كتب - أحمد الجناحي:
تعارف الناس على موروث خاص في وداع شهر رمضان المبارك، حيث اعتاد أهل البحريـــن علـــى ممارسته ليبقى خالداً، ومؤخراً دخلت على خط موروث الوداع، إدخـــالات عصريـــــة وحداثيـــة، تمثلت بمرافقة بعــــض الآلات الموسيقيــــة لمشــــــهد الـــــوداع، ففـــــي الربــع الأخيــر مــن شهــر رمضان الكريم يجوب المسحــر «الفرجان» بعد صـلاة التراويــح هذه المرة وفي قلبه وقلب الجميع الحسرة على انقضاء وفراق شهر الخير والرحمة بنبرات صوته الحزينة، مردداً «ودعوا يا كرام .. ودعوا يا كرام ودعوا شهر الله.. ودعوا يا كرام أو يالوداع.. يالوداع.... ياشهر رمضان عليكم سلام.. يا شهر الصيام» بمصاحبه الطبل والدف.
يخرج الكبير والصغير النساء والرجال في جماعات مرددين خلفه تلك الأبيات في أجواء روحانية حزينة على وداع وانقضاء الشهر الفضيل، تقول الجدة عائشة الجزيري «منذ القدم ونحن على هذه العادة الموروثة، نخرج جماعات في الربع الأخير من شهر رمضان لتوديع شهر الرحمة والمغفرة والطاعات»، وتضيف «يخرج الرجال والنساء صغاراً وكباراً، فالكل كان يترقب شهر رمضان الذي يأتي كالبرق»، وترى الجدة أنه من الطبيعي أن يحزن الناس لوداع شهر كثر فيه الخير وانتشرت فيه العبادات، الشهر الذي قسم الله فيه العتق من النار والأجر الكثير.
أم محمد تقول «أخرج في كل رمضان مع أسرتي لتوديع شهر رمضان، وفي هذه السنة شغل ابني الكبير محمد مهنة المسحر، وسنودع رمضان برقته في هذا العام»، وتضيف أم محمد «والدي رحمة الله عليه كان يحب هذه المهنة النبيلة، وكان يخرج كل ليلة وحتى في أيام مرضه لتوديع رمضان، وهو يردد، لعله آخر رمضان، وبالفعل كان آخر رمضان بحياته».
ويتراهن محمد علي مع صديقه ناصر الحسن على أن أجواء وداع رمضان بحيهم أجمل من حي ناصر، يقول محمد «أجزم أن الوداع في حينا أجمل بكثير من حي ناصر، لأن التجهيزات أفضل بكثير، فنحن نخرج في جماعات بوجود مكبرات الصوت، واستحدثنا استخدام بعض الآلات الموسيقية التي تضيف بعض الألحان الجميلة»، أما ناصر فيقول «جمال الوداع بطبيعته وشكله التراثي بعيد عن التقنيات الحديثة، فما يميز وداع حينا هو تمسكه بالتراث القديم الذي يذكرنا بأجدادنا».