قال وزير الإعلام الكويتي الأسبق د.سعد العجمي إن المنطقة تشهد خطراً إيرانياً يلعب بالورقة الطائفية من أجل مصالحها، فهل إيران أكثر حرصاً على المذهب الشيعي وعلى الشيعية من العرب، حيث إن أصل التشيع عربي، ومثال آخر وهو الموقف الإيراني من الخلاف الأرمني – الأذري، حيث وقفت بكامل قوتها بجانب أرمينيا المسيحية ضد أذربيجان الشيعية، وبالتالي فالموضوع ليس مرتبطاً بالشيعة أو التشيع بقدر ما هو مرتبط بمصالح وأجندات خاصة بها.
ورفض د.سعد العجمي، خلال محاضرة ألقاها في منتدى الإرادة الذي نظمته جمعية الإرادة والتغيير الوطنية، الموافقة على أن موجات ما يسمى بـ»الربيع العربي « ستصل إلى دول الخليج العربية، لأنها دول محصنة بشرعية تاريخية لا يمكن أن ينازع في ذلك أحد، مؤكداً أن ما يطلق من دعوة لإسقاط الأنظمة الخليجية معناه الوحيد الفوضى العارمة.
وأضاف «ما الذي يمكن أن نعمله لسحب البساط من تحت أرجل الحالة الطائفية؛ حيث نرى في العراق حالة طائفية، وفي سوريا حالة طائفية تتأجج، وهناك خطاب ديني سياسي إقصائي، فإن كنت مخالف للإخوان فأنت علماني كافر ويساري، وإن كنت شيعياً فأنت خارج الطائفة - وإن كنت درزياً فأنت خارج الإسلام، وإن كنت مسيحياً فيجب إن تدفع جزية».
وتساءل العجمي «كيف نقطع هذا الخطاب؟»، مشيراً إلى أن الحل الأنجع لذلك هو تعزيز وحدتنا الداخلية في دول مجلس التعاون، وتعزيز المواطنة، ليكون مواطناً أولاً، بحريني مواطن أو كويتي مواطن أو سعودي مواطن والقانون يطبق على الجميع، وهذا بالتأكيد ما يساهم في قطع الطريق على محاولة دغدغت العواطف بالخطاب الطائفي.
ودعا د.سعد العجمي إلى تعزيز المشاركة السياسية الديمقراطية وحقوق الإنسان، واعترف أن الأنظمة الخليجية ليست ديمقراطية، لكنها في المقابل ليست أنظمة بطش، والمسائل نسبية، صحيح أن أنظمتنا ليست مثل أنظمة البطش العربي المحيطة، لكن في نفس الوقت يجب تعزيز المشاركة الشعبية.
وقال إن هناك مسألة مهمة وهي أن تقوم دولنا بمحاربة الفساد، فهناك دول خليجية ترتيبها مخجل في قائمة الشفافية العالمية، فأوضاعنا ليست مثالية، ويجب محاربة الفساد وتعزيز المواطنة لتعزيز الاستقرار، وأكرر أنه يجب علينا العمل لتحقيق الفيدرالية الخليجية وعلى المبادئ لحماية هذه الدول.
وأضاف «أختم بالسؤال الذي بدأت به؛ هل هناك خطر على أنظمة الخليج بعد الربيع العربي؟ أقول وبشكل واضح؛ لا يوجد أي خطر، فالأنظمة في الخليج لاتزال محمية لعاملين أساسيين؛ أولاً الشرعية التاريخية، وهنا لابد من ضرب بعض الأمثلة لتوضيح الفكرة؛ فالمصريون قد يحنون إلى حكومات أيام الملك، وربما الليبيون يحنون لأيام السنوسي، أو العراقيون يحنون لأيام الملك، وربما في اليمن يرون أن الإمامة أفضل من الجمهوريات. أما في الخليج، فلا يمكن أن يقول أي شخص أن الوضع في البحرين كان أفصل قبل آل خليفة، أو ربما يقولون؛ كانت الكويت أكثر ديمقراطية قبل آل صباح، وكذلك في السعودية لا يمكن أن يقول أي شخص أن المملكة كانت أكثر استقراراً قبل آل سعود، كذلك لا يمكن القول أن الإمارات كانت أكثر وحدة وازدهار قبل آل نهيان. هذا ما أسميه الشرعية التاريخية. فالدول الخليجية نشأت وازدهرت واستقرت بارتباطها بحكامها. فلا يمكن لأحد أن يقول أن الحكام جاوؤا بانقلاب عسكري ونريد إعادة السلطة إلى الشعب.
وقال العجمي إنه لابد من التركيز على نقطة مهمة، وهي أن الشرعية التاريخية يجب أن تكون حافزاً للتقدم والإصلاح وليست عذراً للجمود، فلو رفع أحدهم شعار «يسقط النظام» في أي دولة خليجية، فمن أنت لتكون بديلاً لآل صباح أو آل خليفة أو آل سعود، حقيقة لا يوجد شخص ذكي أصلاً يمكن أن يرفع هذا الشعار، فالدعوة لإسقاط الأنظمة هي دعوة لفوضى عارمة.
وأوضح وزير الإعلام الكويتي الأسبق أن الموقف الغربي لما يجري في سوريا يمكن تصنيفه في خانة النفاق، حيث كانت بوصلته الحقيقية والدائمة هي إسرائيل ومصلحتها، وهنا لابد أن نطرح تساؤلاً مهماً للغاية؛ هل من مصلحة إسرائيل سقوط نظام الأسد؟ التفكير المنطقي يقول التالي؛ لا نعرف ماذا سيجري إن سقط الأسد فلماذا الاستعجال في الدخول في المجهول، ولذلك فإن إطالة أمد الأزمة واستمرار الوضع القائم في سوريا هو مصلحة أساسية لإسرائيل حيث تدمر البلد، فلا سقوط لبشار الأسد ولا نهاية للصراع، وهذا الوضع هو الوضع المثالي لإسرائيل لتفجير المنطقة وإشعال حرب الطوائف، على اعتبار أن إسرائيل ذاتها دولة دينية، لذلك فمن الأفضل لها إقامة دول طائفية ودينية حولها لتبرير وجودها وتعزيز مساندة الغرب لها.
وأضاف «أما في اليمن، فقد لعب مجلس التعاون لدول الخليج العربية دوراً كبيراً بعد انشغال مصر وخروج سوريا وشلل العراق، وحاولت دول المجلس ألا تتحول اليمن إلى دولة فاشلة في خاصرة الجزيرة العربية، فاليمن يعتبر المخزون البشري الاستراتيجي لدول المجلس، لذلك فالأمن الاستراتيجي الخليجي يوجب استيعاب اليمنيين من خلال مارشال خليجي لاستغلال العمالة اليمنية في الخليج، إضافة إلى عنصر آخر وهو التحدي أو الخطر الإيراني في التسلل إلى اليمن».
وأكد د.سعد العجمي أنه لا مناص من إقامة الفيدرالية الخليجية، ربما يقول البعض بأنكم حالمون، ولا تستطيعون إقامتها لأن هناك اختلافات بين دول المجلس، نرد عليه بالقول أننا لا نبتدع جديداً في الفيدرالية الخليجي، فالقوة العسكرية موجودة وممثلة في درع الجزيرة، فما المانع أن تكون نواة لجيش خليجي واحد، أما بالنسبة للسياسية الخارجية وحتى إن كان فيها بعض التباين فإنها بالمجمل موحدة، وخير دليل على ذلك الموقف مما يحدث في سوريا والموقف من إسرائيل والموقف من الثورات العربية كان متقارباً جداً، وكذلك فهو موحد بشأن ما يجري في اليمن، أما بالنسبة لإيران فالموقف واحد تجاه الحوار وعدم تدخل إيران في الشؤون الداخلية لدول المجلس أو احتلال الجزر الإماراتية، أما الأمر الثالث فهو النظام الاقتصادي، وقد أعلنت قمة الدوحة السوق الخليجية الموحدة، حقيقة لم تتم ترجمتها لمصالح الناس العاديين، ولاتزال قوة التخلف البيروقراطي تقف أمامها، وما لم يكن لها مجابهة علنية وصادقة وصريحة سنعود نكرر الكلام الذي قلناه.
وقال إن مجلس التعاون لدول الخليج العربي هو المنظمة العربية والإقليمية الوحيدة التي لاتزال متماسكة إلى حد ما، وهذا ما يدل على الرابط الخليجي والتاريخي واللغوي فيما بيننا، كيف نترجم هذا على أرض الواقع؟ أعتقد أن الفدرالية الخليجية هي مصلحة ملحة.