منذ بزوغ فجر الدعوة الإسلامية على يد أكرم الخلق أجمعين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، والجميع يعيش في ظل دولة إسلامية كانت السماحة سمتها، بدءاً من هذا اليوم العظيم الذي عفا فيه الرسول الكريم عن أهل مكة بعد فتحها.
كان التاريخ الإسلامي يزخر بالكثير من القصص والعبر التي توجت تاريخنا بقيم التسامح الإنساني وقبول الآخر، مهما كان غلو وتطرف هذا الآخر، سياسياً كان أم دينياً، قبلياً كان أو غير ذلك، وكانت هذه القصص والمعاملات يؤطرها ويقف وراءها فكرياً كتاب عظيم ورسول هو عن حق أفضل خلق الله وصاحب أفضل رسالة من رب السموات إلى أهل الأرض جميعاً، ما دفع بالعديد من أبناء الحضارة الغربية للنظر إلى هذا الدين نظرة احترام وتقدير، ويرون فيه نموذجاً للتسامح الحق بين بني البشر.
وعلى سبيل المثال كان الأمير تشارلز ولي عهد بريطانيا يرى أن الإسلام يرفض الفصل بين الناس مهما كانت دياناتهم أو أصولهم أو أعراقهم، وأثنى الأمير على لطف معاملة المسلمين للنصارى وطيب معشرهم، وأيقن العلامة الفرنسي الكونت هنري دي كاستري أن الإسلام يحثنا على الأخلاق النبيلة واحترام الآخر وقبوله، ويعلمنا طرق التفاهم والتعايش مع الآخرين، وعن الآخر المسيحي في بلاد المسلمين وما تم ترويجه عنهم أنهم تعرضوا للاضطهاد والعنف من أجل إجبارهم على دخول الإسلام.
يقول المستشرق الإنجليزي توماس أرنولد في كتابه الدعوة الإسلامية، إن القبائل المسيحية المعتنقة للإسلام اعتنقته بحريتها واختيارها، مبيناً أن الإسلام دين تسامح.
ورأى الفيلسوف والكاتب الأيرلندي برناردشو أن الإسلام هو دين نجد فيه حسنات كل الأديان، يحث على الصلح والإصلاح، أما المؤرخ الفرنسي غوستاف لوبون فيرى أن ما يميز الإسلام عن باقي الديانات قيامه على مبدأ التسامح بين أفراده، ويعتبرها من أهم صفات المسلمين. ويتفق معه الشاعر الألماني الشهير غوته في كتابه «أخلاق المسلمين»، حيث ذكر أن المسلم عندما يتسامح فليس عن ضعف، بل كنوع من الاعتزاز بدينه وتمسكه بمعتقداته.
واتفق آخرون على شخصية الرسول محمد صلى الله عليه وسلم وسياسته وأخلاقه النبيلة في قيادة لأمته مثل المستشرق الإنجليزي بوسورث سميث، عندما قال إن محمداً قائد سياسي وزعيم ديني في آن واحد، لكن لم تكن لديه عجرفة رجال الدين، كما لم تكن لديه فيالق مثل القياصرة، ولم يكن يملك جيوشاً مجيشة أو حرساً خاصاً أو قصراً مشيداً أو عائداً ثابتاً.
ويضيف سميث «إذا كان لأحد أن يقول إنه حكم بالقدرة الإلهية فهو محمد، لأنه استطاع الإمساك بزمام السلطة دون أن يملك أدواتها ودون أن يسانده أهلها».
وذكر العلامة الألماني سانت هيلر أن الرسول كان رئيساً للدولة وساهراً على حياة الشعب وحريته، يعاقب من يقترف أية جريمة حسب أحوال زمانه وأحوال الجماعات الوحشية التي يعيش بين ظهرانيها، فكان النبي داعياً إلى ديانة الإله الواحد لطيفاً ورحيماً حتى مع أعدائه، وإن في شخصيته صفتان هما من أجمل صفات النفس البشرية وهما العدالة والرحمة.
ورأى المهاتما غاندي في القرآن الكريم أنه يعرف أسرار وحكم الدين دون أن يحتاج إلى خصائص نص مصطنعة، ولا يوجد في القرآن الكريم أمر بإجبار الآخرين للرجوع عن مذاهبهم فهذا الكتاب المقدس يقول وبأبسط صورة «لا إكراه في الدين».