كتب – أحمد الجناحي:
بعد أن كان الاحتفال بليلة القرقاعون يقتصر على الحلويات والمكسرات، وما يصاحبها من أغان ورقصات شعبية كالفريسة، تدخلت صيحات الموضة في النيل من هذا التراث العريق، بأفكار وابتكارات لا تمت بصلة للإرث القديم كما يؤكد من عاصروها سابقاً. موضة تسببت بعبء مالي جديد على أرباب الأسر.
يقول الحاج بوسلمان: أمر غريب! منذ متى كان القرقاعون يرسل إلى البيوت؟! كنا نتشوق لهذه الليلة ونستعد لها، ولا ننال نصيبنا من القرقاعون إلإ بعد أن نمر بالبيوت جماعات وننشد «سلم ولدهم يا الله، وخله لأمه يا الله، اييب المكده يا الله، ويحطها في جم امه، يا شفيع لأمه، قرقاعون عاده عليكم، آوه يالصيام ما بين قصير ورميضان، سلم ولدهم، يالله، خله لأمه يالله».
وأمر غريب آخر بالنسبة لبو سلمان هو الكلفة التي أصبح يشكلها القرقاعون، «الأمس غير اليوم، لقد أصبح القرقاعون مكلفاً؛ الرجل يدفع المال من أجل إعداد كميات كبيرة من الهدايا التي توزع على الأهل وترسل إلى بيوت الأصدقاء بالاسم».
ويدعو بوسلمان العوائل إلى التقيد بروح العادات والتقاليد البحرينية الأصيلة، وعدم الخروج عن إطار العفوية والبساطة، لأنها تفقد الفلكلورات الفنية ميزتها.
لكن لدى أم التوأمين أحمد وحمد رأي مختلف، فهي تعشقهما وترغب في أن لا يتفوق أحد عليهما، وتجهد في تقديم القرقاعون بشكل مميز في عام، «توأمي أغلى ما أملك، وأعد في كل سنة أكثر من قرقاعون لأوزعه على الأهل والأصدقاء، وأتنافس بفكرة جديدة مع أصدقائي»، غير أن زوجها يؤكد أنه من يدفع الثمن دائماً، «جيبي هو المحترق دائماً، بدءاً بـ «الماجلة»، مروراً بالقرقاعون، وانتهاءً بعيد الفطر، مصاريف لا نهاية لها».
المشكلة بالنسبة لأبو أحمد أن مصاريف القرقاعون لا تقتصر على الهدايا فحسب، «بل تشمل ملابس الأطفال والأم التي تخيط جلابية خاصة بالمناسبة، وكذلك مصاريف تزيين المنزل، وشراء أكياس القرقاعون، وفي هذه السنة اشترطت زوجتي شراء كيكة للقرقاعون»!.
أما أبو محمد فأراح نفسه «من هذا العذاب» وتخلى عن قرقاعون أبنائه، بحجة أنه غارق بالديون حتى شحمة أذنيه، ولم تجد زوجتة بديلاً عن التسليم بقراره، «رفض زوجي سلطان تحضير قرقاعون الأطفال هذه السنة بسبب تزايد المصاريف، اختلفت معه ثم سلمت له عندما أراني رصيد الراتب».
ومع ذلك ووسط تطلع أبنائها، لجأت أم محمد للاقتراض من شقيقها الأكبر، «سأقتصر على هدية واحدة لأطفالي سأوزعها على الأهل والأصدقاء المقربين».