كتبت - زينب العكري:
فقدت البحرين واحداً من أخلص رجالها، رجل الأعمال الوجيه عبدالله أحمد ناس الذي انتقل إلى جوار ربه أمس الأول، ووري الثرى أمس في مقبرة المحرق، حيث عاش الراحل حياة مليئة بالعطاء في عدة مجالات سواء في القطاع التجاري أو العمل الخيري والاجتماعي.
يشار إلى أن للفقيد بصمات واضحة وجلية في العمل الإنساني والخيري في البحرين أو بالخارج، إلى جانب كونه كان دائم التواصل مع كافة أفراد المجتمع.
وكان المرحوم مثالاً يحتذى في أوساط أصحاب الأعمال والتجارة والاقتصاد من خلال إسهاماته في تبني العديد من القضايا الاجتماعية والأعمال الخيرية.
نموذج مميز لرجل الأعمال
وكان الفقيد نموذجاً مميزاً لرجل الأعمال صاحب المسؤولية الاجتماعية إيماناً منه بدور رجل الأعمال وواجبه تجاه مجتمعه ووطنه، حيث عاش حياة حافلة في خدمة البحرين، حيث استفاد منه الكثيرون وقدم للجميع الكثير من جهده ووقته وماله.
ويؤكد عدد من ذوي ومعارف الفقيد، أن المرحوم الوجيه عبدالله ناس بذل من ماله الكثير في سبيل مساعدة وخدمة أفراد المجتمع دون تفرقة، وكان له دور خيري بارز طوال مسيرة حياته.
وكان عمله الخيري ممتداً من البحرين إلى جميع دول الخليج، حيث كان له دور اقتصادي مشهود وكانت إسهاماته واضحة في سبيل رفعة الاقتصاد البحريني عبر مجموعة «ناس».
وكان الفقيد مثلاً وأنموذجاً يحتذى للمواطن البحريني العصامي المثابر المجتهد الصبور، الذي استطاع أن يكون مجموعة عملاقة تضم تحت رايتها ما يقارب 34 شركة في مختلف التخصصات والمجالات وخاصة القطاع الإنشائي منها.
وتقول سيدة الأعمال سهير بوخماس: «كان المرحوم رجلاً عظيماً وأعماله لا تحصى حيث كان ناراً على علم في المملكة بأعماله التجارية.. كان الفقيد سخياً في أعماله سواء الاجتماعية أو الخيرية حتى بعد مرضه، وكانت له بصمة كبيرة على قطاع الإنشاءات في البحرين وهو أحد رواد هذا القطاع في تاريخ المملكة».
وأوضحت أن الفقيد دائماً يتسم في أفعاله بالحكمة والنبل وهو أحد الذين تعلمنا منهم، وللأسف افتقدناه اليوم وفقدت المملكة أحد أبنائها الأسخياء الكرماء والذين رفعوا سمعة المملكة.
أما سيدة الأعمال سها بوخماس فقالت عن الفقيد إنه عمل بكل جدية ليصل إلى هذه المكانة في قطاع الأعمال البحريني، ولعب دوراً محورياً في طفرة الإنشاءات البحرينية خلال الأعوام الأخيرة.. واليوم مجتمع الأعمال البحريني بأكمله حزين لوفاة الرجل العظيم.
الفقيد كان متواضعاً
وقال رجل الأعمال نبيل كانو: «كان الفقيد رجلاً عظيماً بالنسبة لي، بنى نفسه وبعرق جبينه قام ببناء الإمبراطورية، والآن بفضل أبنائه سيتم مواصلة المشوار»، موضحاً أنه كان متواضعاً جداً وطيباً مع الجميع.
أما المدير الإداري لمركز الشرق الأوسط للتجارة والمقاولات أحمد المحمود فقال: «بوفاة المرحوم عبدالله ناس فقدت المملكة فارساً من فرسانها في الاقتصاد والمؤسسين للحركة التجارية في البحرين»، معتبراً أن المملكة خسرت واحداً من رجالاتها المخلصين.
وأوضح المحمود أن الفقيد كان له إضافات وإسهامات في كثير من الأشياء الملموسة وغير الملموسة، مؤكداً أن الفقيد سهل الطريق في قطاع المقاولات وقام بوضع أسس ليقوم القطاع وجعله من القطاعات التي يشهد لها البناء بذلك.
وقال إن شركة الشرق الأوسط بإدارتها من قبل فوزي وأحمد المحمود تواسي عائلة ناس أحزانهم، مبيناً أن فقدان عبدالله ناس صعب بالنسبة لهم.
وشيع أمس المرحوم الوجيه عبدالله أحمد ناس إلى مثواه الأخير في المحرق، الذي انتقل إلى جوار ربه أمس الأول عن عمر يناهز 77 عاماً إثر صراع مع المرض، وبعد سنوات من العطاء، ومشوار تجاري بدأه منذ أكثر من 50 عاماً تكلل بإنشاء مجموعة عملاقة تعدّ من أبرز الشركات العائلية في البحرين والخليج تضم تحت رايتها ما يقارب 34 شركة في مختلف التخصصات والمجالات وخاصة القطاع الإنشائي منها.
يذكر أن الوجيه عبدالله ناس ولد في المحرق العام 1936 وأنهى تعليمه في مدرسة الهداية الخليفية بالمحرق سنة 1944 والمدرسة الصناعية بالمنامة قسم الميكانيكا سنة 1950، وكان والده يريده «نوخذة» لكنه أراد لنفسه مساراً آخر إذ كان طموحه أكبر.
ومارس أول مهنة له وعمره 12 عاماً في ورشة لإصلاح السيارات 3 ساعات يومياً من دون مقابل، قبل أن يضم إلى شركة نفط البحرين «بابكو» في قسم المختبر، ثم توجه إلى السعودية في وقت مبكر من شبابه، حيث عمل بقطاع المقاولات هناك لحوالي 12 عاماً متصلة حقق خلالها العديد من النجاحات والسمعة الطيبة في القطاع.
وتمكن بعد ذلك في الدخول كمساهم رئيس في شركة أحمد محمود الصوفي بالسعودية، ثم انفصل عن الشركة وأسس عمله الخاص في 1958، وبعد توالي النجاحات عاد إلى البحرين وعمل في شركة مدة 3 أشهر بغرض دراسة السوق، ثم بدأ في تأسيس شركته في البحرين في عام 1962 ويؤسس بعد عام، وهو في منتصف العشرينات من عمره، شركة مؤسسة عبدالله أحمد ناس للمقاولات، ولم يكن الطريق سهلاً مفروشاً بالورود، كانت بداية وعرة، ولكنها لم تعرف اليأس.
ومنها بدأت قصة جديدة في التاريخ البحريني من نجاحات متوالية مصبوغة بصبر وجهد ومثابرة هذا الرجل الذي ترك بصمة واضحة في حركة الاقتصاد البحريني على مدار أكثر من 5 عقود موالية، ومازالت قصة النجاح مستمرة ضمن نهر العطاء البحريني على يد أبنائه الذين مهد لهم طريق النجاح.
صناعة المقاولات
وسعى ناس لإنشاء صناعة مقاولات متكاملة تقوم بتوفير مواد التشييد عالي الجودة وبأسعار تنافسية، وتوسعت الشركة بمرور السنوات بإنشاء المصانع مثل مصنع غسل الرمل في العام 1977 والخرسانة الجاهزة، ثم جاءت شركات بالتعاون مع رجال الأعمال البحرينيين لاستيراد المواد الأولية، وناس للخدمات الصناعية في العام 1978.
وجاءت بعد ذلك، شركة تأجير الرافعات والسقلات «ناس سافكوم»، شركة ناس للأغذية في العام 1986، شركة «ناس التجاري» العام 1986، ومصنع لتحلية الماء والثلج وغيرها من الشركات.
وأوضح الفقيد في تصاريح سابقة أن سر النجاح هو التعاون، ولا بأس بالتعاون مع الشركات الأجنبية المتخصصة، وهو ما يساعد على اكتساب الخبرة تعاون مجموعة ناس في الستينات مع شركة «فيتس باتريك» لإنشاء جسر المحرق «جسر الشيخ حمد»، وبمرور الوقت اكتسبت شركة ناس الخبرة حتى استطاعت القيام بمفردها بإنشاء العديد من الجسور والكباري.
وكان المرحوم يؤمن بأن «واجب الآباء إعداد الأبناء وتأهيلهم لتسليمهم الراية لاستكمال طريق الكفاح»، وأن «خير استثمار هو الاستثمار في الذرية، فالأبناء قد يبددون ملايين الدنانير، وقد يحولون الفلس إلى ملايين الدنانير».
وكلل المرحوم قصة النجاح بتحويل مجموعة من الأنشطة إلى شركة مساهمة عامة طرحت للاكتتاب العام في 2005 لتكون أول شركة عائلية بحرينية تتحول إلى المساهمة العامة، وتدرج في بورصة البحرين بعد أن لاقت أسهم الشركة إقبالاً كبيراً، خصوصاً من مواطني دول مجلس التعاون مما يؤشر على رؤية المرحوم الواسعة.
كما عرف عن المرحوم حبه إلى المبادرة وعمل الخير والتبرع للصناديق والمؤسسات الخيرية إلى جانب توظيف المواطنين البحرينيين.
المحافظة على المبادئ
ومن الكلمات المأثورة للوجيه عبدالله ناس «إننا نعمل على توحيد وتعزيز مواقعنا التي تحققت إلى الآن، وبفضل من الله فلقد وصلنا إلى مرتبة مرموقة تؤهلنا لكي نخطو خطوات مستقبلية مهمة ندفع بها المجموعة بقوة نحو مستويات مهمة أخرى». لتحقيق أهدافنا سنتقاسم التطورات المتسارعة مع المجتمعات المحلية والدولية التي نقدم لها خدماتنا بجهد متواصل منذ بداياتنا.. ولكي نحقق رؤيتنا سنواصل المحافظة علي مبادئنا التي تأسست عليها «ناس المجموعة» ألا وهي الأمانة والتفوق.. ولضمان محافظتنا وتعزيزنا لسمعتنا ومبادئنا في التفوق، سنعمل على تبني آخر ما توصلت إليه التكنولوجيا المتقدمة حيثما يمكن الاستفادة منها.
ومن أقواله أيضاً: «سنستمر في العمل لكي ننمي ونوسع مجال خدماتنا ومهارتنا المتميزة ما يجعنا نسهم إسهاماً ذا أهمية أكبر في تطور السعودية التي نحن ممتنون لها من أعماق قلوبنا بالسماح بخدمتهم ولا ننسى دعمهم للتعاون المشترك بيننا».
وكان عبدالله ناس شدد على «وجوب الاستعداد للمستقبل باستثمار عائدات الثروات النفطية بالخليج في الصناعة، فالمستقبل في الصناعة»، وقال إن «البحرين لا تنقصها الإمكانات، البحرين بلد غني بشعبه الكريم وهو الكنز الحقيقي الذي يجب استثماره».
يذكر أن الراحل له 6 أبناء أكبرهم سمير الذي يشغل نائب رئيس مجلس إدارة «ناس المؤسسة»، كما له من الأبناء سامي وعادل وغازي وفوزي والابن الأصغر أحمد الذي توفي عن عمر يناهز 35 عاماً إثر حادث مروع في 21 مايو الماضي، و3 بنات جميعهم يلعب دوراً كبيراً في قيادة شركات المجموعة.



بطاقة شخصية



- ولد المرحوم عبدالله ناس في المحرق العام 1936.
- أنهى تعليمه في مدرسة الهداية الخليفية بالمحرق سنة 1944 والمدرسة الصناعية بالمنامة قسم الميكانيكا في 1950.
- مارس أول مهنة له وعمره 12 عاماً في ورشة لإصلاح السيارات 3 ساعات يومياً من دون مقابل، قبل أن ينضم إلى شركة نفط البحرين «بابكو» في قسم المختبر.
- وبعد ذلك تمكن الدخول كمساهم رئيس في شركة أحمد الصوفي بالسعودية.
- انفصل عن الشركة وأسس عمله الخاص في 1958.
- بدأ في تأسيس شركته في البحرين العام 1962.
- أسس بعد عام، وهو في منتصف العشرينات من عمره، شركة عبدالله أحمد ناس للمقاولات.
-توسع في إنشاء المصانع في المملكة حتى يوم وافته المنية.