ما من ناجين في زملكا، ومن بقي هناك مصابون ويمكن وضعهم في خانة «مشاريع موتى» وليس ناجين، حتى إن تنسيقية زملكا كتبت: «نعتذر عن أي صورة من زملكا.. لم يبقَ أحد من الكادر الإعلامي يقوم بالتصوير جميعهم بين مصاب وشهيد». «فراس. ع» واحد من الكادر الإعلامي في زملكا ذو 23 عاماً، أصيب هو الآخر، وفقد في المجزرة أخواله وزوجاتهم وأولادهم، ويقول فراس: «سقط أول صاروخ في منطقة تسمى المزرعة، وضجت البلدة كلها بعبارة واحدة «كيماوي.. كيماوي»، وركضت الناس بشكل جنوني، أب يحمل ابنه، وآخر أمسك بيد اثنين أو ثلاثة من أولاده، وأم تصرخ باسم طفلتها التي ضاعت ما بين الناس، ولكن معظم أولئك لم ينجُ من الموت، سقطوا بأغلبيتهم بعد بضع خطوات من منازلهم، حتى المسعفين، ورغم أنهم وضعوا كمامات، فإنها لم تنفعهم كثيراً وأصيب الكثيرون منهم، وشباب التنسيقية والكادر الإعلامي أصيب بالكامل، منهم من ودع الحياة وهو يحاول إسعاف مصاب، ومنهم من سقط مصاباً بانتظار من يسعفه».
ويتابع فراس: «العديد من العائلات ماتت وهي نائمة، وربما كانت محظوظة تلك العائلات، لأنها لم ترَ الأهوال التي رآها الآخرون، ولم تتعثر بالجثث في شوارع زملكا، وإنما تابعت نومها دون أن يستيقظ أحد أفرادها ليجد نفسه وحيداً بلا عائلة في هذا العالم».
يقول مراد وهو أحد المسعفين وأحد المصابين والفاقد للكثير من أقاربه: «في الساعة الثانية والنصف من بعد منتصف الليل سمعنا أصوات غريبة كانت لإطلاق صواريخ، وسمعنا على اللاسلكيات نداءات تقول نحن نختنق»، ويتابع مراد: «انطلقت بسيارتي وخلال ربع ساعة قمت بإجلاء أكثر من 25 عائلة خارج مدينة زملكا، ولكن الغازات التي استهدفت منطقة سكانية ومكتظة بالسكان عبر أكثر من 8 صواريخ كيميائية جعلت من الهروب أمراً شبه مستحيل، فأخرجنا عدداً من الناس وعند عودتي إلى المدينة بدت لي وكأنها مدينة أشباح، الطرقات ممتلئة بالمصابين، وبدأت السيارات تتوافد من مناطق الغوطة بعد النداءات بالمساجد».
ويقول مراد: «لكثافة الغاز وقلة عددنا كمسعفين فإن جميع من قام بالإسعاف أصيب».
وبحسب مراد فإن في زملكا الآن أكثر من 1000 قتيل، ويؤكد أن جميع سكان زملكا مصابون، وأنه وبحسب آخر إحصائية فإن عدد سكان زملكا المتواجدين فيها 12000 نسمة من أصل 175000، وبعد المجزرة السوداء أصبح الـ 12000 مصابين أو موتى. ويقول الدكتور حسام من الكادر الطبي في الغوطة: «حجم الصدمة كان كبيراً، حتى إن الأشخاص المدربين والأطباء أصيبوا بصدمة ولم يستطيعوا أن يتمالكوا أنفسهم ليتصرفوا بطريقة صحيحة».
ويتابع الدكتور حسام: «أكثر من 6 أطباء وعدد كبير من المسعفين الذين كانوا على تماس مباشر مع الضحايا أصيبوا، ما أدى لحالات وفاة كثيرة بينهم».
«العربية.نت»