وكالات- في الوقت الذي يؤكد فيه نشطاء سوريون تهريبهم لعينات من أنسجة جثث ضحايا الهجوم الكيماوي إلى خارج دمشق، ويحاولون إيصاله لفريق مفتشي الأمم المتحدة المقيم في فندق «فور سيزونس» على بعد بضعة كيلومترات، تتوالى الردود المستنكرة والداعية للتحقق من خلال نتائج هذا الفريق، إلا أن روسيا كعادتها في الدفاع عن النظام السوري، اعتبرت استخدام القوة ضد سوريا غير مقبول.
ونقلت وكالة رويترز عن الأمم المتحدة قولها إن عدد الأطفال السوريين الذين أجبروا على الفرار من منازلهم المدمرة بلغ أمس مليوناً، وهو نصف إجمالي اللاجئين الذين اضطروا للفرار إلى خارج سوريا هرباً من الحرب الأهلية.
وذكرت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين وصندوق الأمم المتحدة للطفولة «يونيسيف»، أن مليوني قاصر آخرين فروا وتحولوا إلى نازحين داخل بلادهم وعادة ما يتعرضون لهجمات أو يجندون كمقاتلين في انتهاك للقانون الإنساني.
وحددت حكومة كردستان العراق 3 آلاف لاجئ سوري يومياً لدخول أراضيها، كي تتمكن من استيعاب أعداد الأكراد الهاربين من الأزمة السورية.
وتقول وكالات المساعدات إنها تبذل أقصى ما بوسعها لاحتواء تدفق اللاجئين السوريين إلى دول الجوار.
عمل استفزازي
وعدت الخارجية الروسية في بيان لها أمس اتهام النظام السوري بالهجوم الكيميائي المفترض «عملاً استفزازياً مسبقاً»، متهمة المعارضة السورية بـ»منع» إجراء تحقيق موضوعي في استخدام أسلحة كيميائية.
وعبرت عن رفضها للدعوات الأوروبية للضغط على الأمم المتحدة من أجل استخدام القوة ضد نظام الرئيس السوري بشار الأسد بعد معلومات عن استخدام أسلحة كيميائية، قائلة «في أجواء موجة جديدة من دعاية إعلامية معادية لسوريا، نعتقد أن دعوات بعض العواصم الأوروبية للضغط على مجلس الأمن الدولي واتخاذ قرار باللجوء إلى القوة من الآن أمور غير مقبولة».
وأضافت أن «روسيا تتابع عن كثب التطورات حول الأسلحة الكيميائية المزعومة» لافتة إلى أن «الأدلة تظهر مزيداً من الشهادات تفيد أن هذا العمل الإجرامي كان طابعه استفزازياً بشكل واضح.. إنه عمل تم التخطيط له مسبقاً».
مضيعة للوقت
وصرح وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ أمس إن الحكومة البريطانية تعتقد أن نظام بشار الأسد يقف وراء الهجوم الكيميائي قرب دمشق خلال الأيام القليلة الماضية، وقال «نعتقد أنه هجوم كيميائي شنه نظام الأسد على نطاق واسع، لكننا نود أن تتمكن الأمم المتحدة من التحقق من ذلك».
ونقلت رويترز عن هيغ قوله «أعرف أن هناك في العالم من يريدون القول إن هذه مؤامرة فعلتها المعارضة في سوريا، وأعتقد أن إمكانية هذا ضئيلة للغاية ولذلك نحن نعتقد أن هذا هجوم كيماوي لنظام الأسد».
وأضاف «التفسير الوحيد الذي استطعنا أن نراه هو هجوم كيماوي.. لا يوجد تفسير آخر معقول لسقوط ضحايا بهذا الكم في منطقة صغيرة كهذه على هذا النطاق».
ومضى يقول إن الهجوم المزعوم «ليس أمراً يستطيع عالم إنساني ومتحضر تجاهله»، وذكر أنه يعتزم إجراء محادثات عاجلة مع الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون ووزير الخارجية الأمريكي جون كيري ووزير خارجية قطر خالد العطية.
وقال وزير الخارجية البريطاني في صفحته الرسمية على تويتر «الوقت له أهمية، كل يوم يمر دون وصول الأمم المتحدة هو يوم تضيع فيه الأدلة أو يطمسها المسؤولون».
رد فعل بالقوة
من جهته قال وزير الخارجية السويدي كارل بيلت إنه شبه متأكد أن سوريا استخدمت أسلحة كيميائية في قصف على مدنيين قرب دمشق.
وكان وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس صرح الخميس بأن فرنسا تريد «رد فعل باستخدام القوة» في حال ثبت وقوع هجوم بالسلاح الكيميائي في سوريا، مستبعداً بشكل قاطع إرسال قوات على الأرض.
وقال فابيوس «في حال ثبت استخدام أسلحة كيميائية فإن موقف فرنسا يقضي بوجوب أن يكون هناك رد فعل»، مشيراً إلى أن «رد الفعل يمكن أن يتخذ شكلاً باستخدام القوة»، وتابع «هناك احتمالات للرد» دون أن يقدم أي توضيحات.
حذر أمريكي
وأكد الرئيس الأمريكي باراك أوباما خلال مقابلة مع شبكة «سي إن إن» أذيعت أمس في أول تصريحات يدلي بها منذ هجوم الأربعاء على ضواحي دمشق، أن أهمية القانون الدولي تكمن في التعامل مع «هجوم بالغاز السام على ما يبدو في سوريا»، وقال إنه يتحرك بحذر نظراً للتكلفة المالية والبشرية للمشاركة في النزاعات الخارجية المعقدة.
وأضاف في المقابلة «ما رأيناه يشير إلى أن هذا حدث جلل ومثار قلق بالغ». ودعا أوباما الرئيس السوري بشار الأسد إلى السماح بأن يجري مفتشو الأمم المتحدة تحقيقاً شاملاً، لكنه اعترف بأنه لا يتوقع هذا التعاون.
وحين سئل عن تصريحه منذ عام الذي قال فيه إن استخدام الأسلحة الكيماوية في سوريا سيكون «خطاً أحمر» عبر أوباما عن حذره.
وقال «إذا ذهبت الولايات المتحدة وهاجمت دولة أخرى دون تفويض من الأمم المتحدة ودون أدلة واضحة يمكن تقديمها، فستكون هناك تساؤلات عما إذا كان القانون الدولي يدعم هذا، وهل لدينا التحالف اللازم لإنجاحه، وكما تعلم هذه اعتبارات يجب أن نضعها في حسباننا».
وأضاف «فكرة أن الولايات المتحدة تستطيع حل ما يعد مشكلة طائفية معقدة داخل سوريا يكون أمراً مبالغاً فيه في بعض الأحيان». ومضى يقول «بدأ هذا يؤثر على بعض المصالح الوطنية الأساسية للولايات المتحدة على صعيد تأكدنا من عدم انتشار أسلحة دمار شامل، وكذلك ضرورة حماية حلفائنا وقواعدنا بالمنطقة، سيتطلب هذا اهتمام أمريكا وآمل اهتمام المجتمع الدولي بالكامل».