كتب - أحمد الجناحي:
لم تبتعد مسرحية «مواطن قليل الدسم» لمخرجتها شذى سبت ومؤلفها محمد عليوي عن تجسيد معاناة المواطنين مع النواب للوقوف عند مشكلاتهم واحتياجاتهم، وتقصير بعض أصحاب القرار في أداء مهماتهم، وتسليط الضوء على المعارك التي يخوضها المواطنون في سبيل الحصول على حقوقهم من زيادة في الرواتب وحتى الحصول على بيت ملائم للعيش ببلدان العالم العربي، إلى جانب مشكلات الخدم في المنزل، متستراً تحت عباءة الكوميديا التي فجر تحتها كل المعاناة والهموم التي يعيشها المواطن.
في جو من الكوميديا ومع نجوم متألقة كبيرة عرضت مسرحية «مواطن قليل الدسم» على الصالة الثقافية، سلطت المسرحية الضوء على هموم المواطنين والقضايا الحساسة التي تحدث داخل كل منزل من الصباح الباكر حتى آخر الليل، خصوصاً المنازل التي تسكن بها الزوجة مع حماتها والخدم، وسرعان ما فهم المتلقي المشاهد لأنها كانت تمسه بالمقام الأول، وكانت بالنسبة له عرضاً مصوراً لمعاناته اليومية.
الخلفية البسيطة التي بلاشك خدمت العرض وساهمت بنقل الصورة والرسالة كاملة للمشاهد، وكان سر النجاح في البساطة والتعبير المباشر رغم الرسائل المكنونة بين كلمات السيناريو المتداول بين أبطال المسرحية، إلى جانب اختيار الملابس التي تتناسب مع المشاهد، وإتقان الفنانين أداء أدوارهم ساهم كثيراً في غلق الفجوة بينهم وبين الجمهور، التي كان مقدمو المسرحية قلقين بشأنها قبل عرض المسرحية.
حاول العرض بشتى الطرق والوسائل أن يوصل الفكرة للمشاهد عبر تنويع طرائق الطرح، فبعض الرسائل كانت عبارة عن جملة وكلمة في حوار الفنانين التي تاه بها المتلقي وشعر أنها لم تعطى حقها ولم تطرح بالصورة الكاملة، وبعضها الآخر أخذ شكل نكتة، فقط لكسر حواجز الملل عند المشاهد وإقحامه بجوهر الفكرة دون أن يشعر. ودون مواربة أو تلميح، انتقدت المسرحية صراحة النواب والفجوة الحاصلة بينهم وبين المواطنين، ومعاناة رب الأسرة ذي الراتب الضعيف مع متطلبات الأسرة متدرجة نحو مشكلات الإسكان والبيوت الآيلة للسقوط التي تحدها قوانين لا تخدم المواطن نفسه، وكأن القوانين نكتة واستهزاء وعدم إحساس بحجم مشكلة المواطن.
وفي مشهد بمنتصف العرض رغم الإضاءة التقليدية وبعض هفوات العرض الفنية، أعجب الجمهور برسالة أخرى كان عنوانها البطالة، وقلة الوظائف لحديثي التخرج، وسط حوار نقل المتلقي بين يمين ويسار المسرح دون أن يشعر أن هناك نقلة في الحوار وموجة تأخذه تارة إلى اليمن وتارة أخرى إلى اليسار.
غناء الفنانة حنان رضا نجمة آراب آيدل إلى جانب دورها التمثيلي، وإدخال الموسيقى كخلفية داعمة لبعض المشاهد، خدم العرض وأعطاه نكهة تكسر الملل، إلى جانب إبداع الوجوه الجديدة وإتقانهم الدور مثل الفنانة دانة آل سالم، أبهر الجمهور، إلا أنه شعر بالوقت أن هناك أفكاراً كثيرة في العرض كان يتوه بها المتلقي وسط الحوار، وسرعان ما يعود المتلقي إلى جو المسرحية بالنكتة والكوميديا.
كان العرض إجمالاً أشبه بساحة عامة تجمع هموم الناس بمختلف معتقداتهم وأعراقهم، ووظفت كل الأمور السياسية والاجتماعية في عرض قدم صورة مختلفة، وانتهى العرض برسالة صارخة إلى المسؤوليين بضرورة احتضان المواهب والقدرات النجومية والجديدة، ومازالت الصورة واضحة كالشمس تتجلى في القهر والظلم المكنونين داخل صناع القرار حول العالم.
نجمة أرآب آيدل حنان رضا تقول «زال التوتر من بداية خروجنا على المسرح، وأصبحنا نرتجل ونتفاعل مع الجمهور بشكل إيجابي، وشكر خاص لهم على تفاعلهم وحضورهم»، ومازالت الفنانة متمسكة بدورها الغنائي الذي شد الجمهور وأعجب به، ومن جانب آخر تقول الفنانة دانة آل سالم أن العرض الأول للمسرحية كان بمثابة بوابة للتميز والإبداع أكثر في العروض القادمة، وتشيد بدور المخرجة شذى سبت في التوجيه والملاحظات والإرشاد، إلى جانب مساعدة نجوم الكوميديا لها في إتقان الدور الكوميدي والذي حسب وجه نظرها كان أصعب بكثير من الدور العاطفي والحزين، وعلى رأسهم الفنان عبدالله سويد، والفنان عامر التميمي، والفنانة سلوى بخيت.