أكد رئيس لجنة الشؤون الخارجية والدفاع والأمن الوطني بمجلس الشورى الشيخ خالد بن خليفة آل خليفة أن مملكة البحرين من أكثر الدول التي عانت من محاولات تصدير الثورة الإيرانية منذ عام 1979، وتحولت المعارضة الليبرالية إلى معارضة ذات صبغة طائفية مذهبية، مما سمح للتيارات الإسلامية المتطرفة بالهيمنة على الساحة السياسية على المستوى الإقليمي. وواصلت إيران محاولاتها تصدير ثورتها للبحرين خاصة معتمدة على التعاطف المذهبي؛ فشهدت البحرين محاولات انقلابية عسكرية في بداية الثمانينات.
وطرح الشيخ خالد بن خليفة آل خليفة ورقة عمل تحت عنوان «البحرين: الطريق إلى الديمقراطية»، تناول فيها تكوين المجتمع السياسي البحريني، والتحول في نمط المعارضة البحرينية في الفترة ما بعد الثورة الإيرانية إلى معارضة يغلب عليها لون طائفي واحد، إضافة إلى استعراض مراحل المشروع الإصلاحي بوصفها عملية مستمرة ، وتشكيل لجنة تقصي الحقائق وحوار التوافق الوطني.
وقال الشيخ خالد إن «ما تتمتع به البحرين اليوم من حرية الديانات واحترام الأقليات تمتد جذوره إلى تلك الأيام الأولى لفتح البحرين عام 1782م، حيث لم يحاولوا تغيير أو إجبار المجتمع البحريني على اعتناق مذهبهم أو دينهم؛ وشرع حكام البحرين في تنظيم حرية الممارسة الدينية والطقوس الدينية التي تتطلب استخدام الساحات والشوارع والأماكن العامة.
وفي الخمسينيات والستينيات كانت البحرين من أكثر دول المنطقة استقطاباً للحركات والفكر الراديكالي في ظل تأثيرات الحرب الباردة وبدء التعليم مبكراً في المملكة، مشيرا إلى أنه لا يعتقد أن هناك دولا في المنطقة تأثرت بالمد الشيوعي والبعثي والقومي والإسلامي والناصري كما تأثرت به البحرين والعراق، إلى أن أصدر المجلس التأسيسي دستور 1970م ليعلن بدء الحياة النيابية.
واستعرض أربعة مراحل للمشروع الإصلاحي لجلالة الملك، قائلاً: إن جلالة الملك ركّز في المرحلة الأولى على توعية جميع مكونات المجتمع، وصاحب تلك الخطوات الإصلاحية إطلاق جميع السجناء المتورطين في إعمال العنف كبادرة حسن النية، وأطلق حرية التعبير والممارسة السياسية والنقابية ومساواة حقوق المرأة بالرجل وحقها في الترشح والانتخاب وحق تشكيل الجمعيات السياسية.
وفي المرحلة الثانية، تم تشكيل لجنة صياغة الميثاق من مختلف أطياف المجتمع، وتحاور أعضاء اللجنة وتوافقوا على مواد الميثاق، أما المرحلة الثالثة، فهي مرحلة التصويت والاستفتاء على ميثاق العمل الوطني، في 14 فبراير 2002م بإشراك جهات دولية، وحاز على نسبة 98.4% ، حيث أكدت مواده شرعية الحكم لآل خليفة.
أما المرحلة الأخيرة من طرح مشروع الإصلاح فهي التنفيذ العملي، بإصدار دستور (2002م)، ليتماشى مع التطور من خلال ميثاق العمل الوطني، وبناء المؤسسات الدستورية.
ولم تقف عجلة الإصلاح عند هذا الحد بل أكد جلالة الملك على استمرارها من خلال إنشاء ديوان الرقابة المالية والمؤسسات الأخرى لاستكمال الصلاح.
وتطرق الشيخ خالد إلى لجنة تقصي الحقائق قائلا: إنه في سابقة هي الأولى من نوعها في المنطقة طلب جلالة الملك من الأمم المتحدة تعيين لجنة دولية لتقصي الحقائق في ما حدث في البحرين، وإثر ذلك فتحت الدولة كل الأجهزة لهذه اللجنة دون أي تحفظ، وجاءت نتيجة التحقيق متوازنة رضي بها جميع الأطراف، وتم دفع تعويضات وصلت قيمتها 17 مليون دينار (45 مليون دولار)، وتم تنفيذ ما لا يقل عن 70% من توصيات اللجنة و يجري تنفيذ البقية.
وعن حوار التوافق الوطني أوضح أن جلالة الملك ارتأى إجراء حوار للتوافق حول التطور السياسي المنشود، بعد الشرخ الذي أحدثته المناداة بإقامة جمهورية إسلامية، مشيراً إلى أن إطلاق مشروع الحوار الوطني الذي لم تشهد له المنطقة مثيل خاصة دول ما سمي بالربيع العربي، حيث خرج بالعديد من التوصيات تبناها مجلس النواب، أهمها التعديلات الدستورية أعطت صلاحيات اكبر لمجلس النواب المنتخب وتقليص صلاحيات مجلس الشورى المعين.
وتابع أن «اقتراح جلالة الملك بإنشاء محكمة حقوق الإنسان العربية يعد إضافة بحرينية للعمل الحقوقي العربي، من شخص مؤمن بحقوق الإنسان على المستوى المحلي والعربي أيضاً».
واختتم ورقته في جلسة المحور السياسي قائلا إن «تاريخ البحرين السياسي يثبت أن المعارضة جزء من التركيبة السياسية، ولعبت دورا أساسيا في التطور والإنجازات، مضيفاً أن ما هو مطلوب منها اليوم هو الانغماس في العملية السياسية الحقة والابتعاد عن إقصاء الآخرين».
وأردف أن «البحرين مستمرة في السير في طريق الديمقراطية، خاصة أن لدى الحكم إرادة قوية للسير في هذا الاتجاه، بدليل أن الملك حمد أصدر أمراً ملكياً في فبراير الماضي باستكمال الشق السياسي من حوار التوافق الوطني، و الذي ما زال مستمراً».