دعا حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى، إلى البعد عن كل تطرف ومغالاة، والمطالبة بالإصلاح والتطوير عبر القنوات الدستورية المشروعة، وعن طريق الحوار الذي دعونا له وباركناه، وقال جلالته إن:» أبواب التعبير عن الرأي مفتوحة للجميع بالطرق القانونية».
وطالب جلالته خلال مأدبة إفطار، أقامها جلالته أمس في قصر الروضة، بحضور صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد نائب القائد الأعلى النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء، جميع أبناء الشعب في هذا الشهر الكريم، من أصحاب الرأي، والعلماء والمثقفين، والصحافيين والكتاب، والإعلاميين والسياسيين، وخطباء المنابر، إلى ضرورة اعتماد خطاب وسطي توحيدي معتدل، والتركيز على فضائل التسامح، وقيم الإخاء، وغرس مفاهيم المحبة، والتراحم في النفوس، وتعميق اللحمة الوطنية، مطالباً جلالته أبناء البحرين، بالمحافظة على أمن الوطن واستقراره، واتباع نهج الحوار الحضاري، والانفتاح الثقافي، ورفض كل ما من شأنه إحداث الفرقة والخصام بين أبناء الوطن الواحد.
وأضاف جلالته»لا شك؛ فإن هذه الدعوة ستعمق روح الأسرة الواحدة، وستعزز مسيرتنا الإصلاحية، ومكتسباتنا الوطنية التي حققناها وأنجزناها معاً خلال العقد المنصرم».
وأعرب جلالة الملك المفدى، عن تهنئته القلبية والصادقة بهذه الأيام المباركة، في هذا الشهر الكريم، وما يحمله من بشائر الرحمة والمغفرة وجزيل الثواب، سائلاً جلالته المولى، أن يعيده على الجميع بالأمن والأمان والسلامة والإسلام والتوفيق لما يحب ويرضى. وأعاننا جميعاً على صيامه وقيامه، وعمل الخير فيه».
وأضاف جلالته» كما يسرني أن أتقدم بالشكر والتقدير لرئيس جامعة القرويين الأستاذ الدكتور محمد الروكي، على محاضرته القيمة التي تحدث فيها عن، «الوسطية حصانة ضد الطائفية»، فجزاه الله تعالى خيراً على ما يبذله مع إخوانه العلماء والدعاة والمصلحين من نصح وإرشاد وتوجيه للمسلمين. كما ونشكر الدكتور عبدالرحمن عبدالوافي على قصيدته وما تحمله من مشاعر تجاهنا وتجاه بلدنا العزيز.
وقال جلالة الملك المفدى، إن:» الله تعالى دعانا إلى الوحدة والاعتصام بحبله، فقال:» واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا»، وحذرنا سبحانه عن الفرقة واختلاف القلوب فقال: «ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات».
وأضاف جلالته «نحن نعيش نفحات وبركات هذا الشهر الكريم، ينبغي علينا جميعاً أن نحرص في هذا الوطن العزيز على وحدة الكلمة، ورص الصفوف، والتكاتف والتآخي والمحبة والانسجام، والمحافظة على الأصول الدينية والثوابت الوطنية، والتلاحم الصادق بين أبناء شعبنا الوفي على اختلاف مذاهبهم وتوجهاتهم».
وابتهل جلالته إلى الله تعالى، أن يتقبل منا ومنكم، الصيام والقيام، وصالح الأعمال، في هذا الشهر الكريم، وأن يوفقنا وإياكم، لخدمة ديننا ووطننا، وأن يؤلف بين قلوبنا، وأن يحفظ مملكتنا، ويديم علينا نعمة الأمن والأمان والسلام، إنه سميع مجيب الدعاء.
حضر المأدبة أصحاب السمو وكبار أفراد العائلة المالكة الكريمة، ورئيسا مجلسي النواب والشورى وأصحاب الفضيلة العلماء ورجال الدين والمشايخ والوزراء ونواب رئيسي مجلسي النواب والشورى وأعضاء المجلس الأعلى للقضاء والمحافظون وممثلو الجمعيات المشاركة في حوار التوافق الوطني.
وبدأ الحفل بتلاوة آيات من الذكر الحكيم، ثم ألقى عضو المجلس العلمي الأعلى رئيس جامعة القرويين بالمملكة المغربية الشقيقة الأستاذ د.محمد الروكي كلمة فيما يلي نصها: «الوسطية مصانة ضد الطائفية.
صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك مملكة البحرين حفظك الله ورعاك وسدد خطاك، وأيدك بنصره وتوفيقه في مسعاك وممشاك.
إنها لسنة حميدة ومنقبة مجيدة، هذه الدروس العلمية، والمجالس الرمضانية الربانية، التي تشرف عليها جلالتكم، وتنفعون بها الناس في مشارق الأرض ومغاربها. وتسهمون بها في تنوير الفكر، وترشيد العقل، وبناء القيم، وإنهاض الهمم، والدفع بها إلى التي هي أقوم.
وإنني أتشرف اليوم بأن القي بين حضرة جلالتكم درساً موضوعه «الوسطية مصانة ضد الطائفية» وهو موضوع يتناسق مع واقع الأمة العربية الإسلامية اليوم، وما تعيشه من تشويشات بسبب ما يتسرب إلى بعض أبنائها من أفكار الغلو، وثقافة التطرف، التي غالباً ما يمليها الإيغال في مستنقع الطائفية، والبعد عن الوسط العدل الذي جاءت به شريعة الإسلام. إن الوسطية خصيصة من خصائص الأمة الإسلامية المحمدية، فقد بعث فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم ووجدها غاية في التمزق والتصدع، قد أكلتها الطائفية، وأفنتها القبلية، فبناها من جديد بناءً محكماً قوياً، بناها بدين الله عز وجل وكتابه المحكم، الموحد الجامع، وشريعته الغراء التي قوامها الوسطية والاعتدال، والشمولية والاكتمال كما هو مقرر في القرآن الكريم، ومفصل في السنة النبوية الشريفة. والطائفية تعني فيما تعنيه الانغلاق على الرأي وعدم الانفتاح على الآخر، والتقوقع على الذات، وعدم مراعاة الغير، وهي بذلك آفة عظمى، وفتنة كبرى، لأن الآراء والمعتقدات لا تعرف قيمتها، ولا يدرك صوابها، أو خطؤها، ومصلحتها أو مفسدتها، ومنفعتها أو مضرتها، إلا بعرضها على الغير للتقويم والتمحيص، فإذا بقي صاحب الرأي حبيس رأيه، منغلقاً عليه، حيل بينه وبين أن يعرف هل هو مصيب أو مخطئ، مصلح أو مفسد، نافع أو مضر، ولفظ الطائفية مصدر اصطناعي مأخوذ من الطائفة، وهي الجماعة من الناس، وغيرهم قلت أو كثرت، وقد تطلق على الواحد. ثم استعملت للدلالة على معتقدات طائفة معينة وأفكارها وآرائها التي لا تقبل غيرها، فهي منغلقة عليها، ترى أنها الحق، وأن ما سواها باطل، لا تحاور ولا تحاور، ولا تأخذ ولا تعطي، فهي لا تنظر إلا إلى ما عندها، ولا تقف من الأمور إلا على أطرافها، فتغيب عنها أطرافها الأخرى وأوساطها، ويفوتها بذلك خير كثير، وبذلك فهي عكس الوسطية التي تعني الاعتدال والتوازن وأخذ الأمور من أوساطها، كما تعني أيضاً البعد عن الغلو والشطط وأخذ الأمور من حواشيها وأطرافها. الوسطية هي التوسط في كل شيء بين الإفراط و التفريط، فهي توسط بين الماديات والروحيات، وبين الواقعية والمثالية، وبين الفردانية والجماعية، وبين الدينيات والدنيويات، وبين الذاتيات والموضوعيات، وبين المشخصات والمجردات. وهكذا فهي توسط بين كل طرفين متناقضين أو متضادين أو متقابلين نوعاً من التقابل.
ومن تتبع الطائفية وتاريخها ومفاسدها ومضارها وفتنها في الأمم والمجتمعات وتتبع الوسطية ومصالحها وأثرها في البناء الراشد وتصحيح مسار الحياة، والدفع بالناس إلى التي هي أرشد وأقوم، وأسد، وأحكم، من تتبع ذلك، وجد أن الطائفية داء، وأن الوسطية دواء وشفاء، ولذلك لم تكن الأمة الإسلامية عزيزة قوية متماسكة إلا حينما انتشر فيها الفكر الوسطي وصرف فيها طرقه ومسالكه، ولم تستطع أن تبني حضارتها الراشدة الرائدة، إلا حينما كانت ثقافة الوسطية فيها سائدة.
الوسطية حصانة من الطائفية، وجنة واقية من ضرباتها الفتاكة، وحماية من فتنها المهلكة، وقديماً قال الشاعر وهو يتغنى بالوسطية الحامية الواقية وأن الجماعة والقبيلة تقوى بها وتتماسك وتصمد أمام الحوادث الصادمة، وأن الطائفية تضعف أمام ذلك ولا تقدر على الثبات والمواجهة. لأن موقع الطرفية أدعى إلى السقوط وأن موقع الوسطية محمي من ذلك، قال في هذا المعنى: كانت هي الوسط المحمي فاكتنفت بها الحوادث حتى أصبحت طرفاً فالأخذ بالوسط يحمي من آفة التطرف، إذ الواقع في الوسط يرى موقعه وموقع الطرفين ،أما الواقع في أحد الطرفين فلا يرى إلا موقعه و لا يرى موقع الطرف الآخر ولا الوسط.
وإنما كانت الوسطية حصانة وحماية من الطائفية لما تمتلكه من أسباب هذه الحماية والحصانة ومقوماتها التي ليس لعاقل أن ينازع فيها، ومنها:
أولاً: أن الوسطية هي الوضع الطبيعي لهذه الأمة وأنها خصيصتها التي اختارها الله لها» وربك يخلق ما يشاء ويختار»، فقد أخبر الله عز وجل عن هذه الأمة أنها أمة وسط، فقال سبحانه وتعالى في معرض الحديث عن القبلة ودروسها البالغة- «وكذلك جعلناكم أمة وسطاً لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا»، هذا هو اختيار الله لهذه الأمة به جرت مشيئته، وتمت إرادته، واقتضت حكمته، أن تكون هذه الأمة أمة وسطاً. فالأمة الإسلامية المحمدية - إذاً – هي أمة الوسطية ولم يعل شأنها إلا بالوسطية، ولم يرتفع قدرها إلا بالوسطية والوسطية مصدر اصطناعي مأخوذ من الوسط، وهو اللفظ الذي ورد في الآية السابقة «أمة وسطاً»، ووسط الشيء في عالم المحسوسات هو مركزه وقطبه، ثم استعير لكل خصلة محمودة لتوسطها بين الإفراط والتفريط لأن كل شيء له طرفان وواسطة، كالجود هو وسط بين الإسراف والبخل، والشجاعة هي وسط بين التهور والجبن، وهكذا. وفسر الوسط في الآية الكريمة بالخيار والعدل، «و كذلك جعلناكم أمة وسطاً»، أي خيارًا عدولًا: أما تفسيره بالخيار فاستدل عليه بقوله تعالى:» كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله»، ويؤكده الأثر المشهور، خير الأمور أوسطها.
وأما تفسيره بالعدل فاستدل عليه بحديث أبي سعيد الخدري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في قوله تعالى:»وكذلك جعلناكم أمة وسطاً» أي: عدلاً. أخرجه الترمذي وقال حديث حسن صحيح. وتشهد له اللغة أيضاً، قال زهير: هم وسط يرضى الأنام بحكمهم، إذا نزلت إحدى الليالي والجمع بين المعنيين أولى وأوجه لأنهما متلازمان ويجمع معاً فسر قوله تعالى:» قال أوسطهم أي خيرهم أعدلهم.
ثانياً : الاستيعاب والجامعية فالإسلام بوسطيته العقدية والعبادية والتشريعية والخلقية يمتلك القدرة على استيعاب الآخرين أشخاصاً وأفكاراً ومذاهب ومناهج ما دامت لا تدعو إلى المفاسد وهدم الثوابت وهو بأحكامه ومقاصده ومكارمه جامع واسع تتعايش في رحابه مختلف الأنساق والمنظومات الفكرية المتعقلة، وتتلاقى في ظلاله الوارفة وجهات النظر وأنماط المعارف البشرية السليمة نحو ملتقى الحضارات ومجمع الثقافات. ومن دلائل هذه الجامعية وهذا الاستيعاب والسعي:
1 - قوله تعالى : «لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطـــــوا إليهــــم إن اللّــه يحـــب المقسطين». «إنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم في الدين وأخرجوكم من دياركم وظاهروا على إخراجكم أن تولوهم ومن يتولهم فأولئك هم الظالمون».
2 - قولــه تعالــى: ولا تجادلــوا أهــل الكتاب إلا بالتي هي أحسن إلا الذين ظلموا منهم وقولوا آمنا بالذي أنزل إلينا وأنزل إليكم وإل?هنا وإل?هكم واحدٌ ونحن له مسلمون « العنكبوت 46.
3 - قولـــه تعالــى: «إن هـذه أمتكم أمةً واحدةً وأنا ربكم فاعبدون» «الأنبياء: 92».
4 - قوله تعالى «وما أرسلناك إلا رحمةً للعالمين» «الأنبياء:107» فهذه الآيــــات ونظائرها تدل على أن الإسلام بوسطيته واعتداله يسع جميع المذاهب والاتجاهات ويدعو إلى الحوار معهما بالتي هي أحسن والتعايش معهما بالتي هي أعدل ما لم تسع إلى الظلم والعدوان هذا مع غير المسلمين فكيف مع المسلمين مهما اختلفوا.
5 - ومن أدلة ذلك أيضاً الوثيقة النبوية التي وضعها النبي صلى الله عليه وسلم دستور الضبط لعلاقة المسلمين فيما بينهم وحفظ حقوقهم وضبط علاقتهم بغيرهم وحفظ حقوقهم وهي وثيقة تدل على سعة وعمق تعايش النبي مع جميع الفرق والطوائف التي كانت في زمانه وبلده القريب والبعيد.
6 - التعامل مع أهل الذمة فقد وردت في ذلك نصوص شرعية ومدونات فقهية تدل على جامعية التشريع الإسلامي واستيعابه لكل الأجناس البشرية وقابليته للتعايش معهم وبسط رحمته عليهم وضمان كافة الحقوق لهم إذا دخلوا في عهده وفي ذمته وعاشوا في كنف حكمه وظل سلطته محترمين مالهم ملتزمين بما عليهم.
7 - التعامل والتعايش مع جميع أنواع الاختلاف أياً كانت جهاته وأطرافه مادام محمياً بضوابطه العامة وآدابه المتفق عليها بين العقلاء والراشدين.
هذه جملة من أدلة جامعية الإسلام وسعته واستيعابه وهي مظهر كبير من مظاهر وسطيته.
ثالثاً ورابعاً: الكمال والاستمرار وهما مقومان متلازمان في الوسطية فالأخذ بهما أخذ من كل طرف بنصيب فهو آخذ بكمال الأمر وتمامه وما كان كاملاً تاماً فهو قادر على الاستمرار والبقاء لأن الحاجز عن ذلك إنما هو الموصوف بالنقصان. وقد أخبر الله تعالى عن دينه الذي هو دين الوسطية بقوله عز وجل « اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا»، وإذا نظرت إلى ملايين الفقهاء من الاختلاف في الاستنباط والاجتهاد وجدت أن الأقوال الفقهية التي جاءت معتدلة متوسطة بين قولين متقابلين هي التي كتب لها القبول والاستمرار فكذلك عامة المسائل العلمية وكافة الأفكار والآراء والمعتقدات إنما يصمد منها الأوسط الأعدل ويخلد منها الأمثل الأكمل.
هذه إذا جملة من المقومات والأسباب الموضوعية التي تجعل وسطية الإسلام حصناً حصيناً من فتنة الطائفية ودرعاً واقياً من ضرباتها، ولقد استمد أسلافنا الصالحون هذه الوسطية من كتاب الله عز وجل وسنة نبيه ومن علومهما وأقبلوا عليها بالدرس والتحصيل واغترفوا من معانيها واقتبسوا من أنوارها المعارف والعلوم التي نضج بها فكرهم واستقام بها حالهم وانتظم عقدهم واجتمع شملهم وصلح أمرهم ولا يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها».
صاحب الجلالة: إن موضوع الوسطية ذو فنون، وحديث الطائفية ذو شجون فاكتفي بهذه القدر متضرعا إلى الله تعالى سائلاً داعياً فأقول:
يا باسط الأرض دحاها من أمد، ومرسي الجبال فيها كالوتد يا رافع السماء من غير عمد، وفي ثناياها العلى رزف الرعد
يا منشئ السحاب فوقنا بيد، هي أجل وأعز وأشد
يا واهب الحياة فينا وأعد ، مسخراته لنا بلا عدد
يا واهب الحكمة والعقل الأسد ، يا مرسل الرسل إلينا بالرشد
يا باعث الأمل فينا يستمد، من ذكره وآيه وما وعد
مغير الأحوال تنحل العقد، به وبيد وفرج بعد النكد
وحد صفوف المسلمين للأبد واجعل لهم من أمرهم كل رشد
وألف اللهم بين ما انفرد، واجمع به الشمل الذي قد انعقد
واربط على القلوب كلها بيد ، من رحمة علوية منك تمد
وانصر بنصرك الذي ليس بجد، أمتنا واجعل لها منك السند
فهي خيار وسط عدل شهد، بذاك وحيك الذي فيما ورد
أعزها بدينك الذي اتحد، عليه من سلف من أب وجد
فدينك الحنيف أسمى وأسد، فيه السلام الأمان والمدد
به اجتمعنا من طرائق قدد، وانتظم العقد ومن قبل انفرد
شرعته قد وحدت كل عدد، واستوعبت كل جديد واجد
قوامها اليسر وكل ما حمد، لا حرج فيها ولا حكم أشد
لا ضرر ولا ضرار ينتقد، وليس في أحكامها ما قد فسد
فكلها مصلحة لمن قصد وفي يديها مغنم لمن وجد
أقم لنا يا ربنا منها الأود، واقسم لنا منها بأوفر المدد
واجعل بلاد المسلمين يا أحد، خير البلاد في الأنام يا صمد
واجعل من البحرين زينة البلد، منارة يرنو بها كل أحد
ويبصر الحق ومكمن الرشد، فينتحي إلى التي هي أسد
فبلدة البحرين نعمت البلد، ونعم والد بها وما ولد
وشعبها الأبي ضرغام أسد، يحمي بها البيضة والدين الأسد
يا رب فاجعله عزيزاً للابد، في يومه وغده وبعد غد
واجعله في الوسط آخذا بيد، وبشعاع المصطفى قد اتقد
واجعل على سمائه لمن فقد، نجماً شهاباً ثاقباً له رصد
واحفظه من شر البلايا والنكد، وشر كل حاقد وما حقد
واحفظ بلاده ونعمة البلد، مملكة البحرين زهرة البلد
واحفظ مليكها الهمام المعتمد، المبتني رقيها الشيخ حمد
فهو الذي على لوائه انعقد سوادها ولولائه انتفد
وهو الذي يقودها لخير غد، وهو يقيها من عدوها الألد
فاحفظه يارب بحفظك الأمد، من شر كل حاسد إذا حسد
واجمع على يديه ما قد انفرد، وسر به الى التي هي أسد
وانظم به مفترق العقد البدد، وارأب به الصدع وقوة السند
وانصر به الدين بنصرك فقد جاهد في نشر الإخاء واجتهد
وثبت السلام في هذا البلد، وغرس الخير بكل ما وجد
فالحمد لله على ما قد أمد، من نعمة القرار والعيش الرغد
والحمد لله بعد من عبد، وعد كل ساجد وما سجد
حمداً كثيراً ليس يحصيه عدد، كما يحب ربنا الله الأحد
والختم من مليكنا الشيخ حمد حفظه الله وزاده المدد
ثم ألقى الدكتور عبدالرحمن الوافي قصيدة
ثم أدى حضرة صاحب الجلالة العاهل المفدى، والحضور صلاة المغرب جماعة.
جدير بالذكر، أن تلفزيون البحرين، سيذيع برنامجاً خاصاً عن هذا الاحتفال بعد نشرة الساعة الثالثة اليوم الخميس.