يشق المسحراتي بصوته الجميل سكون ليل مدينة عكا القديمة ويوقظ الناس بطبلته الصغيرة بأغان رمضانية، إلا أن المسحراتي هذا ليس كغيره من الذين يواصلون هذا التقليد الآخذ في الانحسار، إذ إنه مسيحي يريد مشاركة المسلمين شهرهم الكريم.
يجوب ميشيل أيوب (37 عاماً) شوارع عكا القديمة اعتباراً من الساعة الثانية فجراً مرتدياً لباساً عربياً تقليدياً ومسدلاً على كتفيه كوفية ومعتمراً عمامة بيضاء.
فيبدأ السكان بإضاءة بيوتهم تدريجياً فيما يطل أصحاب البيوت من الشبابيك لإلقاء التحية على ميشيل ليؤكدوا له أنهم استيقظوا.
ويبدأ ميشيل مهمته بالبسملة يتبعها بموال «يا صايم وحد الدايم قوموا لسحوركم خلي رمضان يزوركم» وينتهي من التسحير مع آذان صلاة الفجر، وهو يتفنن في ارتجالات ابتهالية تشعر الناس بالخشوع والسعادة. ويلتقي ميشيل مع العكاويين القاصدين صلاة الفجر في جامع الجزار، فيلقون عليه التحية ويدعون له بالخير ويشكرونه على عمله. ميشيل مسيحي كاثوليكي بدأ يوقظ أهل بلدته المكر في شمال مدينة عكا وبلدة الجديدة المجاورة وانتقل قبل 9 سنوات لإيقاظ الناس في مدينة عكا القديمة. ويقول أيوب «كلنا عائلة واحدة، والله واحد ولا توجد تفرقة بين المسلمين والمسيحيين، أنا أعتبر أني أقوم بواجب لكي أساعد أخي المسلم الذي يتكبد مشاق الصوم والعطش».
ويضيف «الله أعطاني موهبة لأحافظ على التراث الإسلامي، وأحب أن أحافظ على هذه الجوهرة».
وكان لميشيل فرقة عراضة للأفراح لكنه بات يفضل مواويل السحور.
ويروي ميشيل أن جده لأبيه كان كل يوم جمعة يستمع إلى القرآن الكريم حتى الواحدة ظهراً، موضحاً «تشربنا ذلك في البيت». ويلفت إلى أن والدته التي توفيت قبل عام كانت مريضة في شهر رمضان وكان يعتني بها إلا أنها كانت تقول له «حان الآن موعد التسحير وكانت تحرص على ألا أتأخر على تسحير الناس».