في خضم الجدل الدائر حول حيازة الأسلحة في الولايات المتحدة، يطرح فيلم «بلو كابريس» -أول فيلم طويل لمخرج فرنسي مقيم في نيويورك- أسئلة عن أسباب نشوء العنف، مستوحياً أحداث جرائم قتل هزت أمريكا أكتوبر 2002.
وبعد الكشف عنه في مهرجان ساندانس للأفلام المستقلة، افتتح فيلم الكسندر مورس مهرجان «نيودايركترز نيو فيلمز» في نيويورك الذي يختتم أعماله اليوم. ويستوحي الفيلم قصة جون آلن محمد والشاب لي مالفو الذي «تتلمذ» على يده حين كان عمره 17 عاماً، وخلال ثلاثة أسابيع قتل الشابان عشوائياً 10 أشخاص في واشنطن من خلال السير على متن سيارة من نوع «شفروليه كابريس» زرقاء اللون، ما أثار الهلع في نفوس سكان البلاد برمتها. وبعد 10 سنوات، أثارت جريمة مروعة أخرى الصدمة في الولايات المتحدة وهي المجزرة التي شهدتها مدرسة نيوتاون وراح ضحيتها 26 شخصاً بينهم 20 طفلاً.ويتردد صدى الفيلم في البلاد في خضم الجدل حول حيازة الأسلحة في الولايات المتحدة، حتى مع تأكيد المخرج أنه لا يسعى إلى تسييس فيلمه.
وأوضح مورس بعد عرض فيلمه في نيويورك «أنه فيلم شديد السواد، خلاصة متشائمة عن مسار العالم اليوم بنظري». وأضاف المخرج البالغ 40 عاماً «وضع العنف في الولايات المتحدة يثير اضطرابي بطبيعة الحال لكن قناعتي عن أن الأسلحة ليست سوى الجزء المرئي من جبل الجليد»، مؤكداً أنه يخرج أفلاماً من منطلق «أناني شخصي».وأكثر من تمحوره حول جرائم القتل والمحاكمات التي تلتها وتابعتها وسائل الإعلام بشكل كبير، اهتم ألكسندر مورس بإظهار الدينامية القاتلة بين البطلين وخاصة بالصورة الأبوية المدمرة التي مثلها جون آلن محمد بالنسبة للشاب مالفو.
ولم يكن مورس في الولايات المتحدة عند حصول هذه الجرائم، رغم أنه سمع بها عبر الإعلام، إلا أن قصة الإعداد لهذا الفيلم بدأت عندما قرأ مقالاً صحافياً قبل عامين عن «مطلقي النار على متن السيارة»، فعندها قرر تخيل حياة الرجلين قبل تحولهما إلى «سفاحين».
وفي بادئ الأمر كان التوجه لإنجاز الفيلم بميزانية صغيرة لا تتجاوز 100 ألف دولار ممولة من المخرج ومدير التصوير، لكن «رويداً رويداً ظهر العدد الصغير من المستثمرين في الفيلم دون أن نطلب منهم شيئاً»، بفضل قوة الجذب التي يملكها «فيلم رائج»، حسب تصريحات مورس لفرانس برس. وعندما انضم الممثل أيزايا واشنطن المعروف لتأديته دور الدكتور بورك في سلسلة «غريز أناتومي»، إلى أسرة الفيلم، بدأ الموضوع «يكبر ككرة ثلج»، وفي النهاية، وصلت الميزانية المرصودة للفيلم إلى مليون دولار.وأضاف مورس «أنه الجانب الرومنسي بعض الشيء للسينما المستقلة في الولايات المتحدة، حيث هناك كثير من الناس لديهم المال، يحبون السينما ويستثمرون في الأفلام»، مقارنة مع نظام التمويل الفرنسي «المتمحور جداً حول قنوات التلفزيون والمركز الوطني للسينما».وبعد طفولة قضاها في غرب باريس وممارسته هواية تنفيذ رسوم جدارية، انتقل ألكسندر مورس للعيش في نيويورك قبل 15 عاماً، وقال «الأفلام البوليسية، الأفلام السوداء، هذا هو نوع السينما والأدب الذي يستهويني، وبالتالي كان محتماً مجيئي إلى الولايات المتحدة».
وبدأ العمل السينمائي من خلال أفلام قصيرة ثم انتقل إلى إخراج كليبات مصورة لمغني «ار اند بي» مثل جنيفر لوبيز أو بيونسيه، ومغني هيب هوب مثل «كايني ويست».
وأضاف «في الولايات المتحدة، بين ليلة وضحاها، إذا كان أحدهم يحب ما تقوم به يعطيك فرصة (...) في فرنسا، تحقيق خرق في المجال أمر أصعب بكثير».
ومن المتوقع البدء بعرض «بلو كابريس» في الولايات المتحدة خلال الخريف.