أكد وزير التربية والتعليم د.ماجد النعيمي أن العام الدراسي المقبل 2014/2013 يشهد البدء في تنفيذ برنامج استراتيجية الثقافة العددية للمرحلة الابتدائية، والمتمثلة في القدرة والميل إلى استعمال الرياضيات لحل المشكلات في سياقات حياتية متنوعة، موضحاً أنها تنطوي على الثقة والكفاءة في استعمال المعرفة الرياضية وما يتصل بها من مهارات وفهم، ويمثل اكتسابها أمراً ضرورياً يدفع الطلبة نحو النجاح في المدرسة وإعدادهم لمواصلة دراستهم وتأهيلهم لعالم العمل.
وقال الوزير إن الثقافة العددية تعتبر عنصراً من عناصر الثقافة، ويمكن القول إن العلاقة بين الثقافة العامة والثقافة العددية هي علاقة باتجاهين، إذ أن ثقافة الفرد العامة لا تكتمل إذا كان هناك خلل في ثقافته العددية، وقدرته على التعامل مع الأعداد والكميات في حياته العملية، وبالعكس فإن الثقافة العددية لا يمكن أن تتطور عند الفرد، وبخاصة في المواقف العملية الحياتية إلا إذا توفرت عنده عناصر ثقافية متعددة من ضمنها اللغة والتواصل.
وأضاف الوزير في مجلسه الرمضاني أن جزءاً من تنفيذ هذه الاستراتيجية قد جاء بعد دراسة نتائج ومستويات الطلبة البحرينيين في الاختبارات الدولية للعلوم والرياضيات (TIMSS)، ووفقاً لمعايير الإنجاز التعليمية الدولية ومقارنة بأداء أقرانهم من الدول المشاركة، حيث أثبتت الحاجة ضرورة تطوير مهارات الطلبة على حل المسائل الرياضية من جانب، واستخدام الرياضيات بصورة فاعلة كمهارة حياتية على الجانب الآخر، لذلك من المهم جداً أن يكون الوقت المخصص لتعليم الرياضيات كافياً إذا أريد للطلبة أن يصبحوا مثقفين عددياً، وعليه ربطنا بين تحقيق هذا الطموح وبين جعل دروس مادة الرياضيات يومية ولمدة ساعة كاملة لجميع طلبة صفوف الحلقتين التعليميتين الأولى والثانية من المرحلة الابتدائية، بواقع 70 درس على الأقل في الفصل الدراسي الواحد.
وأعرب عن تطلع الوزارة لإعداد طلبة يتمتعون بثقافة عددية شاملة لا تكون مقصورة على أداء مجموعة من الإجراءات الحسابية فحسب، بل تتعدى ذلك لتعتمد على تعلم مجموعة من الحقائق والمفاهيم والمهارات الرياضية والقدرة على توظيفها بفهم في سياقات متعددة، موضحاً أن استراتيجية الثقافة العددية تهدف إلى رفع مستوى الأداء لجميع الطلبة في مادة الرياضيات عن طريق تحسين جودة التعليم والتعلم والتقويم وتخطيط المنهج، على أن يتحقق ذلك من خلال توفير الإطار العام ودليل إرشادي يوضح الرياضيات التي ينبغي أن تدرس في كل صف دراسي، بجانب التوجيه والتدريب لمديري المدارس والمعلمين ودعمهم في كيفية تعليم الرياضيات وتقويمها، بالإضافة لإشراك جميع المعنيين في النظام التعليمي بما يضمن وجود نهج متسق لتعليم وتعلم الرياضيات في مملكة البحرين، مشيراً وزير التربية والتعليم إلى أن الرياضيات هي أكثر من مجرد أعداد، تماماً كالقراءة التي هي أكثر من مجرد أحرف. والثقافة الرياضية تعني وضع الأعداد في سياق ذي معنى في الحياة اليومية. ويمكن توضيحها أيضاً بأن يقوم الطلاب بوضع الأعداد في صميم حياتهم، في قصصهم وأدبهم، وأن يقوموا بطرح الأسئلة، وتخطيط استراتيجيات لطرح الحلول، كل هذه أنواع لأنشطة يمكن أن تخلق بيئة داعمة ومنمية للثقافة الرياضية.
التوجيه والتدريب للمدراء والمعلمين
وفيما يتعلق بتوجيه وتدريب مديري المدارس والمعلمين أوضح الوزير بأنه تم خلال العام الدراسي الماضي 2013/2012 تنفيذ برامج تدريبية حول استراتيجية الثقافة العددية، شملت المدراء، والمدراء المساعدين، ومعلمي الحلقة التعليمية الأولى ومعلمي الرياضيات بالحلقة التعليمية الثانية. حيث اعتمدت البرامج على دليل تعليم الرياضيات الذي يعتبر المرجع الأساسي لجميع المعنيين بتعليم الرياضيات في البحرين، ويضم عدة كتيبات وضعت وفق أساليب روعي فيها تنويع استراتيجيات التعليم والتعلم وكذلك الأدوات التعليمية المساندة، مثل عصا العد والسبورات البيضاء الصغيرة وبطاقات الأعداد، بحيث تقدم مادة الرياضيات بصورة مبسطة ومشوقة يسهل على الطلبة التفاعل معها وفهمها، كما شملت البرامج التدريبية استعراض أفضل الممارسات الدولية في تدريس الرياضيات.
وأضاف الوزير: «نحن ننظر لدور المعلم الفعال في تدريس استراتيجية الثقافة العددية من منطلق كون الرياضيات مجموعة مترابطة من الأفكار وعمليات التفكير، وأن الأطفال يتعلمون بنشاط من خلال المناقشة والاستكشاف وتطوير طرائقهم الخاصة، لذلك فالتطلعات تنصب نحو تعزيز وتنويع استراتيجيات التعليم والتعلم داخل الفصل الدراسي من حيث الإعداد الجيد للدروس وتحديد أهدافها ثم تقديم أنشطة استهلالية تحفز الطلبة على المناقشة والتفكير وفق أطر تعتمد على الربط بين الأفكار الرياضية والبناء على ما يعرفه ويدركه الطلبة بما يحقق تطوير مهاراتهم الرياضية الذهنية. كما أوضح بأن استراتيجية الثقافة العددية وضعت بشكل يراعي التمايز بين الطلبة داخل الفصل الدراسي وفق التصنيف المرن لمستويات الطلبة الذي يضم المستوى المتوسط (غالبية الطلبة) والمستويين المنخفض والمرتفع، الأمر الذي يجعل المعلم عارفاً بمستوياتهم واحتياجاتهم التعليمية، وبالتالي يبني استراتيجية الحصة الدراسية على تقديم أمثلة وتدريبات تراعي التمايز بين الطلبة.
طلبة مثقفون عددياً
وقال الوزير إن التكوين التربوي والعلمي المتكامل للطلبة يتطلب أن يكونوا قادرين على استخدام الرياضيات ليس كمادة دراسية فحسب، بل كمهارة حياتية تتطلبها العديد من المواقف اليومية، سواء بحساب التكاليف أو المسافات أو الأزمنة، وبالتالي الأمر يتطلب إجراء عمليات حسابية ليس بالضرورة تعتمد على الوسائل الإلكترونية المساعدة بقدر حاجتها لمهارات ذهنية وحسابية يتمتع بها الطلبة ويكونون قادرين على توظيفها بالصورة المثلى وفي زمن مناسب.
وأضاف أن الوزارة حين اختارت مشاركة طلبة البحرين في الاختبارات الدولية للعلوم والرياضيات المعروفة بـ(TIMSS)، كان الهدف الأسمى هو تطوير مستويات طلبتنا استناداً لنتائج أدائهم لهذه الامتحانات، ومقارنة بتنافسهم العلمي الشريف مع زملائهم في الدول الأخرى المشاركة، لذلك جاءت التغذية الراجعة بالحاجة لمزيد من التطوير لمستويات الطلبة في الرياضيات، بحيث تكون المرحلة الابتدائية هي منطلقاً لذلك باعتبارها مرحلة تأسيسية في حياة الطلبة الدراسية، ففيها يبدؤون دراسة أساسيات مادة الرياضيات بكل إتقان ورغبة في تعلم المزيد، بحيث تصبح مادة دراسية بسيطة ومحببة بالنسبة لديهم.
شراكة أولياء الأمور
وذكر الوزير أنه انطلاقاً من حرص وزارة التربية والتعليم على مبدأ الشراكة بين جميع المعنيين في النظام التعليمي، خصوصاً أولياء الأمور باعتبارهم الشريك المكمل لجهود الوزارة في تنفيذ المشاريع التطويرية، تم تنفيذ لقاءات تعريفية وتدريبية لأولياء أمور الطلبة حول استراتيجية الثقافة العددية، حيث تعرفوا خلال تلك اللقاءات على برنامج استراتيجية الثقافة العددية، واطلعوا على الدليل الإرشادي للاستراتيجية بما يضمه من شرح للدروس وتدريبات عملية على حل المسائل الرياضية، كما خاضوا مواقف عملية حول استخدام الرياضيات كمهارة حياتية عند طلبة المرحلة الابتدائية.