قدمت جماعة الولي الفقيه إلى البحرين في خمسينات وستينات القرن العشرين، وهي تحمل مشروعها السياسي. وما أن اندلعت الثورة الخمينية في فبراير 1979 ليبدأ التحرك فوراً لاستنساخ التجربة الإيرانية على أرخبيل البحرين، وكانت محاولة الانقلاب الأولى مطلع الثمانينات استجابة لدعوة الخميني لتصدير الثورة الإيرانية لدول الخليج العربية، تلك المحاولة فشلت فشلاً ذريعاً، لأنها كانت اختباراً بائساً لإرادة شعب البحرين.
بعد هذا الفشل صار العمل سرياً أحياناً وعلنياً أحياناً أخرى من أجل التغلغل في مؤسسات الدولة، حتى جاءت التسعينات وبدأت محاولة أخرى بالإرهاب الذي استمر لعدة سنوات دون جدوى وأثبتت الحقائق أن المطالبات السياسية لم تكن هي الهدف فالهدف أكبر من ذلك بكثير في ظل الارتباطات الخارجية المشبوهة، وانتهت المحاولة بالفشل أيضاً.
جاءت لاحقاً الرؤية الطموحة لجلالة الملك حفظه الله بتدشين المشروع الإصلاحي في العام 2001 وهي الرؤية التي توافق عليها شعب البحرين بما يشبه الإجماع التاريخي. وأكدت إرادة البحرينيين بمختلف مكوناتهم رغبتهم الأصيلة بالتطلع لمستقبل أفضل بإصلاح شامل نحو حياة أفضل يستحقها الجميع وفقاً لأسس المواطنة بالحقوق والواجبات التي كفلتها الملكية الدستورية البحرينية.
ولكن جماعة الولي الفقيه لم تتمكن من التعايش مع طموح المشروع الإصلاحي وإرادة شعب البحرين فقاطعت العملية السياسية، وخدعت مكوّناً أصيلاً من مكونات الشعب عندما سوّقت عليه فكرة المظلومية السياسية الكاذبة. وبعد هذا الفشل دخلت في العملية السياسية لتبرير رغبتها الكاذبة بالإصلاح والحقوق، ومع ذلك حرصت على تكوين مجتمع موازٍ بمؤسسات خارجة على القانون مثل ما يسمى بالمجلس العلمائي، ودفعت بمجموعة من ولاية الفقيه احترفوا الإرهاب والعنف السياسي وكشفتها الخلايا الإرهابية تباعاً وهي خلايا مرتبطة إما بإيران أو حزب الله الإرهابي، وجميعها فشلت في تحقيق أي مكاسب.
شهد الوطن العربي تحولات في 2011، فحاولت جماعة الولي الفقيه ركوب الموجة واستغلالها، فكشفت عن أجندتها الخبيثة وخدعت جماهيرها للمطالبة بإسقاط النظام الملكي الدستوري وإقامة النظام الجمهوري الإسلامي على غرار التجربة الإيرانية لتدخل الدولة في أعنف مرحلة شهدتها في تاريخها الحديث.
لم تكترث جماعة الولي الفقيه بخسارة جماهيرها وتعرضهم لتداعيات وخيمة، بل واصلت مساعيها لهدم الدولة بالإرهاب وإشاعة الكراهية والنعرات الطائفية.
ما نشهده اليوم من تصاعد الإرهاب والتفجيرات البائسة هي نتاج سياق محاولات جماعة ولاية الفقيه لهدم الدولة وزعزعة الأمن والاستقرار الوطني، فأسلوبهم الإرهابي مشابه لما يحدث في العراق من تفجير للمساجد بهدف إثارة الاقتتال الطائفي، وعلى الجميع استنكار ذلك، ومن لا يستنكر يجب محاسبته والقصاص والقانون مصير من يتورط فيه.
ماذا كسبت هذه الجماعة الإرهابية الراديكالية سوى الفشل والكراهية من الداخل والخارج؟
شعب البحرين بمختلف مكوناته وإرادته الوطنية الجامعة صار رافضاً لجماعة الولي الفقيه، وكذلك عمقنا الخليجي، ومحيطنا العربي، وحتى القوى الدولية التي استقوت بها هذه الجماعة تبرأت منها بعد أن انكشفت أجندتها الراديكالية الإرهابية.
فكر ولاية الفقيه الراديكالي وممارساته الإرهابية يمثل خطراً على الأمن الوطني البحريني والأمن الإقليمي الخليجي، والمصالح الدولية في المنطقة، وكما تكاتف الجميع لوأد الأفكار الإرهابية التي مرّت على المنطقة ينبغي التكاتف لإنهاء هذا الفكر الإرهابي دون رجعة، فما قدمته جماعة ولاية الفقيه مصيره الفشل والفشل آت.
يوسف البنخليل