كتب - أحمد الجناحي:
أجواء شهر رمضان، ذات نكهة ولون خاص، لا يشعر بهما إلا من يعيش وسط المسلمين، أما أولئك الذين يعيشون في الغربة بسبب الدراسة أو العمل أو لأي سبب آخر، فيفتقدون الكثير.
خالد السبيعي مثلاً يرى أن شهر رمضان في الغربة لا طعم له ولا لون، ولا يجد سلمان المجدم أي أثر للروحانية في الغربة، ولايزال راشد الدوسري يحلم أن يقضي شهر رمضان في بلده مع عائلته دون أن يتحقق رجاؤه.
أما الطالب بالولايات المتحدة الأمريكية عبدالرحمن الشيخ فيقول إن شهر رمضان في الغربة مختلف، رائحته مختلفة، وأيامه ولياليه ذات نكهة خاصة، يأتي مع مسحة حزن وحنين ووحدة قاتلة، لافتقادنا الجو الرمضاني في الوطن وسط الأهل والجيران وذلك المذاق المتميز الذي نحسه ونستشعره في بلد الإسلام، من تراويح، وصدقة، وزكاة، وإفطار صائم. رغم ذلك يشعر عبدالرحمن بالسعادة أن «مجرد دخول هذا الشهر الكريم مدعاة للسعادة، ففيه تعتق الرقاب من النار وتصب الرحمة والمغفرة صباً».
أما دانة محمد فأطياف شهر رمضان لا تفارقها في أستراليا، صورة أهلها والناس والبيت الذي تشيع فيه أجواء الشهر الفضيل، «أفتقد أذان المغرب، قوائم الزكاة التي كنت أعدها مع والدي للفقراء من أقربائنا وجيراننا، الروحانية التي تشمل الحياة في كل مكان، حتى السحور أفتقده ولمة العائلة في منزلنا، أشعر بشوق وحنين لرمضان وأجوائه في البحرين». إن رمضان في الغربة كما تحكي دانة «هادئ لا صوت ولا حركة له»، وكل ما تتمنى أن تنهي دراستها وتعود لأجواء البحرين الرائعة.
ولا يخفي سالم الكواري وهو موظف في بريطانيا أن دموعه تنهمر في كثير من الأحيان عندما لا يوفق في الرجوع إلى البحرين في عطلته السنوية، وحتى لو حاول أن يتناسى أجواء الشهر الفضيل فلن يتمكن، «كيف أنسى الأوقات الرائعة مع عائلتي؟! الفطور والسحور، وصدى المسحر في الفريج، جميعها لا تفارق ذهني. ورغم أن أسرتي تحاول أن تتواصل معي دائماً لا أزال أشتاق البحرين ورائحة شهر رمضان العطرة».
ويؤكد سيف بوحجي أن أجواء شهر رمضان في بريطانيا صعبة للغاية، وفرق التوقيت يخلق حياة مختلفه يصعب التكيف معها، «أذان المغرب في التاسعة والنصف ووجبة العشاء في الثانية عشرة والنصف، وفي الفجر لا تسمع صوت الأذان، ولا توجد جماعة لصلاة التراويح، وضع لا يطاق». وتسرد سها المحميد وهي موظفة في أمريكا، أحداث حياتها المملة هناك، فهي تحضير وجبة الفطور بنفسها وهي وجبة لا تتغير، لكنها لا تنكر أن أجواء الفطور الرمضاني مع صديقاتها، في السكن التابع للوظيفة، ممتعة إلى حد ما، لكنها ليست كأجواء مجالسة الأهل، وتخلق المحميد لنفسها جواً من التغيير في وجبات الإفطار «أحاول أن أغير من الروتين اليومي، فأجد أن الخروج من السكن وتناول الإفطار في أحد المطاعم، وقضاء بعض الأوقات ضمن أجواء جديدة، يخفف عني عبء الحنين إلى الأهل، وآلام الغربة». من جهته يؤكد الاستشاري النفسي والأسري عصام عبدالله أن الاجتماع العائلي على الفطور في شهر رمضان ذو أثر نفسي كبير على الأسرة، يساهم في توطيد العلاقات الأسرية وتلاحمها خصوصاً في بيت العائلة الكبير. ويضيف عبدالله: إن المغتربين يعانون بلاشك من صعوبات التأقلم خلال شهر رمضان بسبب ظروف التغرب خصوصاً وهم بعيدون عن الأهل والأقارب، ناصحاً المغتربين الذين لا يستطيعون قضاء الشهر الفضيل إلى جانب عائلاتهم، أن يحاولوا قدر الإمكان أن يجتمعوا بعائلات أخرى مغتربة، وأن يخلقوا أجواء رمضانية عائلية، للتخفيف من أعباء الغربة النفسية.