تقرير- سلسبيل وليد:
تترقب البحرين زيارة رئيس الوزراء الياباني شينزو أبه، في إطار حرص واهتمام شديدين لتوسيع دائرة التعاون الاقتصادي والاستثمار بين البلدين، وتحقيق مصالح المملكة ودعم جهودها التنموية، خاصة عقب توقيعهما على 13 اتفاقية خلال زيارة سمو ولي العهد الأخيرة إلى طوكيو، فيما يتجه البلدان في المرحلة الحالية نحو تبادل الخبرات والارتقاء بالمشاريع الكبرى المشتركة.
ومضى على علاقات الصداقة البحرينية اليابانية نحو 40 عاماً، شهدت خلالها تطوراً وتقدماً في مختلف المجالات الاقتصادية والسياسية والتعليمية، كما أضحت العلاقات بين صناع القرار في البلدين موضع تقدير واهتمام ونهج المملكة في بناء علاقات متينة مع القوى الاقتصادية الكبرى، بما يعود عليها وعلى شعبها بالنفع والفائدة.
وتعد الزيارة حلقة جديدة في سلسلة مساعٍ وجهود متواصلة يبذلها مجلس الوزراء لتقديم البحرين كوجهة مالية واستثمارية وتجارية رئيسة في المنطقة، تتوفر فيها العديد من المقومات الاستثمارية تمثل نقطة جذب للاستثمارات اليابانية، منها وجود نظام مصرفي حر ومتطور ونظام اتصالات متقدم ومناطق صناعية، فضلاً عن كونها بوابة للسوق الخليجية الضخمة.
المصالح المشتركة
وتشهد العلاقات بين البلدين تطوراً وتقدماً على مختلف الصعد السياسية والاقتصادية والثقافية بفضل رغبة القيادة لدفعها إلى الأمام، ودعم التعاون الثنائي وجعله دائماً في حالة متطورة ومزدهرة بما يصب في مصلحة الشعبين الصديقين، والتي تشكل نموذجاً تتكامل فيه العناصر اللازمة لبناء العلاقات المتينة الراسخة القائمة على الاحترام والمصلحة المتبادلة، والتبادلات الاقتصادية أيضاً حيث إن البحرين تستورد من اليابان الآلات والمعدات والسيارات فيما تصدر لها المنتجات البترولية والألمنيوم.
وتجمع البلدين خصائص وسمات مشتركة، سيما على صعيد تقارب المواقف والتنسيق والتعاون الدائم في المحافل الدولية تجاه الكثير من قضايا السياسة الخارجية، من خلال التأكيد على الرغبة المشتركة في إحلال السلام الشامل والعادل والدائم في منطقة الشرق الأوسط، وضرورة تنسيق المواقف حول القضايا الإقليمية والدولية، فضلاً عن بيئة الانفتاح الاقتصادي المشتركة.
العلاقات السياسية
ولا يخفى أن أمن الخليج العربي أصبح يلقى اهتماماً استراتيجياً غير مسبوق من قبل السياسة الخارجية اليابانية، وتشير الدلائل إلى أن وجود الأساطيل اليابانية في بحر العرب وبحر عمان وباب المندب مؤشر مهم على أهمية الخليج العربي ومضيق هرمز من منظور السياسة الخارجية اليابانية، وعليه باتت اليابان أكثر الدول تركيزاً على أهمية أمن الخليج العربي.
وترتبط البحرين مع اليابان بالعديد من اتفاقات التعاون في مختلف المجالات السياسية والدفاعية، منها مذكرة التفاهم حول المشاورات السياسية بين وزارة خارجية البحرين ونظيرتها اليابانية الموقعة بتاريخ 11 أبريل 2012، ومذكرة التبادلات الدفاعية بين البلدين الموقعة بالتاريخ نفسه، واتفاقية الخدمات الجوية بين البحرين واليابان الموقعة في البحرين بتاريخ 4 مارس 1998.
وشهدت هذه العلاقات تطوراً وتقدماً بفضل رغبة القيادة في البلدين بدفعها قدماً للأمام ودعم التعاون الثنائي وجعله دائماً في حالة متطورة ومزدهرة بما يصب في مصلحة الشعبين الصديقين، وتشكل هذه العلاقات نموذجاً تتكامل فيه كافة العناصر اللازمة لبناء علاقات قوية قائمة على الاحترام والود والمصلحة المتبادلة، فهي على الصعيد السياسي تكتسب عمقاً تاريخياً، يضاف للتعاون عالي المستويات والتنسيق المستمر في مختلف المواقف والقضايا الدولية.
العلاقات الاستراتيجية
وتعكس العلاقات الاستراتيجية بين اليابان والبحرين مدى قوة ومتانة الأرضية الصلبة التي تستند إليها علاقاتهما المشتركة، والتي يرجع تاريخها لعام 1934 مع إرسال أول شحنة نفط بحرينية إلى اليابان عقب اكتشاف النفط بالمملكة سنة 1932، بينما تستورد اليابان من دول الخليج العربي حوالي 75% من احتياجاتها النفطية.
ويتمتع كلا البلدين بمقومات اقتصادية وميزات تنافسية يمكن أن تحقق استثمارات جيدة المصالح المشتركة لشعبيهما الصديقين، إذ تعد اليابان كياناً اقتصادياً وصناعياً متقدماً وثاني أكبر اقتصادات العالم، فيما تشتهر البحرين بأنها مركز مالي ذو سمعة إقليمية وعالمية مرموقة وبيئة استثمارية مؤاتية في واحدة من أكثر المناطق الاقتصادية حيوية وتطوراً ونمواً في منطقة الخليج العربي، ما يجعل من تعزيز التعاون بينهما خياراً استراتيجياً.
ووقعت البحرين مع اليابان اتفاقات اقتصادية منها مذكرة التفاهم حول شراكة استراتيجية شاملة بين بنك اليابان للتعاون الدولي وحكومة البحرين الموقعة بتاريخ 2 يونيو 2009، ومذكرة التعاون بين اللجنة العليا لتقنية المعلومات والاتصالات ووزارة الصناعة والتجارة والهيئة الوطنية للنفط والغاز في البحرين مع وزارة الاقتصاد والتجارة والصناعة في اليابان الموقعة بتاريخ 12 أبريل 2012.
وافتتحت البحرين مكتب مجلس التنمية الاقتصادية لها في اليابان أكتوبر 2000، ثم عقد معهد JCCME بالاشتراك مع صندوق العمل والسفارة اليابانية، مؤتمر الكايزن مايو 2008، بينما تقبل معاهد مثل JCCP و JCCME متدربين من البحرين، حيث إن السياسة الخارجية البحرينية تحرص دائماً نحو الاستفادة من الخبرات التكنولوجية والصناعية اليابانية.
وتتخذ أكثر من 20 شركة يابانية مقراً لأعمالها في البحرين، وتتنوع بين هذه الشركات بين التجارية والصناعية والمالية ومنها شركة كينوشيتا بيرلز ومجموعة أيه بي أيه الفندقية.
التبادل التجاري
وتشير الإحصاءات لوصول حجم التبادلات التجارية بين البحرين واليابان إلى نحو 3.5 مليار دولار، بعدما كانت 3.7 مليار دولار عام 2011، ومن أهم صادرات البحرين إلى اليابان أعمدة وقضبان وبودرة وصفائح وشرائح ولفافات الألمنيوم، منتجات الألياف الزجاجية لمعدات النقل، سرطان البحر، خردة الحديد والصلب، خردة النحاس، والملابس، فيما تتمثل أهم واردات المملكة من اليابان السيارات والشاحنات والرافعات وقطع غيار السيارات، أجزاء الدوائر الكهربائية، الأجهزة الإلكترونية، محركات خارجية غير ثابتة، كلوريد الفينيل، والإسمنت. ووقعت شركة ممتلكات البحرين القابضة مذكرة تفاهم مع شركة إس بي آي للأدوية بالتعاون في قطاع الصناعات الدوائية والبحث والتطوير وإنتاج المواد الصيدلية.
وأسفرت مباحثات حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى أثناء زيارته الرسمية لليابان العام الماضي، عن تعزيز التعاون في مجال التعليم وبحث إنشاء جامعة يابانية في البحرين، وبحث مشروع تحديث مصفاة البحرين للنفط ومضاعفة طاقتها الاستيعابية بكلفة 1,5 مليار دولار.
وبلغ عدد الوكالات التجارية اليابانية المسجلة في البحرين لعام 2010، 129 وكالة في مجال الكهرباء والعطورات والصيدلة والسيارات والصناعة والآلات الكهربائية والإلكترونيات، إضافة إلى 18 فرعاً في مجال البنوك والهندسة والسيارات والملبوسات وفق إحصاءات 2011.
الاتفاقات الثنائية
وتتجه البحرين واليابان حالياً نحو تبادل الخبرات والارتقاء بالمشاريع الكبرى بين الطرفين، سيما عند زيارة سمو ولي العهد الأخيرة إلى اليابان من خلال توقيع البحرين على 13 اتفاقية لتعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين. واحتوت الاتفاقات على قائمة بأسماء الوزارات والمنظمات وشركات القطاع الخاص من مختلف الجوانب التعليمية والاقتصادية والصحية، شملت مذكرة تفاهم بين وزارة التربية والتعليم في البحرين ووزارة التعليم والثقافة والرياضة والعلوم والتكنولوجيا في اليابان للتعاون المتبادل في مجالات البحث والتعليم وتبادل المعلومات وأعضاء هيئة التدريس والمدرسين والطلاب، ومذكرة تفاهم بين وزارة التربية والتعليم في البحرين ومكتبة البرلمان الياباني للتبادل في مجال المكتبات، ومصادر المعرفة والأرشفة الرقمية، واتفاقية بين وزارة الأشغال في البحرين ووزارة الأراضي والبنية التحتية والمواصلات والسياحة في اليابان للتشاور والتعاون من أجل تعزيز إدارة وتطوير شبكات الصرف الصحي. ووقعت مذكرة تفاهم بين مجلس التنمية الاقتصادية وشركة ممتلكات البحرين القابضة وكينوشيتا بيرل ومركز اليابان للتعاون الدولي والمركز الأول للخلية الجذعية في اليابان، لتعزيز وتنشيط صناعة اللؤلؤ في البحرين، ومذكرة تفاهم بين الهيئة الوطنية للنفط والغاز والمؤسسة الوطنية للنفط والغاز والمعادن في اليابان لتطوير الموارد البشرية والتكنولوجيا والتوقعات لقطاع النفط والغاز، ومذكرة تفاهم بين مجموعة ديواني القابضة وشركة إس بي آي للأدوية.
وشملت المذكرات الموقعة بين البلدين، مذكرة تفاهم بين بنك البحرين للتنمية وشركة إس بي آي للأدوية، ومذكرة تفاهم بين شركة ممتلكات البحرين القابضة وشركة إس بي آي للأدوية، واتفاقية بين الكلية الملكية للجراحين في أيرلندا - جامعة البحرين الطبية ومعهد طوكيو للتكنولوجيا، للتعاون بين كليات الطب وكليات هندسة علوم الحياة، واتفاقية بين جامعة البحرين الطبية وشركة إس بي آي للأدوية للتعاون المشترك في مجال البحوث السريرية، ومذكرة تفاهم بين جامعة الخليج العربي وجامعة جونتيندو للتعاون المتكامل والتبادل الأكاديمي والعلمي في مجال البحوث السريرية، واتفاقية بين جامعة الخليج العربي وشركة إس بي آي للأدوية لإجراء أول دراسة سريرية لمرض السكرين، واتفاقية بين جامعة البحرين الطبية وجامعة كوتشي للتعاون في البحوث السريرية، بدءاً بأبحاث السرطان.
التعاون في مجال التعليم
وتجمع البلدين مصالح تعليمية مشتركة، حيث ذهب في عام 1994 حوالي 23 طالباً بحرينياً من خريجي الجامعة إلى اليابان لإكمال بحوثهم ودراساتهم العليا من خلال منحة حكومية يابانية، ووقعت البحرين اتفاقية التعاون الثقافي والتبادل الأكاديمي بين جامعة البحرين وجامعة واسيدا اليابانية أبريل 2001 في طوكيو.
وتم افتتاح مركز الدراسات اليابانية في جامعة البحرين سنة 2000، كما افتتحت دورات مسائية لتدريس اللغة اليابانية عام 1990 ودورات صباحية في جامعة البحرين عام 1991 بدعم ومساندة صندوق نومورا للصداقة البحرينية اليابانية.
وشارك منذ 1998 أكثر من 60 شاباً وشابة من البحرين في برنامج سفينة شباب العالم، وأسسوا الجمعية البحرينية لخريجي برنامج سفينة شباب العالم في مارس سنة 2000، وهم ناشطون في تنمية أواصر الصداقة بين البلدين
ويتوقع خبراء سياسيون واقتصاديون أن تدفع العلاقات المتنامية بين البلدين لمزيد من التنسيق المشترك في المواقف الخارجية والدبلوماسية، فضلاً عن مجالات الاقتصاد والتنمية والتعليم.