كتب - محرر الشؤون المحلية:
كشفت تصريحات ممثل «الجمعيات الست» بحوار التوافق الوطني جميل كاظم وتعليقه على السفور وربط أماكن الرذيلة بالشيوعيين، نظرة جمعية «الوفاق» الحقيقية لحلفائها اليساريين، الأمر الذي فضح مواقف رجال الدين الشيعة من الليبرالية، ومواقفهم المبطنة ضد الدولة المدنية بتوجهاتهم الطائفية.
وتواجه المعارضة الراديكالية في البحرين مأزقاً بسبب مزاعمها بتبني «الدولة المدنية»، فيما تبدو حقيقة الأيديولوجيا والممارسات السياسية للجمعيات التابعة لها، أكثر وضوحاً في تناقضها مع دولة القانون والمؤسسات، والتعددية بوصفها من أهم أسس الدولة المدنية.
ومرت مزاعم الدولة المدنية بالعديد من الامتحانات في الواقع السياسي البحريني أثبتت جميعها بحسب مراقبين أن قوى المعارضة الراديكالية تتبع مبدأ «الغاية تبرر الوسيلة»، حين تعلن مطالبتها بدولة مدنية، وتتحالف مع جمعيات أخرى تعد النقيض الفكري والعقائدي لما تحمله من أيدلوجيا، باعتبارهم مجرد أدوات للوصول إلى السلطة، لتصبح بعد ذلك خارج اللعبة وقد تتعرض حتى للتصفية، بحسب تجارب تاريخية. ومن المعلوم أن قائد «الثورة الإسلامية» في إيران الخميني تحالف مع اليساريين والعلمانيين قبل وأثناء ثورته، وكان لهم دور بارز في إسقاط نظام الشاه، حتى تمكن منهم بعد ذلك ونجح في الخلاص منهم وأعدم المئات بغطاء ثوري وديني ومذهبي.
ويقوم الفكر الشيعي الإمامي أساساً على الانقياد الكامل للإمام المعصوم المنصوص عليه من نسل سيدنا الحسين - رضي الله عنه، وبالتالي واجه الشيعة الإمامية مشكلة بسبب غيبة هذا الإمام، مما دفع البعض من أمثال الخميني إلى ابتكار نظام الولي الفقيه، لكن هذا النظام أعطى رجل الدين صفة النائب عن الإمام مما جعل النظام الإيراني الحالي أقرب إلى الثيوقراطية أي الحكم باسم الإله وهو ما يعد نقيضاً لمفهوم الدولة المدنية.
وتدعي جمعية الوفاق ومثيلاتها من المعارضة الراديكالية إيمانها بالدولة المدنية وحاولت مراراً التمسح في تجارب بعض الدول العربية والإسلامية الأخرى.
ومن الجدير بالذكر أن مفكراً شيعياً بارزاً هو محمد مهدي شمس الدين هاجم نظام الولي الفقيه ووصفه بأنه «استبداد باسم الدين» وطرح نظرية لم تحظ بالتطبيق، تقوم على «تولي الأمة مقدراتها السياسية خلال غيبة المعصوم، وتبني الأمة لنفسها نظامها السياسي على أساس الشورى، وليس الفقه شرطاً لرئاسة الدولة أو الحكومة الإسلامية المنتخبة».
ولم يعرف عن الجماعات الراديكالية في البحرين تبنيها لمثل هذه الأطروحات، بل عرف عنها علاقاتها الوثيقة بنظام إيران وفرعه في لبنان الذي يقول زعيمه نصرالله «نحن ملزمون باتباع الولي الفقيه، ولا يجوز مخالفته، فولاية الفقيه كولاية النبي والإمام المعصوم، وولاية النبي والإمام المعصوم واجبة، ولذلك فإن ولاية الفقيه واجبة، والذي يرد على الولي الفقيه حكمه فإنه يرد على الله وعلى أهل البيت»، إضافة إلى العلاقات القوية واللقاءات المتكررة للوفاق مع أتباع إيران في النظام العراقي.
وقدمت «الوفاق» مثالاً عملياً واضحاً لمقولة «الطبع يغلب التطبع» من خلال الإساءات المتكررة التي صدرت ومازالت من ممثليها في الحوار الوطني، بينها عدم القدرة على تحمل الرأي المخالف، والمسارعة إلى توجيه الإهانات لمختلف الأطراف وصلت حد البذاءة. وكان لافتاً أن آخر تلك الإساءات طالت حلفاءهم، حين لم يتحمل جميل كاظم أن يقترب شيوعي من «طهارة العمامة»، مما يثير كثيراً من التساؤلات عن حقيقة نظرة «الوفاق» لحلفائها من الليبراليين واليساريين، بوصفهم أيضاً شركاء في الدولة المدنية، ودوافع الاصطفاف مع حليف بهذا «الرجس».
ويشهد تقديس جمعية «الوفاق» وأتباعها لكل ما يصدر عن مرجعيتها الدينية عيسى قاسم بشكل يتجاوز الدور الديني إلى الوصاية الكاملة للقرار السياسي، على خلل كبير في مفهوم الوفاق للمدنية والديمقراطية ودولة المؤسسات. وعملت الوفاق على تجاوز أحكام القضاء في ما يتعلق بقضايا التخريب والإرهاب، وهو ما يناقض سيادة القانون، إضافة إلى استخفافها بحق المواطنين في المشاركة في العملية الانتخابية والمزاعم حول تمثيلها هي وحدها للشعب.