كتب - حسين التتان:
قال أحدهم «أتعجب حين يمنع الأب ابنه من الاختلاط بأقرانه مخافة فساد السلوك، يحبسه من باب الاحتياط في غرفة محكمة الإغلاق مع جهاز كمبيوتر وخط إنترنت، وهو لا يعلم أنه أودعه بين ملايين البشر مجهولي الهوية، يلتقيهم بكل حرية كيفما شاء».
ويضيف أن الأسرة البحرينية أصبحت اليوم تمثل دور المراقب لأبنائها لا دور المربي و»هنا تكمن الخطورة»، لأن هناك لبساً لدى البحريني بين مفهومي التربية والمراقبة.
ما الجهة التي تتولى تربية الطفل وتشكيل شخصيته؟ الأسرة أم الشارع أم الهواتف الذكية أم الشغالة أم العوالم الافتراضية أم المدرسة أم المجتمع أم الأصدقاء أم عالم الملتميديا؟!.
مناهل التربية
أم محمد تشير إلى أن تربية الأبناء أصعب ما تواجهه الأسرة اليوم «الكثير منا يعتقد أنه يربي طفله بطريقة صحيحة، لا يشاركه في تربيته أحد، بينما الواقع هناك عشرات الجهات تتحكم بصورة مباشرة وغير مباشرة في تنشئة الأبناء».
وتقول «أكذب على نفسي حين أجزم أني أتحكم في تشكيل شخصية ابني محمد.. كثيرون غيري يتركون بصماتهم في تربية صغيري، ولا أملك أمام هذا السيل الجارف سوى أن أحاول تجفيف المناهل السلبية في تكوين شخصية الطفل».
وتحاول أمل عبدالوهاب قدر المستطاع تربية أطفالها بمفردها، وأن تعزلهم ما أمكنها عن كل بؤر الفساد الأخلاقي وأصدقاء السوء، وتؤكد أنها نجحت بشكل كبير في تجنيب أبنائها معظم المواقع السلبية المؤثرة بطريقة خاطئة في تشكيل شخصية الأطفال.
وتشير أمل إلى أن على الآباء والأمهات واجب تجنيب أطفالهم المنزلقات التي يقع فيها أبناء اليوم، خاصة الإنترنت والهاتف الجوال وأصدقاء السوء.
الخادمة المربية
ويستنكر المواطن نوح عبدالواحد ما تقوم به بعض الأسر البحرينية، خاصة فئة الطبقة المخملية، بإعطاء كل الحرية لخادمات المنازل من الآسيويات في تربية أبنائهم «هذا من أخطر القضايا التربوية، والأسرة ترتكب جريمة نكراء حين تسلم أطفالها لشغالات يربينهم، دون وازع من ضمير». ويعترف ماجد علي أن من يربي أطفال البحرين، الشغالة والتلفزيون والأصدقاء والإنترنت والهاتف الجوال «الأسرة آخر من يعلم شيئاً بهذا الخصوص». ويجد ماجد في هذا الموضوع مأزقاً خطيراً لا يمكن قبوله في مجتمع متحضر «الأسرة أراحت نفسها بتوكيلها جهات أجنبية بتربية أبنائها، ومن أجل أن يستمتعوا بوقتهم، يضحون بأبنائهم ويرمونهم بأحضان الشغالة أو أمام التلفزيون أو أي جهاز يفسد شخصية الطفل، ويكذب من يقول إن البحريني يربي أطفاله، هو مجرد ولي أمر رسمي، يوفر لأبنائه الأكل والشرب فقط».
جيل الأجهزة الذكية
أبونبيل مذ تزوج حاول أن يستقل في منزل يخصه مع زوجته وأبنائه، من أجل أن يربيهم دون أن يتدخل أحد، هذا الكلام كان قبل عقد من الزمن «اليوم ومع توفرت كافة أدوات الاتصال الحديثة، أصبحت التربية من أصعب التحديات التي تواجه الأســـرة البحرينية».
ويقترح أبونبيل تجنيب الصغار قدر الإمكان غالبية الوسائل التي تربطهم بالعوالم الافتراضية، لأنها عوالم مجهولة وخطيرة على تنشئتهم وتشكيل وعيهم. ويعتقد المواطن سعد محمد أن تربية الأطفال لم تعد كالسابق «الأطفال تربيهم جهات عديدة، المدرسة والأصدقاء والإنترنت وغيرها الكثير، أما الأسرة فلا يتعدى نصيب تربيتها لأبنائها نسبة 20% فقط، وفي بعض الأسر ربما تنخفض هذه النسبة أو تزيد قليلاً».