تخوف محللون من انزلاق مصر نحو جولات عنف جديدة غداة «الأربعاء الدامي» الذي شهد مقتل مئات الأشخاص لدى قيام قوات الأمن المصرية بفض اعتصامين في القاهرة لأنصار الرئيس المعزول محمد مرسي.
وكانت البلاد شهدت الأربعاء أصعب يوم في تاريخها الحديث مع سقوط أكثر من 525 قتيلاً، حسب حصيلة رسمية، خلال فض اعتصامي أنصار مرسي في القاهرة وما واكبه من أعمال عنف في جميع أنحاء البلاد.
وأثارت هذه العملية الدامية ردود فعل دولية منددة، لكنها لقيت رغم العدد الكبير لضحاياها، ترحيباً محلياً خصوصاً من قبل الإعلام المصري الذي أشادت صحفه بإزاحة «كابوس الإخوان».
وقال مايكل هانا من معهد «سينتشري فاونديشين» الأمريكي إن «الاستقطاب يزداد حدة» بعد سقوط العدد الكبير من الضحايا.
وأضاف «إن استخدام الجيش لهذا الحد من العنف في انقضاضه (على الاعتصامين) يجعل من إمكانية التوصل إلى تسوية قريبة المدى بالنسبة إلى مؤيدي مرسي أمراً مستحيلاً، ما يعني أن ممارسة مزيد من القمع قد تكون أمراً لا مفر منه».
وقد أكدت جماعة الإخوان المسلمين، التي ينتمي إليها الرئيس المعزول محمد مرسي، الاستمرار في موقفها المتشدد من السلطات الجديدة داعية إلى مسيرة جديدة في القاهرة.
ويرى نبيل عبد الفتاح المحلل في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية أن مؤيدي مرسي «سيواصلون التظاهر، ويقيمون الاعتصامات في عدة مدن، وربما في محافظات مختلفة».
ويشير إلى أن مؤيدي مرسي سيحاولون «إظهار الحكومة بصورة العاجزة عن السيطرة على البلاد، والإخوان المسلمين بصورة المجموعة الأكثر قوة وشعبية في مصر، وهو ما يؤمنون به».
على الصعيد المحلي، فقد خسرت الحكومة المدعومة من الجيش دعم شخصية رئيسية مع استقالة نائب الرئيس محمد البرادعي.
ورغم ذلك، يرى محللون أن الحكومة لاتزال تستطيع الاعتماد على الدعم الشعبي.
ويقول المحلل السياسي المصري حسن نافعة إن «المسألة الحقيقية تكمن في كيفية نظر المصريين إلى الإخوان المسلمين»، مضيفاً أن «غالبية المصريين ينظرون إليهم بطريقة سلبية ويلقون باللوم عليهم في ما يتعلق بالظروف التي نعيشها».
ويشير عبدالفتاح إلى أن هذا التوجه سيقود حتماً إلى إحداث تغيير في تكتيكات جماعة الإخوان.
ويوضح «هناك معتدلون بين الإخوان المسلمين، وعندما تعود مصر إلى مرحلة الاستقرار الجزئي، ستدور نقاشات داخل الجماعة حول أخطائها».
غير أن محللين آخرين أبدوا تفاؤلاً أقل حيال الوضع الحالي، محذرين من عملية مطاردة لمؤيدي مرسي.
وقال نافعة «أخشى أن تطلق الحكومة الآن سياسة انتقامية ضد الإخوان المسلمين، الأمر الذي سيغلق الباب أمام أي تغيير سياسي، ما يعني بالطبع حمام دم جديد».
وتابع أن «على الحكومة أن تقنع المعتدلين بين الإخوان المسلمين بأن أمامهم دوراً سياسياً ليلعبوه في المستقبل».
لكن هانا رأى أن قيادة البلاد تبدو بعيدة عن هذا المسار، موضحاً «لقد اختاروا الحل الأمني، وأعتقد أنهم سيتمسكون به لأنهم يملكون الآن العذر لذلك».
وحذر هانا من اعتداءات يشنها متطرفون في سيناء حيث تهاجم جماعات مسلحة بشكل يومي منشآت عسكرية، إلى جانب تزايد الاعتداءات الطائفية خصوصاً ضد الكنائس.
وأوضح «لا نحتاج إلى مخيلة واسعة حتى نبدأ بترقب عمليات اغتيال، عمليات كر وفر ضد الشرطة، وحتى هجمات انتحارية».
وتابع «كل ذلك يعني أنه من الصعب تخيل عودة قريبة للأمور إلى طبيعتها».