كتب- حذيفة إبراهيم:
غيب الموت عند الساعة الخامسة والنصف من مساء أمس الأربعاء قبيل الإفطار بساعة تقريباً، أحد أعمدة الطب واستشاري الجراحة والمناظير بمجمع السلمانية الطبي د. خليفة مبارك بن دينة عن عمر ناهز الـ 58 عاماً، بعد معاناته في السنوات الأخيرة من مرض السرطان، الذي تحداه بإصراره وعزيمته ولم يقعده عن العمل، حيث كانت آخر مؤلفاته قصيده بعنوان «أنا أتحدى السرطان» ألفها قبل وفاته بأقل من شهر.
وبحسب أهل الفقيد، فإن الفقيد سيتم دفنه في مقبرة المحرق في تمام الساعة الـ 9 صباحاً، وسيقام مجلس العزاء له في قاعة مبارك بن محمد بن دينة في منطقة البسيتين.
ولد د. خليفة بن دينة في البحرين في العام 1955، وهو متزوج ولديه 6 أطفال. وحصل على شهادة على الماجستير MBChB من جامعة الإسكندرية بمصر، مع شهادة امتياز من الجامعة نفسها.
وترأس الفقيد رابطة الجراحين البحرينية وهو أحد الأعضاء المؤسسين للجمعية الخليجية للجراحة العامة ونائب رئيس الجمعية الخليجية لدول مجلس التعاون لجراحة السمنة المفرطة.
ويعتبر الدكتور بن دينة أول من أدخل جراحة المناظير إلى مستشفى السلمانية الطبي، حيث طورها من العمليات البسيطة إلى أكبر العمليات وأصعبها باستخدام تلك التقنية.
وعمل الدكتور لفترات متعاقبة في مستشفى السلمانية الطبي، ومن ثم رقي إلى رئيس الأطباء في قسم الجراحة بالمستشفى، كما وعمل كمستشار جراحة في جامعة ايرلانغين بألمانيا.
وحصل الفقيد على جائزة من أمير دولة البحرين في 8 من مارس عام 1979، كما حصل عام 2000 على جائزة من رئيس الوزراء، نظير ما قدمه للجراحة في المملكة.
ويعتبر الدكتور بن دينة عضواً في كل من جمعية الجراحين الألمانية، والجمعية الألمانية لجراحة الأورام، والجمعية الجراحية التجريبية والبحثية، والجمعية الأوروبية لجراحة الأورام، والجمعية الأوروبية للجراحة المنظارية والتقنيات التقليدية الأخرى، وعضو اللجنة العلمية لجمعية البحرين لمرضى السرطان.
ألف الفقيد العديد من الكتب والدراسات حول جراحة المناظير والسمنة وغيرها، كما وترأس فريقاً علمياً أضاف إنجازاً طبياً مميزاً بتنفيذه سلسلة عمليات جديدة لعلاج السمنة عن طريق تطوير عملية تحويل مسار المعدة المتعارف عليها عبر دمجها بعملية تكميم المعدة في آلية واحدة تحت مسمى «مني باي باس» وذلك دون آثار جانبية تذكر.
وأجرى الدكتور الراحل خلال الخمس السنوات الماضية أكثر من 2500 عملية في ذلك المجال دون عوارض صحية تذكر في السجلات الطبية للمرضى.
وبدأ الدكتور إجراء عمليات السمنة في البحرين، بينما أجرى منذ تسعينات القرن الماضي عمليات تصغير المعدة وعمليات تحويل مجرى المعدة من خلال المنظار وكانت حوالي أكثر من 1000 حالة بنسبة نجاح فاقت الـ98%.
وأصيب الدكتور بن دينة بمرض السرطان منذ حوالي 3 سنوات، حيث أجرى عملية استئصال للجزء المصاب كادت أن تصيبه بالشلل لولا لطف الله، ثم سافر إلى الولايات المتحدة الأمريكية للعلاج لمدة عام كامل.
وفي لقاء حول إصابته بالمرض أجرته «الوطن» سابقاً مع الفقيد، قال إن المرضى شكلوا له دافعاً للعودة مرة أخرى إلى صفوف العمل، حيث مر بـ «محنة كبيرة» انتقل فيها من جراح إلى مريض ليحس بمعاناة المريض وقيمة الحياة.
وعلى الرغم من الأطباء في الولايات المتحدة الأمريكية نصحوا الفقيد بأخذ العلاج والتقاعد إلا أنه رفض واستمر في العطاء حتى آخر يوم من حياته، حيث تتلمذ على يده العديد من الأطباء الأصغر سناً ليستفيدوا من خبرته التي فاقت الـ 30 عاماً.
وحارب الفقيد خلال حياته جراحات التجميل وشفط الدهون لمريض السمنة، لما لها من مشاكل خطيرة، بينما عمل في مجال مكافحة السمنة والتخلص فيها على المستوى المحلي والخليجي.
ويعتبر الدكتور بن دينة أحد الأعمدة الرئيسة لجراحة المناظير في العالم، وساهم في وضع البحرين على خارطة الدول المتطورة في ذلك المجال، من خلال عدة أبحاث ودراسات أجريت في المملكة وتم نشرها والأخذ بها في العديد من دول العالم. وأجرى الدكتور جراحات لأشخاص تراوحت أعمارهم بين الـ 14 عاماً و65 عاماً، بينما أنقذ مريضاً بالسمنة يبلغ من العمر 40 عاماً كان وزنه 500 كيلو جرام، وتم إدخاله إلى المستشفى بواسطة «رافعة» ليخفض وزنه إلى 110 كيلو جرامات بعد برنامج غذائي وجراحي أعده له الدكتور دون أثار جانبية، وهو ما اعتبر أحد الإنجازات الكبيرة في ذلك المجال.