إنها صورة التقليد المطبخي البسيط: كرة من الأرز وشريحة من السمك تجمعهما أياد خبيرة لكن في اليابان حتى فن السوشي لم يفلت من تطور التكنولوجيا.
فقبل خمسين عاماً تقريباً ظهرت في الأرخبيل الياباني مطاعم تعرف باسم «كايتنزوشي» التي تمر فيها قطع الشوسي على سجادة متحركة أمام الزبون الذي يلتقط الطبق الذي يروق له عند مروره أمامه.
قطع الشوسي هذه تصممها جزئياً روبوتات: فأحد هذه الروبوتات يقيس كمية الأرز الضرورية وآخر يضخ فيها الكمية المطلوبة من «واساوبي» وهي توابل يابانية قوية، قبل أن يضع فوقها طاه شريحة صغيرة من السمك أو قطعة قرديس طويلة.
في السابق كانت قطع الشوسي توضع في أطباق مختلفة الألوان وفقاً لسعرها وفي نهاية الوجبة يكتفي العامل في المطعم بسحب كدسة الأطباق وجمع كلفتها لتحضير الفاتورة، الأمر بات أسهل الآن وأسرع فكل طبق مزود بشريحة إلكترونية تتضمن كل المعلومات.
ويتوقع أن يبلغ رقم أعمال مطاعم الشوسي من نوع «كايتنزوشي» 492 مليار ين (أربعة مليارات يورو) في 2013 بعد ارتفاع نسبته 20 % خلال السنوات الأخيرة على ما أفاد معهد الأبحاث «فوجي-كيزاي». وتستمر مطاعم السوشي التقليدية الأخرى الأعلى كلفة مع طهاة سوشي متمرسين يتلقون تدريباً يستمر سنوات طويلة.
يوضح إيكيهيرو تسوجي وهو مسؤول العلاقات العامة في سلسلة «كورا» للمطاعم وهي من الاكبر في السوق «السوشي لا تدور بشكل عشوائي بل يأتي دورانها نتيجة عملية مراقبة حسابات. فلا يمكن تقديم السوشي في مطعام متدنية الكلفة من دون قاعدة معلومات وإدارة تكاد تكون علمية». وعصب حرب الشوسي هو في خدمة الزبون بشكل اسرع وأفضل (أقل من دقيقة بعد ورود الطلبية) مع تخفيض الخسائر إلى الحد الأدنى. فمن أجل التمكن من تقديم قطعتي سوشي بسعر 105 ين (80 سنتاً من اليورو) ينبغي خصوصاً التحلي بالتقنية والحيلة مثل مزيني الشعر الذين يقصون الشعر بعشر دقائق.
فلدى «كورا» تم مثلاً اختراع «سيندو كون» الذي يمكنه ترجمته بـ «السيد الطازج» فالزبون متطلب ويريد سوشي غير مكلف لكنه طازج وهو يأخذ حذره من القطع التي تدور لفترة طويلة على السجادة.
في مطاعم هذه السلسلة ، تقدم الشوسي في طبق صغير مغطى بغطاء بلاستيكي صلب من شأنه المحافظة على نضارتها ومجهز بشريحة إلكترونية. وعندما يتم اقتناء الطبق يرتفع الغطاء من تلقاء نفسه ويعود الى المطبخ ليغطي طبقاً آخر.
وفيما الزبون يتمتع بالتهام الشوسي والساشيمي تنقل المعطيات (نوع الأطباق والوقت الذي أمضته على السجادة المتحركة) إلى النظام المعلوماتي للمطعم.
وتضم سلسلة «كورا»، «مركز تحليل» يربط بين مطاعمها الـ300. ويتم تاليا في الوقت الحقيقي معرفة ما هي الأطباق التي تستهلك بسرعة وتلك التي تبقى لفترة أطول.... وفي خطة جريئة يتم أيضاً تصوير الزبائن لكن من دن الوجه لأمور تتعلق بالحياة الخاصة، بل الجسم وترسل إلى عشرات المراقبين الذين يتنقلون من مطعم إلى آخر أنهم يجلسون في مركز معلوماتي ويمكنهم تقيم تنوع الشوسي وكمياته وتكيفه مع الزبائن الحاضرين.
ويمكن للكاميرات أن تلتقط صوراً قريبة جداً لأطباق السوشي للتحقق من شكلها ونوعيتها.
في المطبخ يمكن لمعدي السوشي أيضاً أن يروا في أي وقت من الأوقات عدد البالغين والأطفال في المطعم والوقت الذين يمكثون فيه.
ويوضح أكيهيرو تسوجي «مع ان مقاعد المطعم ال199 مشغولة إلا أن عدد قطع الشوسي التي ينبغي إرسالها رهن أيضاً بالوقت الذي سيمضيه هذا الزبون أو ذاك على المائدة». وانطلاقاً تحد التكنولوجيا من الخسائر من خلال تقييم الكمية الضرورية بالاستناد إلى المعطيات التي جمعت في السابق في ظروف مماثلة.
وفي حال لم يجد الزبون ما يعجبه على السجادة المتحركة يمكننه أن يقوم بطلبية خاصة تتم عادة عبر شاشة تعمل باللمس تتوافر أحياناً باللغتين وموضوعة أمامه.
ويأتي طبق السوشي عندها على «خط» خاص» سريع موجود فوق الخط العادي للسوشي «البطيئة».
بعض مطاعم السوشي هذه تخلت كلياً عن السجادة المتحركة الكلاسيكية التي تعرف بـ «النقل المشترك» معتمدة نظام «سيارات الأجرة» الخاصة التي بحسب الطلب بثلاثة خطوط فوق بعضها البعض. فما أن تطلب قطع السوشي عبر الشاشة تصل بسرعة كبيرة وتقف مباشرة أمام الزبون التي طلبها.