الكويت – وليد صبري:
دشنت الكويت أمس (السبت) مرحلة جديدة من مراحل الديمقراطية، حيث صوت الكويتيون في انتخابات مجلس الأمة بفصله التشريعي الـ14 وفقاً لنظام الدوائر الخمس والصوت الواحد، الذي يطبق للمرة الثانية على التوالي في تاريخ الكويت البرلماني، فيما تحدثت تقارير عن زيادة نسبة المشاركة في الانتخابات.
ودعي نحو 439715 ناخباً وناخبة لاختيار 50 مرشحاً من بين 310 مرشحين بينهم 8 سيدات، حيث يتنافسون في 5 دوائر انتخابية، ويمثل كل دائرة أول 10 مرشحين يحصلون على أعلى الأصوات فيها.
وبلغ إجمالي عدد الناخبين الذكور 206096، بنسبة 46.87%، من مجموع أعداد الناخبين في الدوائر الانتخابية الخمس، في حين بلغ إجمالي الناخبات 233619 يشكلن 53.12%.
وبدأت عملية الاقتراع في تمام الساعة الثامنة صباحاً، واستمرت حتى الساعة الثامنة مساء، ورغم حرارة الجو التي وصلت إلى 50 درجة مئوية، وإجراء الانتخابات في شهر رمضان الكريم؛ فقد حرص من يحق لهم التصويت على الذهاب إلى لجان الاقتراع للإدلاء بأصواتهم.
وشهدت عملية الاقتراع إقبالاً متوسطاً في ساعات الصباح الأولى، وزادت شيئاً فشيئاً خلال فترتي العصر والمغرب، لتصطف طوابير طويلة أمام مراكز الاقتراع بعد الإفطار وحتى انتهاء فترة التصويت ليلاً.
وأجريت الانتخابات في 5 دوائر انتخابية شملت 457 لجنة، وتنافس 310 مرشحين على أصوات الناخبين ببرامج تتضمن النهوض بمشروعات الإسكان والتعليم وتوظيف الخريجين وتقديم الخدمات الصحية عن طريق توفير المستشفيات.
ولم تشهد عملية الاقتراع أية تجاوزات أو مخالفات سواء من المرشحين أو من الناخبين.
وأشرف على مسار الانتخابات 803 من القضاة ووكلاء النيابة بجانب المراقبين الدوليين.
ووفقاً للجنة القضائية العليا المشرفة على الانتخابات لم تتوقف عملية الاقتراع خلال فترة الإفطار وإقامة صلاة المغرب.
تلاحم القيادة والشعب
من جهته، قام النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية الشيخ أحمد حمود الجابر الصباح بجولات تفقدية شملت مقار اللجان الانتخابية لمجلس الأمة في الدوائر الانتخابية الخمس لمتابعة سير العملية الانتخابية.
وأكد الشيخ أحمد الحمود في تصريح للصحافيين «حرص القيادة السياسية العليا على أن تخرج هذه الاحتفالية الديمقراطية بأبهى صورة تليق بمكانة الكويت الحضارية إقليمياً ودولياً».
وأضاف أن «العالم بأسره يراقب التجربة الديمقراطية الكويتية بوصفها نموذجاً فريداً وبرهاناً ساطعاً على التلاحم الإيجابي الفعال بين القيادة والشعب وعلى مشاركة الشعب في صنع حاضره وصياغة مستقبله».
وأبدى «ارتياحه لسير العملية الانتخابية على الطريق الصحيح دون أي تقصير من أي جانب»، مشيداً «بدور رؤساء وأعضاء اللجان الانتخابية وتوفير كل الإمكانات لتخرج في أبهى صورة باعتبارها مسؤولية وزارة الداخلية وقيام أجهزتها ببذل أقصى ما بوسعها لأدائها على الوجه الأكمل».
واطمأن الشيخ أحمد الحمود خلال الجولات على العملية الانتخابية والإجراءات الأمنية التي تم اتخاذها لضمان حسن سيرها والتيسير على الناخبين للإدلاء بأصواتهم في مختلف الدوائر.
كما التقى عدداً من الناخبين الذين أعربوا عن ارتياحهم لسلامة الإجراءات والترتيبات الأمنية التي تسهل عليهم عملية الانتخابات والإدلاء بأصواتهم بسهولة ويسر في اللجان الانتخابية كافة.
وأثنى على «الجهد الكبير المبذول من قبل رجال الأمن للقيام بواجبهم ومسؤولياتهم».
وشدد على «وجوب تمكين الناخبين من أداء واجبهم الوطني خصوصاً كبار السن وذوي الاحتياجات الخاصة».
من جانبه، أكد وزير الإعلام ووزير الدولة لشؤون الشباب الشيخ سلمان صباح السالم الحمود الصباح «أهمية دور الشباب ومشاركتهم في الاقتراع وصولاً إلى تحقيق تطلعات الشعب الكويتي إلى كويت المستقبل».
وأضاف في تصريح صحافي أثناء زيارته مدرسة سيد محمد الموسوي في منطقة الرميثية بالدائرة الأولى اليوم أن «الشباب يحظون باهتمام كبير من القيادة السياسية التي كان لها الدور الكبير بإنشاء وزارة الشباب تعنى بالاهتمام بهم».
في غضون ذلك، أكد القائد الميداني للانتخابات اللواء محمود الدوسري أنه «تم تخصيص 11 ألف رجل أمن من الضباط والأفراد لتأمين عملية الاقتراع». وقال إنه «تم تجهيز استراحات مكيفة بالمقرات الانتخابية لانتظار الناخبين وتوفير وجبات إفطار لهم، وكذلك تخصيص عيادات متنقلة بين اللجان وسيارات الإسعاف تحسباً لأي حالات تتعرض لضربات الشمس».
ورغم مقاطعة الانتخابات من قبل بعض التيارات لرفضهم مبدأ الصوت الواحد للناخب، إلا أن ذلك لم يمنع الكويتيين من الإقبال على التصويت في الانتخابات، وانعكست سخونة الطقس على الحالة الانتخابية لتصبح أكثر سخونة حيث وصلت كلفة الدعاية الانتخابية إلى 400 ألف دينار كويتي للمرشح الواحد في بعض الدوائر.
مشهد ديمقراطي حضاري
أما الوضع على الأرض ميدانياً، فقد كانت الصورة ديمقراطية وتزينت بشكل حضاري لافت للانتباه، فمندوبو المرشحين حضروا عملية الاقتراع وتابعوها أولاً بأول، كما تنافس أنصار المرشحين لمرشحيهم في مواجهة شريفة لا تنال من قواعد وسلامة الانتخابات.
وبشهادة المرشحين مرزوق الغانم ومبارك سعدون المطوع فقد سارت عملية الاقتراع كما خطط لها دون أية تجاوزات وفي ظل التسهيلات الكاملة من الجهات المسؤولة.
وقال المرشح مرزوق الغانم إن «المشاركة ستكون كبيرة»، مؤكداً أن «الكويتيين سيتوجهون لصناديق الاقتراع لتحديد هوية مستقبلهم».
وبشأن ظاهرة شراء الأصوات قال إنها «حالات فردية لن تشوه العملية الانتخابية». وحول توقعاته بشأن استمرارية المجلس المنتخب، أوضح أن «السياسة لا تعرف ضرب الودع أو التنجيم ولا يمكن التنبؤ بشيء في السياسة».
وفي سياق ذي صلة، قال المرشح الإسلامي مبارك سعدون المطوع إن «الجهات المعنية تقاوم بشدة عملية شراء الأصوات».
نعم للصوت الواحد
اعتبر الناخب عادل المطيري بعد تصويته أن «الانتخابات ناجحة»، متوقعاً «استقراراً كبيراً بمجلس الأمة المرحلة المقبلة»، فيما أشاد «بنظام تصويت الصوت الواحد» موضحاً أنه «نظام سديد وليس بدعة بل هو نظام موجود في كل دول العالم».
وأعربت الناخبة أمينة العتيبي بعد تصويتها عن أمنيتها بأن «تشهد المرحلة المقبلة استقراراً سياسياً ينعكس على زيادة التنمية ما ينعكس على حياة المواطن أكثر فأكثر».
وقالت وكيلة المرشح أحمد المليفي إن «العملية الانتخابية سارت بشكل متميز، ولم تشهد أية مخالفات»، فيما أكدت «تأييدها لنظام الصوت الواحد».
إلى ذلك، أكد المستشار علي أبو غماس أحد القضاة المشرفين على اللجان في أحد مراكز الاقتراع بالدائرة الثالثة أن «الانتخابات جرت في جو من الشفافية والمرونة والنظام والعدالة والالتزام بالقوانين الانتخابية»، موضحاً أن «رمضان ربما أثر بعض الشيء على إقبال الناخبين على التصويت صباح أمس مع بداية فتح مراكز الاقتراع».
وقال المستشار محمد السيد أحد القضاة المشرفين على لجنة للسيدات في أحد مراكز الاقتراع بالدائرة الثانية أنه «لا توجد أية مخالفات خلال سير العملية الانتخابية»، موضحاً أن «المرشح لا يمكنه التواجد داخل لجنة الانتخابات»، لكنه ذكر أن «مندوب المرشح يمكنه التواجد داخل اللجنة لمتابعة سير العملية الانتخابية».
وشدد على أن «الحكومة تقف على مسافة واحدة من جميع المرشحين بما يؤكد تنامي المناخ الديمقراطي بدولة الكويت».
معايير دولية
في غضون ذلك، أعرب عدد من الأكاديميين الدوليين والصحافيين الأجانب الذين يزورون الكويت حالياً لمتابعة الانتخابات البرلمانية عن تفاؤلهم إزاء ارتفاع نسبة المشاركة في التصويت لانتخاب أعضاء مجلس الأمة في فصله التشريعي الـ14.
وأعربت كريستين كاو، وهي طالبة الدكتوراه بجامعة كاليفورنيا بولاية لوس أنجلس، عن اعتقادها أنه سيكون هناك بشكل ما إقبال أكبر هذه المرة مقارنة بالانتخابات التي جرت في ديسمبر الماضي معتبرة أن ارتفاع نسبة المشاركة يعتبر دائماً أفضل في الانتخابات.
وتابعت كاو «ينبغي الإشادة بالكويت لامتلاكها واحدة من أكثر الثقافات السياسية حيوية وصاحبة أكثر مشاركة في الخليج وبالتأكيد في منطقة الشرق الأوسط إلى حد ما».
كما أشادت بالحكومة الكويتية قائلة «حقيقة أن الحكومة الكويتية كانت سخية لدرجة أن تحضرنا إلى هنا لمتابعة كل هذا يظهر إيمانها بشفافية وقوة انتخاباتها».
وأضافت «يمكنني القول إنهم إلى حد بعيد لديهم جميع الإجراءات المطلوبة لإجراء انتخابات نظيفة ونزيهة وهذا شيء مهم وطيب للغاية».
ويزور عدد من الصحافيين الغربيين الكويت بناء على دعوة من الحكومة الكويتية لتغطية الانتخابات التشريعية كما يتواجد في الكويت حالياً فريق مراقبة دولي مكون من 35 فرداً لمراقبة عملية التصويت.
من جانبه، قال عضو الفريق سعد البطاط إن «الانتخابات حتى الآن تجري في إطار المعايير الدولية والفريق ليس لديه أي ملاحظة».
من ناحيته، وصف مراسل وكالة «كيودو» اليابانية للأنباء في الشرق الأوسط ومدير مكتبها في القاهرة كنجي هاسيغاوا
استعدادات الكويت من أجل الانتخابات بأنها «ممتازة» معرباً عن «الرضا والسعادة» إزاء الخطوات التي تابعها حتى الآن.
وأشار إلى أن «الانتخابات تجري في منتصف فصل الصيف في وقت يقدر فيه خبراء الأرصاد درجات الحرارة بنحو 50 درجة مئوية في منتصف اليوم وهذا يتزامن أيضاً مع شهر رمضان».