سكان المناطق الخاضعة لسيطرة النظام، من خلال تخفيف الحصار عنهم.
وبقيت حلب، كبرى مدن الشمال السوري، مدة طويلة في منأى عن النزاع العسكري في سوريا حتى يوليو 2012، عندما اندلعت فيها معارك باتت شبه يومية، بينما يتقاسم النظام والمعارضة السيطرة على أحيائها.في غضون ذلك، قتل أحد عناصر حرس الحدود العراقي في اشتباك مع مسلحين تسللوا من سوريا قرب منفذ الوليد الحدودي غرب البلاد.
من جانب آخر، أُصيبت قلعة الحصن الاثرية في محافظة حمص وسط سوريا، والمدرجة على لائحة منظمة الأونسكو للتراث العالمي، بأضرار بعد استهدافها بقصف من الطيران الحربي السوري، بحسب ما أظهرت أشرطة فيديو بثها ناشطون معارضون.إنسانياً، أطلقت المفوضة العليا لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة ومنسقة الشؤون الإنسانية نداءً مشتركاً للمطالبة بهدنة للمعارك في مدينة حمص، نقلاً عن تقرير لقناة «العربية».
كما طالبت اللجنة الدولية للصليب الأحمر بوقف المعارك العنيفة من أجل المساعدات الإنسانية إلى السكان المحاصرين في حمص، وهي نداءات طالما قابلها النظام السوري بالرفض.وتتوالى دعوات المنظمات المعنية بحقوق الإنسان والإغاثة من أجل إيصال المساعدات الضرورية للآلاف من سكان المدينة، التي تحاصرها قوات النظام السوري مدعومة بميليشيات حزب الله اللبناني.
في غضون ذلك، أعربت المفوضية العليا للاجئين في الأمم المتحدة عن قلقها الكبير حيال التدبير الذي فرضته السلطات المصرية منذ بداية الأسبوع بفرض التأشيرة على السوريين الراغبين في التوجه إلى مصر.
من جهة أخرى، قالت شبكة «سي أن أن» الأمريكية نقلاً عن مسؤولين أمريكيين أن سلسلة الانفجارات التي سجلت في 5 يوليو الجاري قرب مدينة اللاذقية الساحلية السورية ناجمة عن ضربات جوية إسرائيلية.وأضافت القناة الأمريكية أن الضربات استهدفت صواريخ ياخنوت الروسية الصنع التي تعتبرها إسرائيل تهديداً لقواتها البحرية في شرق المتوسط. وامتنع الجيش الإسرائيلي عن تأكيد هذا التقرير. من جهته، قال وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري إن العراق لا يملك وسائل منع شحنات أسلحة إيرانية مرسلة جواً إلى الحكومة السورية، من دون أن يؤكد حصول مثل هذه الشحنات.وصرح زيباري في مقابلة مع صحيفة الشرق الأوسط أنه «أبلغ الغربيين أن بلاده غير قادرة على وقف عملية نقل السلاح من طهران إلى دمشق إذا كانت موجودة». ودعاهم «إلى إيقافها إذا كانت تخالف قرارات مجلس الأمن الدولي الذي يمنع دخول وخروج السلاح من إيران».
وتابع موضحاً «نحن نقول إننا واقعون بين نارين: نار إيران وهي جارة قوية، حليفة وصديقة من جهة. ومن جهة أخرى، نار الولايات المتحدة الأمريكية التي هي أيضاً حليفتنا. ومشكلتنا هي كيفية المحافظة على موقفنا وحياديتنا من غير أن ننجر إلى هذا الطرف أو ذلك».وأقر زيباري بأن شيعة عراقيين يقاتلون في سوريا إلى جانب قوات النظام، مؤكداً في الوقت نفسه أنهم يقومون بذلك بصفة فردية.
في غضون ذلك، أكد الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، لخادم الحرمين الشريفين العاهل السعودي، الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود، التزامه بتوفير الدعم لمقاتلي المعارضة السورية.وجاء التأكيد عبر اتصال أجراه أوباما، بالعاهل السعودي هنأه فيه بشهر رمضان المبارك. كما تم خلال الاتصال التطرق إلى تداعيات الأوضاع في المنطقة.وذكرت قيادات الجيش السوري الحر أنها لم تتلق أي أسلحة من الغرب، سواء من أمريكا أو من أوروبا، رغم تعهد واشنطن بتقديم أسلحة نوعية، ورفع الاتحاد الأوروبي الحظر على تقديم أسلحة للمعارضة.
«فرانس برس - بي بي سي - العربية نت»