كتبت - عايدة البلوشي:
لاتزال بعض الموروثات والعادات الرمضانية البحرينية تنتعش في شهر رمضان الفضيل، وقد اندثرت بعضها نتيجة تطور الحياة المدنية والاجتماعية المعاصرة. ومن أبرز العادات البحرينية في هذا الشهر الفضيل هي تلك العادة الاجتماعية (تبادل الأطباق) التي تحمل المأكولات الشعبية المختلفة مثل الهريس والثريد. وفي الغالب يقوم الأطفال بتوجيه من أهاليهم بمهمة حمل وتوزيع هذه الأطباق قبيل أذان المغرب إلى الجيران والأقارب الذين يستقبلون هذه الأطباق.
وهذه العادات الشعبية تعزز في باطنها روح التضامن الاجتماعي بين كافة أفراد المجتمع، وتشير «أم أحمد » إلى أنها تحرص على هذه العادة سنوياً منذ أول أيام الشهر الفضيل طلباً للأجر والثواب، وإزكاء صفة التراحم التي حث عليها ديننا الحنيف في ظل أجواء رمضانية. مؤكدة أنها لا تستطيع الاستغناء عن هذه العادات الشعبية التي تتوارثها من جيل إلى جيل، مضيفة: إن عادة تبادل الأطباق والمأكولات الشعبية بين الأهل والجيران متداولة منذ القدم، حيث كانت النساء في الماضي يتبادلن الأطباق الشعبية كالبلاليط وخبز الرقاق والخبيص واللقيمات وغيرها من المأكولات من باب المشاركة المعنوية والاجتماعية.
وترى الستينية أم محمد أن تلك العادات الموروثة منذ أيام الزمن الجميل -على حد تعبيرها- لم تقتصر على شهر رمضان فقط، بل كانت طوال العام، لافتة إلى أن الوقت الحالي ومع انشغال الناس بدأت هذه العادة تتراجع في بعض المناطق، واقتصرت في شهر رمضان.
وتقول موزة سالم، نبادل أطباق الفطور رغبة في الأجر من الله تبارك وتعالى، إذ يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم (من فطر صائماً كان له مثل أجره غير أنه لا ينقص من أجر الصائم شيئاً)، مؤكدة أن هذه الأطباق لا تحمل طعاماً فقط، إنما تحمل معها أطيب معاني الكرم والوفاء والحب والصفاء لأقربنا جيراناً.
من ناحيتها، تشير فاطمة محمد، إلى أن الكرم صفة أساسية في المجتمع البحريني، وعملية تبادل أطباق الطعام، من العادات الرمضانية الجميلة التي تصنع السعادة وتخلق أجواء الرحمة والحب بين الجيران، خاصة وأن نمط الحياة العصرية قد يلهي الكثيرين عن التواصل مع جيرانهم بأي شكل من الأشكال، غير أن إحياء هذه العادة الجميلة خلال شهر الصوم، يعمل على توطيد الحب والتآلف بين الجيران.
وتبين ندى أحمد أن قبول ألوان الأطعمة المقدمة من الجيران من خلال هذه الصحون، لا يعبر عن احتياج مادي من طرف تجاه آخر، بل تكون تعبيراً عن الحب والتقدير تجاه بعضهم البعض، كون هذه الأطباق جميعها ليست مكلفة تقريباً، وإنما الغرض منها تحقيق التراحم بين الجيران بعضهم البعض.
وتشاركها مريم جمعة وتقول: تبادل الأطباق سمة من سمات المجتمع البحريني طوال العام، ولا سيما في شهر الخير، إذ اعتاد أهل المحرق بتبادل الأطباق بين الجيران منذ سنوات بعيدة، ومازالت هذه العادة الأصيلة موجودة في المحرق، فعندما أذهب إلى بيت والدي في المحرق بشهر رمضان أرى هذه الصورة الجميلة -قبل أذان المغرب يقوم الأولاد بتوصيل الأطباق إلى الجيران- إلا أن في بعض المناطق تراجعت هذه العادة وبعضها ربما اختفت، ففي منطقة مدينة عيسى على سبيل المثال -بيتي- موجودة هذه العادة ولكن بشكل قليل.
وتعلق إيمان البلوشي: مازالت المحرق تحرص على هذه العادة الجميلة والمتمثلة في تبادل الأطباق بين الأهل والجيران، حيث يتبادل الجيران الأكلات الشعبية المختلفة من (الهريس والثريد والسمبوسة والأرز..إلخ)، ولا أعتقد بأنها ستختفي مع مرور الزمن، لأن أهل المحرق حريصون كل الحرص على إحياء العادات القديمة الجميلة التي تبث روح المحبة والألفة.