غادر الحياة الداعية الكويتي الشهير عبدالرحمن السميط «رجل القارة الأفريقية» بعد صراع طويل مع المرض وعن عمر ناهز 66 عاماً، قضى منها شطراً كبيراً في الإغاثة والدعوة إلى الله في القارة السمراء.
وتأثرت الأوساط الكويتية والخليجية بخبر وفاة الداعية السميط، الذي ترك حياة الراحة والدعة وأقام في أفريقيا مع زوجته في بيت متواضع بقرية مناكارا بجوار قبائل الأنتيمور، يمارسان الدعوة للإسلام بنفسيهما دعوة طابعها العمل الإنساني الخالص الذي يكرس مبدأ الرحمة فيجتذب ألوف الناس لدين الإسلام ويعيشان بين الناس في القرى والغابات ويقدمان لهم الخدمات الطبية والاجتماعية التعليمية، بل زرع السميط حب العطاء وفن القيادة في من حوله، وكان من أبرز من التقط هذا المنهج حرمه أم صهيب التي تبرعت بجميع إرثها لصالح العمل الخيري.
بدأ السميط عمله الخيري والدعوي والتنموي بدايات بسيطة في دولة الكويت حيث غلفه بطموحات كبرى، وكان ذلك أواخر السبعينات، وكما هي العادة الدنيوية والنواميس الكونية للبدايات ففيها تكون التحديات والصعوبات والأبواب المغلقة، ثلاث أشهر من العمل الشاق والجاد والتواصل الكبير مع الناس في بلد غني مثل الكويت، ومع ذلك جمع السميط ألف دولار فقط، خاب أمله بداية ولكنه لم يرفع الراية البيضاء، ولكن غير الاستراتيجية فتحول من مخاطبة الأغنياء والأثرياء إلى مخاطبة الطبقة الوسطى، وتحديداً الشريحة النسوية، فكانت كنز السميط المفقود، ففتحت عليه أبواب الخير بعد ثلاثة أشهر عجاف، وانطلق بكل قوة نحو حلمه في تنمية وتغيير وتطوير القارة السمراء، ذلك المكان الموحش للبعض، ولكنه للأنفس التواقة التي تعشق التحدي والمغامرة وتطلبها، وكان ذلك النجاح الرهيب والمدوي بكل المقاييس، فكان يجمع التبرعات من الناس العادية ويوزعها على فقراء القارة السمراء.
ويعتبر الداعية الدكتور عبدرالرحمن السميط، من الشخصيات البارزة في مجال الخير ومساعدة المحتاجين والفقراء، وعاش أكثر من 25 عاماً متنقلاً في عدة دول أفريقية وآسيوية ضمن العمل التطوعي، واشتهر السميط بدعوته للقبائل الأفريقية في مالاوي والكونغو والسنغال والنيجر وسيراليون وغيرها إلى الإسلام.
أسس السميط جمعية العون المباشر - لجنة مسلمي أفريقيا سابقاً ـ وتولى رئاسة مجلس إدارتها.
كانت بدايته كطبيب متخصص في الأمراض الباطنية والجهاز الهضمي، لكنه شعر أنه يستطيع أن يعطي أكثر، وأن هناك من هم أكثر حاجة وبخاصة «الفقراء والمعوزين»، فترك وظيفته ليتفرغ إلى عمله التطوعي، فبدأ بالترحال إلى الدول الأفريقية.
وتركز جل نشاطه من خلال لجنة مسلمي أفريقيا بعد أن وضعت أجندة خيرية تنطلق في مسارات عدة منها انتشال الأطفال من الفقر وبناء الآبار والمدارس والمستشفيات والمنازل.
أسلم على يديه وعبر جهوده وجهود فريق العمل الطموح الذي يرافقه أكثر من 7 ملايين شخص في قارة أفريقيا فقط، وأصبحت جمعية العون المباشر التي أسسها هناك أكبر منظمة عالمية في أفريقيا كلها، يدرس في منشآتها التعليمية أكثر من نصف مليون طالب وتملك أكثر من أربع جامعات وعدداً كبيراً من الإذاعات والمطبوعات وحفرت وأسست أكثر من 8600 بئر، وأعدت ودربت أكثر من 4 آلاف داعية ومعلم ومفكر خلال هذه الفترة وقلب الآلاف من طالبي الصدقة والزكاة إلى منفقين لها بكل جدارة فقد طبق المنهج الإسلامي الواسع في التنمية المستدامة للأمم والشعوب.
أسلمت هذه الأعداد لما رأوا من أخلاق السميط وحبه للفقراء في وقت كانت فيه بعض الجمعيات التبشيرية البروتستنتية لا تعطي الطعام أو تعالج الفقراء إلا بشرط دخولهم في المسيحية، بل كان يعرف أن السميط سكن في هذه المنطقة الأفريقية أو زار تلك من خلال التغييرات التي حصلت فيها.
والسميط لديه قناعة قارة في نفسه هي أن المسلمين وصلوا إلى أفريقيا قبل أن يصلوا إلى المدينة المنورة، فهناك ـ كما يوضح هو ـ مسجد في جزيرة بتي في كينيا عمره 1320 سنة، هناك مسجد في زنجبار اكتشفته بعثة بريطانية عمره 1370 سنة ومازالت حتى الآن إطلالة شاهدة، هناك عشرات بل مئات المساجد موجودة في أفريقيا، خصوصاً في الساحل الشرقي ـ الذي أبدى السميط اهتماماً كبيراً فيه ـ عمرها أكثر من ألف سنة.