كونيتس - (أ ف ب): يؤكد سعيد كاراكلي وهو من هواة رياضة الغطس من أعلى الصخور التي تستقطب كل سنة كبار الغطاسين في منطقة البلقان إلى مدينة كونيتس البوسنية في أغسطس أن «خطأ صغيراً جداً قد يودي بحياة الغطاس».
وقبالة شاطئ هذه المدينة التي تقع على بعد 60 كيلومتراً عن جنوب غرب ساراييفو، هضبة صخرية كبيرة تطل على نهر نيريتفا. وفي أسفل الهضبة، حفرة في الماء يبلغ قطرها متران وعمقها متران على الأقل وهي محاطة بالصخور وتشكل فخاً مخفياً على عمق 30 سنتمتراً. وهذه الحفرة المعروفة بالطنجرة (كازان) لطالما كانت مقصد بواسل المدينة الذين اعتادوا استعراض عضلاتهم فيها منذ زمن بعيد، لكنها باتت منذ 16 عاماً المقصد المفضل لدى كبار الغطاسين من منطقة البلقان. وهم يقفزون من علو 18 متراً، وليس هذا العلو مرتفعاً جداً في رياضة الغطس لكن ينبغي أن يحافظوا على تركيزهم لاستهداف المربع الصغير المحاط بالصخور.
ويشرح سعيد البالغ من العمر 55 عاما أن القفزة تدوم ثانية واحدة أو ثانيتين، وما من وقت لتصحيح الأخطاء. وتجري القفزة «التقليدية» على علو 18 مترا. أما «فقزة الموت»، فتنفذ من قمة الهضبة على علو 25 مترا.
وللمرة الأولى في تاريخ السباحة، أدمجت رياضة الغطس من المرتفعات في بطولة العالم للسباحة التي أقيمت في يوليو الماضي في برشلونة.
غير أن طريقة الغطس المعتمدة في كونيتس لا تندرج في إطار المسابقات الدولية، ويكافأ الغطاسون على شجاعتهم بميداليات غير رسمية.
وسعيد كاراكلي هو اليوم في عداد الحكام الستة الذين يقفون على منصة أرسيت على الشاطئ قبالة الهضبة.
ويتنافس 16 غطاساً من البوسنة وصربيا ومونتينيغرو على نوعين من القفزات.
ويتوجه دانكو دانجبيك (25 عاماً) حامل لقب البطولة منذ 3 سنوات إلى نقطة الانطلاق وسط تصفيق حار وصيحات تشجيع. ثم يعم الصمت المكان. وهو يرفع يده اليسرى ليعلم الحكام بأنه جاهز، ثم يراقب الحفرة لحوالي 10 ثوان قبل أن يغطس وهو يفتح ذراعيه مثل طائر السنونو.
وعندما يخرج من المياه ينظر إلى الحكام ليتأكد من أن غطسته كانت مثالية لا تشوبها شائبة.
ويشرح حامل اللقب المتحدر من كونيتس أن «هذه الغطسة تتطلب تركيزاً كبيراً ولياقة بدنية عالية». وهو يضيف أن «العزم والشجاعة هما من الصفات الرئيسة، فحتى لو كنتم تتمتعون بلياقة بدنية كبيرة، لا يمكنكم القيام بهذه الخطوة إن لم تتحلوا بالشجاعة اللازمة، لأن المسألة مسألة تركيز أكثر من عضلات».
اما دينو باجريك البالغ من العمر 24 عاماً، والحائز الميدالية الفضية في هذه المسابقة، يؤكد أن أكثر ما يعجبه في هذه الرياضة هو زيادة إفرازات الأدرينالين الناجمة عنها. وهو يصرح أنه «تحدي العلو. هذه الحرية التي نشعر بها في الأجواء خلال ثانيتين». ويختم قائلاً: «أشعر بأنني حر طليق مثل الطير».